الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾. قال المفسرون: أي أتطلب اليهود في الزانيين حكما لم يأمر الله عز وجل به وهم أهل الكتاب، كما يفعل أهل الجاهلية [["معاني الزجاج" 2/ 180، وانظر: "زاد المسير" 2/ 376، "التفسير الكبير" 12/ 15.]]. قال ابن عباس: يعني بحكم الجاهلية ما كانوا من الضلالة والجور في الأحكام، وتحريفهم إياها عما كانت عليه [[لم أقف عليه.]]. وقال بعضهم: إنهم كانوا إذا وجب الحكم على ضعفائهم ألزموهم إياه، وإذا وجب على أقويائهم لم يأخذوهم به، فقيل لهم: أفحكم عبدة الأوثان تبغون وأنتم أهل كتاب؟ وكفى بذلك خزيًا أن يحكم بما يوجبه الجهل دون ما يوجبه العلم [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 274، "التفسير الكبير" 12/ 15، القرطبي في "تفسيره" 6/ 214.]]. وقال مقاتل: كانت بين قريظة والنضير دماء قبل أن يبعث الله محمدًا، فلما بعث تحاكموا إليه، فقالت بنو قريظة: إخواننا بنو النضير أبُونا واحد، وديننا وكتابنا واحد، فإن قتل أهل النضير منا قتيلًا أعطونا سبعين وسقا من تمر، وإن قتلنا منهم واحداً أخذوا منا مائة وأربعين وسقًا، وأرش جراحاتنا على النصف من أرش جراحاتهم، فاقض بيننا وبينهم، قال رسول الله ﷺ: "فإني أحكم دم القُرَظي وفاءٌ من دم النُضَيري، ودم النُّضَيري وفاءٌ من دم القُرَظي، ليس لأحدهما فضل على الآخر في دم ولا عقل ولا جراحة"، فغضب بنو النضير وقالوا: لا نرضى بحكمك، فإنك لنا عدو، وإنك ما تألو في وضعنا وتصغيرنا، فأنزل الله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ يعني حكمهم الأول [["تفسير مقاتل" 1/ 479، 480 بنحوه، وانظر: "التفسير الكبير" 12/ 15. وقد جاء نحو ذلك عن ابن عباس من طريق أبي صالح -وهي ضعيفة- عنه ذكر ذلك ابن الجوزي "زاد المسير" 2/ 376، وانظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 274.]]. وقرأ ابن عامر (تَبغُون [[ساقط من (ج).]]) بالتاء [["الحجة" 3/ 228، "التيسير" ص 99.]]، على معنى: قل لهم يا محمد: أفحكم الجاهلية تبغون [["الحجة" 3/ 228.]]. والقراءة بالياء أظهر، لجري الكلام على ظاهره واستقامته عليه من غير تقدير إضمار، على أن نحو هذا الإضمار لا ينكر لكثرته [["الحجة" 3/ 228، 229 بتصرف.]]. وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50]. قال الزجاج: أي من أيقن تبين عدل الله في حكمه [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 181، وانظر: "معاني النحاس" 2/ 321، "زاد المسير" 2/ 376.]]. وقال [[في (ش): (قال).]] بعض أصحاب المعاني: معناه: عند قوم يوقنون بالله وبحكمته، فأقيمت اللام مقام عند، وهذا جائز في اللغة إذا تقاربت المعاني [[ذكر هذا القول أبو حيان في "البحر المحيط" 3/ 505، لكنه قال: وهذا ضعيف، وانظر "الدر المصون" 4/ 229.]]. فإذا قيل: الحكم لهم فلأنهم يستحسونه، فكأنه إنما جعل لهم خاصة، وإذا قيل: عندهم؛ فلأن عندهم العلم بصحته.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب