الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ الآية. قال المفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 153، والسمرقندي في "تفسيره" 1/ 475، والبغوي في "تفسيره" 3/ 131، والزمخشري في "تفسيره" 2/ 7، وابن عطية في "تفسيره" 5/ 134، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 394، وابن كثير في "تفسيره" 2/ 141.]]: (هذه الآية تعزية للنبي ﷺ وتسلية له عما يرى من تكذيب المشركين إياه واستهزائهم به؛ إذ جعل إسوته في ذلك بالأنبياء الذين كانوا قبله، وتحذير المشركين الذين فعلوا بنبيهم ما فعل من قبلهم من مكذبي الرسل فحل بهم العذاب). وقوله تعالى: ﴿فَحَاقَ﴾ قال النضر [[النضر بن شميل المازني، أبو الحسن البصري، توفي سنة 204 هـ تقدمت ترجمته.]]: (يقال: حاق بهم العذاب كأنه وجب عليهم. قال: يقال: حاق العذاب يحيق، فهو حائق) [["تهذيب اللغة" 1/ 708.]]. وقال الليث [[الليث بن نصر بن سيار الخراساني، ويقال: الليث بن المظفر بن نصر بن سيار، إمام لغوي، صاحب نحو وغريب وشعر، ومن أصحاب الخليل، ويقال: إنه هو الذي ألف كتاب "العين". انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 47، و"إنباه الرواة" 3/ 42، == و"معجم الأدباء" 17/ 43، و"إشارة التعيين" ص 277، و"لسان الميزان" 4/ 494، و"البلغة" ص 178.]]: (الحيق: ما حاق بالإنسان من مكر أو سوء بعمله فنزل ذلك به. كقول: أحاق الله بهم مكرهم وحاق بهم مكرهم) [["تهذيب اللغة" 1/ 708، وانظر: "العين" 3/ 256 (حاق).]] سلمة [[سلمة بن عاصم البغدادي، أبو محمد، إمام لغوي نحوي، تقدمت ترجمته.]] عن الفراء في قوله: ﴿وَحَاقَ بِهِمْ﴾ [الأحقاف: 26] هو في كلام العرب عاد عليهم) [["معاني الفراء" 3/ 56، وزاد فيه: (وجاء في التفسير نزل بهم).]]. قال ابن عباس في رواية [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 175 ب والواحدي في "الوسيط" 1/ 13، والبغوي في "تفسيره" 3/ 130 عن عطاء فقط.]] عطاء في قوله تعالى: ﴿فَحَاقَ﴾ (يريد: فحَلَّ) وقال الربيع [[الربيع بن أنس بن زياد البكري البصري نزيل خراسان، تقدمت ترجمته.]]: (نزل) [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 175 ب، والواحدي في "الوسيط" 1/ 13، والبغوي في "تفسيره" 3/ 130.]]. وقال الفراء [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 13 دون (وحيقانا)، ولم أقف عليه في معناه، ولعله من كتاب المصادر المفقود.]]: (يقال: حاق بهم يحيق حيقًا وحيوقًا وحيقانًا، بفتح الحاء والياء) [[انظر: الطبري في "تفسيره" 7/ 154، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 394، و"البحر" 4/ 80، و"الدر المصون" 4/ 546، وفي "القاموس" ص 877. قال: (حاق به يحيق حيقًا وحيوقًا وحيقانًا أحاط به). وانظر: "الصحاح" 4/ 1466، و"المجمل" لابن فارس 1/ 259، و"مقاييس اللغة" 2/ 125، و"المفردات" ص 266، و"اللسان" 2/ 1072 (حاق).]]. قال الضحاك: ﴿فَحَاقَ﴾: (أي: أحاط) [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 175 ب، والواحدي في "الوسيط" 1/ 13، والبغوي في "تفسيره" 3/ 130، وأبو حيان في "البحر" 4/ 80.]]، وهو اختيار الزجاج؛ لأنه قال في قوله: ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [هود: 8]: أي: أحاط بهم العذاب الذي هو جزاء ما كانوا [[في (ش): (ما كانوا به).]] يستهزئون به، كما تقول: أحاط بفلان عمله وأهلكه كسبه، أي: أهلكه جزاء كسبه) [["معاني الزجاج" 2/ 231 - 3/ 41، و"تهذيب اللغة" 1/ 708، وفي "معاني الزجاج" 4/ 275 - قال: (يحيق: يحيط). والأقوال متقاربة، وأكثرهم على أنه بمعنى نزل وأحاط بهم العذاب، قال الرازي 12/ 163: (في تفسيره وجوه كثيرة وهي بأسرها متقاربة) ا. هـ. وانظر "مجاز القرآن" 1/ 185، و"تفسير الطبري" 7/ 154، و"معاني النحاس" 2/ 403، والسمرقندي في "تفسيره" 1/ 275، و"الكاشف" 2/ 7، وابن عطية 5/ 134.]]. قال الأزهري: (جعل أبو إسحاق حاق بمعنى أحاط، وكأن مأخذه من الحوق [[قال السمين في "الدر" 4/ 546: (حاق ألفه منقلبة عن ياء، بدليل يحيق كباع يبيع، والمصدر حيق وحيوق وحيقان، وزعم أنه من الحوق وهو المستدير بالشيء، وهذا ليس بشيء؛ لاختلاف المادة، إلا أن يراد الاشتقاق الأكبر، وأيضًا هو دعوى جردة من غير دليل) ا. هـ. ملخصًا. ونحوه قال أبو حيان في "البحر" 4/ 80، وانظر: "روح المعاني" 7/ 102.]]، وهو ما استدار بالكمرة [[الكمرة، بالفتح: رأس الذكر. انظر: "القاموس" ص 471.]]. قال: وجائز أن يكون الحوق فعلًا من حاق يحيق كأنه كان في الأصل حيقًا فقلبت الياء واوًا لانضمام ما قبلها) [["تهذيب اللغة" 1/ 708 (حاق).]]. وأكثر المفسرين جعلوا الآية من باب حذف المضاف؛ لأنهم قالوا: نزل وأحاط بهم عقوبة ما كانوا به يستهزئون وجزاء ما كانوا به يستهزئون. قال الزجاج: ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر: 43] أي: لا يرجع عاقبة مكرهم إلا عليهم) [["معاني الزجاج" 2/ 231، وفيه: (أي لا ترجع عاقبة مكروهة إلا عليهم) ا. هـ.]]، وهذا إذا جعلت ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ عبارة عن القرآن والشريعة وما جاء به النبي ﷺ، وإن جعلت ﴿مَا﴾ عبارة عن العذاب الذي كان [[في (أ): (الذي كانوا).]] يوعدهم به النبي ﷺ إن لم يؤمنوا استغنيت عن تقدير حذف المضاف، ويكون المعنى: فحاق بهم الذي كانوا يستهزئون به من العذاب وينكرون وقوعه [[انظر: الرازي في "تفسيره" 12/ 163، وذكر قول الواحدي السمين في "الدر" 4/ 6547، و (ما) في قوله: ﴿مَا كَانُوا﴾ موصولة ولا حاجة إلى الإضمار والمعنى، نزل بهم العذاب الذي كانوا يستهزئون به وهو ظاهر كلام الطبري في "تفسيره" 7/ 153، والزمخشري 2/ 7، ورجحه أبو حيان 4/ 80، وذكر الألوسي في "روح المعاني" 7/ 102، أن هذا اختيار الواحدي، وقال بعضهم: (ما) مصدرية، والمعنى: نزل بهم عاقبة أو جزاء أو وبال استهزائهم. "إعراب النحاس" 1/ 537، و"المشكل" 1/ 246، و"البيان" 1/ 314، و"التبيان" ص 323، و"الفريد" 2/ 124.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب