الباحث القرآني

ولَمّا قَطَعَ الرَّجاءَ لِهِدايَةِ مَن حَكَمَ بِشَقاوَتِهِ، وكانَ طَلَبُهم لِإنْزالِ المَلَكِ ونَحْوِهِ إنَّما هو عَلى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ والِاسْتِهْزاءِ، وكانَ ذَلِكَ يَشُقُّ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - غايَةَ المَشَقَّةِ - التَفَتَتْ النَّفْسُ إلى الإراحَةِ مِنهم وتَوَقَّعَتْهُ لِما تَقَدَّمَ مِن مَظاهِرِ العَظَمَةِ، فَأخْبَرَهُ أنَّهُ فاعِلٌ ذَلِكَ في سِياقٍ مُتَكَفِّلٍ بِتَسْلِيَتِهِ، وأنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ سُنَّتَهُ فِيمَن فَعَلَ فِعْلَهم، فَقالَ - عاطِفًا عَلى قَوْلِهِ ﴿فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أنْباءُ﴾ [الأنعام: ٥] -: ﴿ولَقَدِ﴾ أيْ: هَذا مِنهم إنَّما هو اسْتِهْزاءٌ بِكَ ﴿ولَقَدِ اسْتُهْزِئَ﴾ أيْ: أُوقِعَ الهَزْءُ وأُوجِدَ مِنَ الأُمَمِ، وبُنِيَ لِلْمَفْعُولِ لِأنَّ المَنكِيَّ الِاسْتِهْزاءُ، لا كَوْنُهُ مِن مُعَيَّنٍ، وإشارَةً إلى أنَّهُ كانَ يَقَعُ لَهم ذَلِكَ مِنَ الأعْلى والأدْنى ﴿بِرُسُلٍ﴾ ولَمّا كانَ القُرْبُ في الزَّمَنِ في مِثْلِ هَذا مِمّا يُسَلِّي، وكانَ كُلٌّ مِنَ الِاسْتِهْزاءِ والإرْسالِ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الزَّمَنَ، أدْخَلَ الجارَّ فَقالَ: ﴿مِن قَبْلِكَ﴾ فَأهْلَكْنا مَن هَزَأ بِهِمْ، وهو مَعْنى ﴿فَحاقَ﴾ أيْ: فَأحاطَ (p-٢٩)﴿بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنهُمْ﴾ أيْ: مِن أُولَئِكَ الرُّسُلِ ﴿ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أيْ: مِنَ العَذابِ الَّذِي كانُوا يَتَوَعَّدُونَ بِهِ، وكانَ سَبَبًا لِهَزْئِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب