الباحث القرآني

﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِن قَبْلِكَ﴾ تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَمّا يَلْقاهُ مِن قَوْمِهِ، وفي تَصْدِيرِ الجُمْلَةِ بِلامِ القَسَمِ وحَرْفِ التَّحْقِيقِ مِنَ الاعْتِناءِ بِها ما لا يَخْفى، وتَنْوِينُ رُسُلٍ لِلتَّفْخِيمِ والتَّكْثِيرِ، و" ﴿مِن﴾ " ابْتِدائِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً لِرُسُلٍ؛ أيْ: وبِاللَّهِ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ أُولِي شَأْنٍ خَطِيرٍ وذَوِي عَدَدٍ كَبِيرٍ، كائِنِينَ مِن زَمانٍ قَبْلِ زَمانِكَ، عَلى حَذْفِ المُضافِ وإقامَةِ المُضافِ إلَيْهِ مَقامَهُ. ﴿فَحاقَ﴾ عَقِيبَهُ؛ أيْ: أحاطَ، أوْ نَزَلَ، أوْ حَلَّ، أوْ نَحْوُ ذَلِكَ؛ فَإنَّ مَعْناهُ يَدُورُ عَلى الشُّمُولِ واللُّزُومِ، ولا يَكادُ يُسْتَعْمَلُ إلّا في الشَّرِّ. والحَيْقُ: ما يَشْتَمِلُ عَلى الإنْسانِ مِن مَكْرُوهِ فِعْلِهِ. وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنهُمْ﴾؛ أيِ: اسْتَهْزَؤُا بِهِمْ مِن أُولَئِكَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، مُتَعَلِّقٌ بِحاقَ. وَتَقْدِيمُهُ عَلى فاعِلِهِ الَّذِي هو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ لِلْمُسارَعَةِ إلى بَيانِ لُحُوقِ الشَّرِّ بِهِمْ، و" ما " إمّا مَوْصُولَةٌ مُفِيدَةٌ لِلتَّهْوِيلِ؛ أيْ: فَأحاطَ بِهِمُ الَّذِي كانُوا يَسْتَهْزِءُونَ بِهِ، حَيْثُ أُهْلِكُوا لِأجْلِهِ، وإمّا مَصْدَرِيَّةٌ؛ أيْ: فَنَزَلَ بِهِمْ وبالُ اسْتِهْزائِهِمْ، وتَقْدِيمُ الجارِّ والمَجْرُورِ عَلى الفِعْلِ لِرِعايَةِ الفَواصِلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب