الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: لِيُظْهِرَهم [[هكذا في (أ)، (ب): (لِيُظْهرهم) -بالظاء-. وفي (ج): (ليطهِّرهم) -بالطاء-. وهي أوْلى. إلّا أنَّ الأولَى، وهي (لِيظْهِرَهم) تدخل في المعنى المراد من التمحيص. جاء في "اللسان" (.. وقد أمْحَصَت الشمسُ؛ أي: ظهرت من الكسوف وانجلت) 7/ 4145 (محص).
وقد قال المؤلف -فيما سيأتي- عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [آية: 154]: (قد ذكرنا للتمحيص ثلاثة معانٍ، عند قوله تعالى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾: التطهير، والكشف، والابتلاء.
وهذا القول يعزز ما جاء في نسخة (ج)؛ لأن التطهير مصدر لـ (طهَّر)، إلا أنِّي آثرت أن أبقِيَ ما في نسختي (أ)، (ب)؛ لأن الكلمة وردت فيهما مضبوطة بالشكل، واضحة، فكأن الناسخ أراد بشَكْلها أن يُنَبِّهنا إلى رسمها.]] مِن ذنوبهم، وُيسْقِطَها عنهم. وتأويل (المَحْص) [-في اللغة-: التَّنْقِيَةُ والتَّخْلِيص [[في (ب): (والتلخيص).]]] [[ما بين المعقوفين مطموس في (أ)، والمثبت من: (ب)، (ج) و"معاني القرآن"، للزجاج، حيث وردت العبارة فيه.]].
قرأت على سَعِيد بن محمد الحِيري، فقلت: أَخْبَرَكم أبو علي الفارسي، عن الزجَّاج، قال: سمعت المبَرِّد يقول: (مَحَصَ [[هكذا ضبطت في (أ): (مَحَصَ) -بفتح الحاء-. وكذا وردت في "معاني == القرآن"، للزجاج 1/ 471. أمّا في (ب)، (ج) فأهمِلَت من الشَّكْل. وفي "التهذيب" 4/ 3350، و"اللسان" 7/ 4145 فقد وردت فيهما: (مَحِصَ) -بكسر الحاء-.]] الحبْلُ، يَمْحَصُ، مَحْصًا) [[(أ)، (ب)، (ج): (محصا) مُهْمَلة من الشَّكْل. وضَبَطْتُها من: "معاني القرآن"، للزجاج 1/ 471، و"التهذيب" 4/ 3350 حيث نقل نَصَّ الزجاج، و"الدر المصون" 3/ 407 حيث نقل هذا النص عن الواحدي. أمّا في: "الزاهر" 1/ 108، و"اللسان" 7/ 4145 فقد وردت فيها: (مَحَصًا) -بفتح الحاء-.]]: إذا ذهب زِئْبِرُهُ [[(أ)، (ب)، (ج): زبيره وفي "معاني القرآن" للزجاج: (إذا ذهب منه الوبَرُ). وقد وردت (زبيره) في: "عمدة الحفاظ" للسمين الحلبي: 536 إلا أني لم أجدها في كتب اللغة الأخرى التي رجعت إليها. وقد ذكرها السمين الحلبي -نفسه- في: "الدر المصون" 3/ 407 (زئبره) وفق ما أثبَتُّهُ.
والمثبت من كتب اللغة. انظر: "مقاييس اللغة" 5/ 300 (محص)، و"اللسان" 7/ 4145، و"الدر المصون" 3/ 407.
الزِّئْبِرُ -بكسر الباء، وقد يضمها بعضُهم-: هو ما يظهر من درز الثوب. وهو الزَّغَب والوَبَر الذي يعلو المنسوجات. انظر: "التاج" 6/ 449 (زأبر)، و"المعجم الوسيط" 1/ 388 (زأبر).]] حتَّى [يَمَّلِصَ] [[ما بين المعقوفين مطموس في (أ). والمثبت من (ب)، (ج). وهي فيهما غير مشكولة.
وفي "معاني القرآن"، للزجاج وردت: (يَمْلَصَ). وقد ضبطْتُها بالشكل من: "تهذيب اللغة" 4/ 3350 (محص)، و"اللسان" 7/ 4145 (محص). وهي الصواب.
ويَمَّلص: يَنْزَلِقُ من اليد. والمَلَص: الزَّلَق. يقال: (مَلِصَ مَلَصًا)، (فهو أمْلَصُ، ومَلِصٌ، ومَلِيصٌ).
قال في: "اللسان" (و (امَّلَصَ، وتَمَلَّص): زَلَّ انسلالًا لِمَلاسَتِهِ. وخصَّ اللِّحيانيُّ به الرِّشاءَ، والعِنان، والحبل، قال: و (انمَلَص الشيءُ): أفْلَتَ. وتُدْغمُ النون في المِيمِ) 7/ 4262 (ملص).]]
و (حبْلٌ مَحِصٌ، ومَلِصٌ)، بمعنًى واحدٍ [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 471، و"الزاهر" 1/ 108، و"تهذيب اللغة" == 4/ 3350 (محص)، و"اللسان" 7/ 4145، و"الدر المصون" 3/ 407.]].
قال [[القائل هو الزجاج، ويروي المؤلفُ قولَه هذا بسنده السابق، وقول الزجاج -بنصه- في: "معاني القرآن" له 1/ 472. قال الزجاج: (ويقال: ..) وذكره.]]: ويُسْتَحَبُّ مِن الفَرسِ أنْ تَمْحَصَ [[في (ب): (يملص). وفي "معاني القرآن" (تُمَحَّصَ). وما أثبتُّه ورد كذلك في: "تهذيب اللغة" 4/ 3350 (محص) حيث نقل نَصَّ الزجاج. و"الدر المصون" 3/ 407 حيث نقل نَصَّ المؤلف (الواحدي). وورد في "اللسان" 7/ 4145 (محص) قوله: (أنْ تُمْحَصَ) -بضم التاء-.]] قوائِمُهُ؛ أي [[في (ب)، (ج): (أن).]]: تَخْلُصَ من الرَّهَلِ [[في (ب): (الرها). والرَّهل -هنا-: استرخاء اللحم مِنْ سِمَنٍ. يقال: (رَهِلَ اللحم، يَرْهَلُ، رَهَلًا)، فهو (رَهِلٌ): إذا استرخى واضطرب.
انظر (رهل) في: "جمهرة اللغة" 802، و"المجمل" 403، و"اللسان" 3/ 1756.]]. وأنشد [[في (ج): (أنشد) -بدون واو-.]] ابنُ الأنباريِّ [[في "الزاهر" 1/ 107.]] -على هذا- لأبي دُوَاد [[قال البغدادي: (وأبو دُوَاد، بدالين مهملتين، أوْلاهما مضموم، بعدها واو). "خزانة الأدب" 9/ 590. وكذا كُتِب في "الأصمعيات" 185. أما في المصادر التالية، فقد ورد (دُؤاد).
وهو: أبو دؤاد الإيادي، جارية بن الحجَّاج، وقيل: جُوَيْرِية بن الحجاج، وقيل: حنظلة بن الشَّرْفي.]]، يَصِف قوائمَ الفرس:
صُمِّ النُّسُورِ صِحاحٌ غيرُ عاثِرَةٍ ... رُكِّبْنَ في مَحِصَاتٍ مُلْتَقَى العَصَبِ [[البيت في "ديوانه" 285. وورد منسوبًا له في "الزاهر" 1/ 107، وورد غير منسوب في "الدر المصون" 3/ 408. وقد وردت روايته في المصادر السابقة: (.. صِحاحٍ غيرِ عاثرةٍ ..) - بكسمِ (صِحاحٍ)، و (غيرِ).
قال ابن الأنباري: (النُّسْور: اللحم الذي في باطن الحافر، يشبه النوى، واحدها: نَسْر). "الزاهر" 1/ 107.]] قوله: (في مَحِصَات)؛ معناه: في قوائمَ مُتَجَرِّداتٍ عن اللحم، ليس فيها إلا العَظْمُ، والعَصَبُ، والجِلْدُ [[انظر: المصدر السابق. وورد فيه: (.. من العظم، والجلد، والعصب).]].
قال المُبرِّد [[قوله في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 471.]]: وتأويل قول الناس: (مَحِّصْ عنَّا ذُنُوبَنا)؛ أي: أذهب [[في "معاني القرآن" أذهب هنا.]] ما تَعَلَّقَ بنا مِنَ الذُّنُوب.
وهذا الذي ذكره المبرِّدُ، تأويل (المَحَصِ) -بفتح الحاء-، وهو واقعٌ [[الفعل الواقع هو الفعل المتعدي إلى مفعول أو أكثر. وسمي بـ (الواقع)؛ لوقوعه على المفعول بِه، ويسمى كذلك بالفعل المجاوز، لمجاوزته الفاعل إلى المفعول به. انظر: "معجم المصطلحات النحوية والصرفية" 245، و"موسوعة النحو والصرف" 498.]]، و (المَحْص) -بسكون الحاء- مطاوع [[في "الدر المصون" 3/ 408 - وقد نقل نَصَّ الواحدي هذا-: (.. والمحص-بسكون الحاء- مصنوعٌ).
المطاوع من (محص) هو: انْمَحَص، وتُدغم النونُ في الميم فيصير: (امَّحَص) قال في "اللسان" (وقَدْ أَمْحَصَت الشمسُ: أي: ظهرت من الكسوف وانجلت. وُيروَى: امَّحَصت على المطاوعة، وهو قليل في الرباعي). 7/ 4145 (محص).]].
قال الخليل [[قوله في: كتاب "العين" له 3/ 127. ولكن المؤلف نقل قوله عن "معاني القرآن" للزجاج 1/ 472 نظرًا لتطابق النص معه.
ونص قول الخليل: (المحْصُ: خُلُوص الشيء. (مَحَصْتُهُ محْصًا): خلَّصْته من كل عيب).
وفي "معاني القرآن" للنحاس: (قال أبو إسحاق: قرأت على أبي العباسِ، محمد == ابن يزيد، عن الخليل: أن التمحيص: التخليص؛ يقال: (مَحَصَه، يَمْحَص، مَحْصًا): إذا خلَّصه) 1/ 483.]]: يقال: (مَحَصْتُ الشيءَ، أَمْحَصُه، مَحْصًا): إذا خَلَّصته من كلِّ عَيبٍ. قال رُؤبَةُ -يصف فَرَسا [[في (ب): (ذئبا).]] -:
[شَدِيدُ] [[(شديد) غير مقروء في (أ). وفي (ب): (فيديد). والمثبت من (ج)، ومصادر البيت.]] جَلْزِ الصُّلْبِ مَمْحُوصُ الشَّوَى [[في (ج): السوى. -غير معجمة-.
والبيت من الرجز، وتمامه:
كالكَرِّ لا شَخْتٌ ولا فيه لَوَى
وقد ورد منسوبًا لرؤبة، في: "تهذب اللغة" 4/ 3350 (محص)، و"اللسان" 7/ 4145 (محص)، و"الدر المصون" 3/ 408، و"التاج" 9/ 359 (محص).
وفي "اللسان" 7/ 3851 (كرر) نقله عن الأزهري، ولم ينسبه.
والبيت ليس في ديوان رؤبة، وإنما في ديوان العجاج (بعناية وليم بن الورد) ص 73. وقد ورد منسوبًا له في "اللسان" 7/ 4109، وقد أورد الأزهري شطره الثاني، ونسبه للعَجَّاج في "التهذيب" 4/ 3314 (لوى).
وورد في "اللسان" 7/ 3851 (كرر): (.. لا سَخْتٌ ..) وهي تصحيف -والله أعلم-، وفي "الدر المصون" (.. السوى ..).
(الجَلْز): الطيُّ، واللَّيُّ. وكل شيء يُلوى على شيء، ففعله: الجَلْز. يقال: (جَلَزْته، أجْلُزُه، جَلْزًا). انظر: "اللسان" 2/ 656 (جلز).
و (الصُّلْب): الظهر. انظر: "المجمل" 538 (صلب) و (الشَّوَى): الأطراف، و (شَوَى الفَرَسِ): قوائمه. انظر: "اللسان" 4/ 2368 (شوى).
يصف الفرس بأنه شديد طَيِّ الظهر؛ أي: وثيق الخلْق، أطرافه وقوائمه نَقِيِّة من العيوب المشينة.
أما (السَّوَى) -على الرواية الثانية التي أوردها السمين الحلبي-، فقد فسَّرَهُ السمين بأنه: الظَّهْر. جعله مقصورًا للضرورة. وأصله: (السواء).
و (الكَرُّ): الحبل الذي يصعد به على النخل. وجمعه (كرور). و (الشخت): == الدقِيق، الضامر. و (اللَّوَى): العِوَج.
انظر: "التهذيب" 4/ 3123 (كرر)، 4/ 3350 (محص)، و"القاموس" 198 (شخت).]] ومِن هذا؛ يُقال للسِّنَانِ المَجْلُوِّ: (مَمْحُوص) [[انظر (محص) في: "التهذيب" 4/ 3350، و"اللسان" 7/ 4145.]]. قال أُسَامَةُ الهُذَلِيُّ [[هو: أسامة بن الحارث الهذلي. وقيل: أسامة بن حبيب. شاعرٌ مُخَضْرَم (جاهلي، إسلامي). انظر: "الشعر والشعراء" 2/ 670، و"شرح أشعر الهذليين" 3/ 1289، و"الإصابة" لابن حجر 1/ 31.]]:
وَشَقّوا [[في (ج): (شقوا) - بدون واو-.]] بمَمْحُوصِ القِطَاعِ [[في (ج): (القطاة).]] فُؤَادهُ [[صدر بيت، وتمامه:
لَهُمْ قُتَرَاتٌ قد بُنِينَ مَحاتِدُ
وقد ورد منسوبًا له في: "شرح أشعار الهذليين" 3/ 1300، و"تهذيب اللغة" 4/ 3350 (محص)، و"اللسان" 7/ 4145 (محص)، و"التاج" 4/ 410 (حتد). وورد غير منسوب في: "اللسان" 2/ 768 (حتد).
ولكنه ورد في "شرح أشعار الهذليين" بالرواية التالية: (.. بِمَنْحُوضِ القِطَاع ..) وليس في هذه الرواية شاهد على ما ذهب إليه المؤلف. وفي "التهذيب" (أشَفُّوا ..)، وفي "اللسان" 2/ 768: (.. له قُتُرات ..)، وفي 7/ 4145: (أشْفَوْا ..). يصف الشاعر حِمَارًا رُمي بالنِّصال، حتى رَقَّ فؤادُه من الفزع، فيقول: شَقُّوا فؤادَه. بـ (مَنْحوض القِطَاع)، وهو النَّصْل الدَّقيق المُرْهف. يقال: (سِنان نَحِيض)، أي: رقيق. و (نَحَّضَه): رقَّقَه. و (القطاع): جمع: قِطْع، وهو نصلٌ قَصِير عَرِيض.
و (القُترات) واحدها: (قِتْر)، و (قِتْرَة)، وهي: نوع من النصال حاد الطَّرف.
و (محاتد): أي: قديمة ورثوها عن آبائهم فهي لهم أصل، و (المحتِدُ): الأصل.
انظر: المصادر السابقة. و"الصحاح" 1107 (نحض)، و"اللسان" 6/ 3526 (قتر).]]
يعني: بِمَجْلُوِّ النِّصَالِ [[النِّصَال، والأنْصُل، والنُّصُول)، واحدها: (نصْل)، وهي حديدة السَّهم، == والرُّمْح، والسَّيف ما لم يكن له مِقْبَض، فإذا كان له مقبض، فهو سيف. انظر: "التاج" 15/ 738 (نصل).]].
فمعنى قوله: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: لِيُخَلِّصهم مِن ذُنوبهم. وإلى هذا ذَهَب أكثرُ أهلِ المعاني والتفسير.
وقال [[في (ج): (قال) -بدون واو-.]] ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله.]]: يريد [[(يريد): ساقطة من (ب).]]: يُمَحِّصَ ذنوبَهم حتى يَلْقَوْهُ؛ وليس لهم قَبْلَهُ سَيِّئَةٌ يعذبهم عليها. ووجه هذا القول: ما قاله أبو عَمْرُو الشيباني [[لم أقف على مصدر قوله، وليس في كتابه (الجيم). نقله عنه القالي في "أماليه" 2/ 275.]]: معنى التمحيص في اللغة: الكشف. و (مَحِّصْ عنَّا ذنوبَنا)؛ معناه: واكشف [[في (ب): (اكشف) -بدون واو-.]] عنَّا ذنوبَنا. و (تَمَحَّصَ الشيءُ): إذا تَكَشَّفَ. وأنشد:
حتى بَدَتْ قَمْرَاؤُهُ وتَمَحَّصَتْ ظَلْمَـ ... ـاؤُهُ [[في (أ): (ظلماه)، والمثبت من (ب)، (ج). و (القَمْرَاء): ضوء القَمَر. و (ليلة قمراء): مضيئة. و (الظَّلْمَاء): الظُلْمة. و (ليلة ظلماء): شديدة الظلمة. انظر: "اللسان" 7/ 3736 (قمر)، 5/ 2759 (ظلم).]] ورَأَىَ الطريقَ المُبْصِرُ [[ينظر: "أمالي القالي" 2/ 275، و"الفاخر" 135، و"اللآلئ" 916، و"أساس البلاغة" (محص)، والزاهر 1/ 15.]]
وهذا اختيار الفرَّاء؛ لأنه قال [[في "معاني القرآن" له 1/ 235. نقله بنصه.]]: يريد: لِيُمَحِّصَ [[في "معاني القرآن" يمحص.]] اللهُ الذنوبَ عن الذين آمنوا.
وعلى هذا القول؛ تقدير الآية: وَلِيُمَحِّصَ الله ذنوبَ الذين آمنوا. فحذف المضاف [[انظر: "مجالس ثعلب" 1/ 266، فقد حكى هذا القول.]].
وروى أبو عُبَيْد [[(أبو عبيد): في (أ) تُقرأ: (أبو عبيدة) -فيشتبه السكون على الدال بالتاء المربوطة-. وفي (ج): أبو عبيدة. وما أثبتُّه من (ب)، و"تهذيب اللغة"، وهو الصواب؛ لأن أبا عبيد هو المعروف بالرواية عن أبي عمرو الشيباني. انظر: مقدمة تحقيق كتاب "الجيم" 1/ 25.]]، عن أبي عَمْرو، قال [[انظر قوله في "تهذيب اللغة" 4/ 3350 (محص).]]: التَّمْحِيص: الابتلاء والاختبار [[في (ج): (والاختيار) وفي "التهذيب" الاختبار والابتلاء.]]. وإلى هذا القول ذهب جماعة من المفسرين: السُّدِّي [[قوله، في "تفسير الطبري" 4/ 107، و"زاد المسير" 1/ 467.]]، ومجاهد [[قوله، في "تفسيره" 137، و"تفسير الطبري" 4/ 107 - 108، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 774.]]، وروي ذلك عن ابن عباس -في بعض الروايات- [[في "تفسير الطبري" 4/ 108، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 775 - من رواية ابن جريج عنه-، وانظر: "النكت والعيون" 1/ 426. وهو قول: الحسن، وابن إسحاق، وقتادة انظر: المصادر السابقة.]]، قالوا: ﴿وَلِيُمَحِّصَ﴾ أي: لِيَبْتَلِي. وهذا اختيار القُتَيْبِيِّ [[هو ابن قتيبة، واختياره هذا في: "تفسير غريب القرآن" له 1/ 106، وهو -كذلك- قول المبرد في "الكامل" 1/ 213.]].
وقوله تعالى: ﴿وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾.
(المَحْقُ) في اللغة معناه: النُّقْصَان.
يقال: (مَحَقَهُ اللهُ، فامْتَحَقَ، وامَّحَقَ) [[انظر: (محق) في: "تهذيب اللغة" 4/ 3351، و"اللسان" 7/ 4146.]].
وقال أبو زيد [[قوله، في: "تهذيب اللغة" 4/ 3352 (محق)، و"اللسان" 7/ 4146 (محق).]]: (مَحَقَهُ اللهُ)، و (أَمْحَقَهُ). والأصمعي يأبى إلّا (محَقَه) [[قول الأصمعي هذا، مِن تتمة كلام أبي زيد. قال: (وأبَى الأصمعيُّ إلا (محقه)). وفي "الصحاح" (و (مَحقَه الله)؛ أي: ذهب ببركته. و (أمحقه) لغة رديئة) 1553 (محق). وانظر: "اللسان" 7/ 4146 (محق).]]. وأما (أَمْحَق) [[نلاحظ هنا أن الفعل (أمحق) لازم، وأما (أمحقه) السابق، فمتعدٍّ.]]، فقال أبو عمرو [[قوله في: "إصلاح المنطق" 278، و"التهذيب" 4/ 3352 (محق)، و"الصحاح" 1553 (محق).]]: هو أن يَنْقُصَ ويَدِقَّ [[في (ب): (يرق).]]، كَمُحَاقِ [[مُحَاق، ومَحاق، ومِحاق. بضم الميم، وفتحها، وكسرها-. انظر: "اللسان" 7/ 4147 (محق).]] الهِلالِ.
وأنشد ابن السِّكِّيت [[ولفظ أبي عمرو كما في "إصلاح المنطق" (قال أبو عمرو: الإمحاق: أن يَهلِك؛ كمُحاق الهلال، وأنشد ..). وفي "التهذيب" (عن ابن السكيت عن أبي عمرو: الإمحاق: أن يهلك الشيء ..).]]:
... حتى أنسَّ وأَمْحَقَا [[في (ج): (وامَّحقا).
وهذا مقطع من بيت وتمامه -حسب روايته في "إصلاح المنطق" 278 - :
أبوك الذي يَطْوِي أُنُوفَ عُنُوقهِ ... بأظفاره حتى أنَسَّ وأمْحَقا
وقد نسبه في "اللسان" 7/ 4147 (محق) لسَبْرة بن عمرو الأسدي، يهجو به خالد بن قيس، وقد ورد غير منسوب في: "إصلاح المنطق" 278، و"تهذيب اللغة" 4/ 3352 (محق)، و"الصحاح" 1553 (محق)، و"اللسان" 7/ 4147 (محق). وقد وردت روايته في هذه المصادر -عدا "إصلاح المنطق"-: (يَكْوي أنوث عنوقه).
و (العُنُوق): مفردها: (عَنَاق)، وهي: الأنثى من أولاد المِعْزى، إذا أتت عليها == سنة. وتُجمع -كذلك- على: (أعْنُق، وعُنُق). و (العُنوق) جمعٌ نادرٌ.
و (أنَسَّ)؛ أي: بلغ نَسِيسَهُ، ونَسِيسَتَهُ؛ وهو: بقية روحه، أو غاية جهده. انظر: "التهذيب" 3/ 2597 (عنق)، و"القاموس" 4/ 577 (نسس).]] وقال ابن الأعْرَابي -عن المفَضَّل- [[قول ابن الأعرابي في: "تهذيب اللغة" 4/ 3353 (محق)، وفيه: (أبو العباس عن ابن الأعرابي، قال: المحق: ..) وليس فيه (عن المفضل). وكذا أورده صاحب "اللسان" في: 7/ 4146 (محق).]]: (المَحْقُ) -عند العرب [[(عند العرب): ليس في "تهذيب اللغة"، ولا في "اللسان".]] -: أن يذهب الشيءُ كلُّهُ، حتى لا يُرَى مِنْهُ شيءٌ. ومنه ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾ [[سورة البقرة: 276. وتمامها: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾.]]، أي: يستأصله.
قال أبو إسحاق [[في "معاني القرآن" له 1/ 470. نقله عنه بتصرف.]]: ومعنى الآية: جَعَلَ اللهُ الأيَّامَ مُدَاوَلَةً بين الناس؛
لِيُمَحِّصَ اللهُ المُؤْمنينَ، إذا أدَالَ عليهم، بما يقع عليهم [[(بما يقع عليهم): ساقط من (ج).]] مِنْ قَتْلٍ وَجُرْحٍ وذَهابِ مَالٍ. و ﴿وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾: يستأصلهم، إذا أدال عليهم، ويهلكهم بذنوبهم.
فَقَابَلَ [[في (ب): (مقابل).]] تَمْحِيصَ المؤمنين بِمَحْقِ الكافرين، لأن تمحيص هؤلاء، بإهلاك ذنوبهم، نَظِير مَحْقِ أولئك، بإهلاك أنْفُسِهِمْ. وهذا مُتقابِلٌ في المعنى، حَسَنٌ.
{"ayah":"وَلِیُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَمۡحَقَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق