الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾ قال ابن عباس، في رواية عطاء: يريد بروج النجوم [["تنوير المقباس" ص 305. وذكره الهوَّاري 3/ 216، واقتصر عليه، ولم ينسبه.]]. يعني: منازلها الاثني عشر، كل برج منها: منزلان، ونصف منزل للقمر، وهو: ثلاثون درجة للشمس، ولكل برج اسم على حده، وأساميها معروفة [[وقد ذكرها مفصلة الثعلبي 8/ 101 أ، ولم ينسبه لأحد. والبغوي، في تفسيره 6/ 92، وهي: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت.]]. وقال أبو صالح: هي النجوم الكبار العظام. وهو قول مقاتل، ومجاهد، والحسن؛ قالوا في تفسير البروج: هي النجوم والكواكب [["تفسير مقاتل" ص 46 ب. وأخرجه بسنده عن قتادة، عبد الرزاق في تفسيره 2/ 70. وأخرجه بسنده ابن جرير 19/ 29، عن أبي صالح، ومجاهد، وقتادة. وأخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2716، عن أبي صالح، وسعيد بن جبير، وذكره عن مجاهد، والحسن، وقتادة وأخرجه بسنده الثعلبي 8/ 101 أ، عن أبي صالح. وذكره عن مجاهد، وقتادة.]]. قال أبو إسحاق: وإنما قيل للكواكب بروج، لظهورها، وبيانها، وارتفاعها، والبَرَجُ: تباعد ما بين الحاجبين. وكل ظاهر مرتفع فقد بَرُج [["معاني القرآن " للزجاج 4/ 73. وفيه: تباينها، بدل: بيانها. واقتصر على هذا القول.]]. وقال عطية العوفي: هي قصور فيها الحرس. وهو قول الأعمش، وأصحاب عبد الله [[ذكره بسنده ابن جرير 19/ 29، عن عطية، ويحيى بن رافع، وإبراهيم، وأبي صالح. وذكره بإسناده عن عطية، ابن أبي حاتم 8/ 2716، والثعلبي 8/ 101 أ. قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي، وأبي صالح في إحدى الروايات، وإبراهيم النخعي، والأعمش أنها: القصور. ويشهد للحرس فيها قول الله تعالى: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾ [الجن: 8] "تفسير السمرقندي" 2/ 464.]]. وذكر الكلبي القولين؛ النجوم، والقصور [["تنوير المقباس" ص 305. وقال في "الوجيز" 2/ 783: ﴿بُرُوجًا﴾ أي: منازل الكواكب السبعة. ورجح ابن جرير 19/ 30، أن المراد بها القصور، وجعل هذه الآية دليلاً عليه. والذي يظهر أنهم لا يعنون قصوراً في الجنة، بل: قصوراً في السماء فيها الحرس، كما صرح به ابن كثير 6/ 120. وعلى هذا لا يرد الإشكال الذي اعترض به ابن عطية 11/ 62؛ فقال: والقول بأنها قصور في الجنة يحط من غرض الآية في التنبيه على أشياء مدركات تقوم بها الحجة على كل منكر لله أو جاهل به. وأما ابن كثير 6/ 120، فقد استظهر أن المراد بها الكواكب العظام، ثم قال: اللَّهم إلا أن تكون الواكب العظام هي قصور للحرس فيجتمع القولان.]]. والبروج، بمعنى: القصور؛ ذكرنا تفسيرها عند قوله: ﴿وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: 78] [[قال الواحدي في تفسير هذه الآية: والبروج في كلام العرب: القصور والحصون، وقال ابن المظفر: البروج بيوت تبنى على سور المدينة، وبروج الفلَك اثنا عشر، كل برج فيها ثلاثون درجة، وأصلها في اللغة: من الظهور، ومنه يقال: تبرجت المرأة، إذا أظهرت محاسنها.]]. قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا﴾ قالوا: هو الشمس، نظيره قوله: ﴿وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾ [["تفسير مقاتل" ص 46 ب. و"تنوير المقباس" ص 305. و"معاني القرآن" للفراء 2/ 271، واستشهد عليه بالآية. و"مجاز القرآن" 2/ 78. وأخرجه عن قتادة، عبد الرزاق 2/ 70، وابن جرير 19/ 30، وابن أبي حاتم 8/ 2717. وهو قول الهوَّاري 3/ 216. والزجاج 4/ 74. والثعلبي 8/ 101 ب.]] [نوح: 16]. وقرأ حمزة والكسائي: (سُرُجًا) [["السبعة في القراءات" ص 466، و"الحجة" 5/ 347. و"النشر" 2/ 334.]] قال الزجاج: أراد الشمس، والكواكب معها [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 74.]]. ومن حجة هذه القراءة قوله: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ [الملك:5] فشبهت الكواكب بالمصابيح في قوله: (سُرُجًا) كما شبهت المصابيح بالكواكب؛ في قوله: ﴿الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ﴾ [النور: 35] والمعنى: مصباح الزجاجة، ويدلك قول امرئ القيس: سموت إليها والنجوم كأنها ... مصابيح رهبان تشب لقُفَّال [[هذا بنصه، في "الحجة للقراء السبعة" 5/ 347، من قوله: ومن حجة هذه القراءة. وعنه أنشد بيت امرئ القيس، ورواية الديوان هي: نظرت إليها والنجوم كأنها ... مصابيح رهبان تشب لقفال سموت إليها بعدم نام أهلها ... سمو حَبَابِ الماء حالاً على حال "ديوان امرئ القيس" ص 182. وفي "حاشية الديوان: تشب لقفال: توقد == لعائدين من الغزو أو غيره. الحباب: الفقاقيع التي تظهر على سطح الماء.]] واختار أبو عبيد (سُرُجًا) وقال: من قرأ (سُرُجًا) أراد النجوم، وهي قد ذكرت قبل هذا، في قوله: ﴿جَعَلَ في السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾ وهذا الذي ذكره لا يقدح في قراءة حمزة؛ لأنه يحمل البروج على غير الكواكب [[ذكر قول أبي عبيد النحاس، في "إعراب القرآن" 3/ 166، وذكر الإجابة عنه فقال: أبان بن تغلب قال: السرج: النجوم الدراري، فعلى هذا تصح القراءة، ويكون مثل قوله جل وعز: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ [البقرة: 98] فأعيد ذكر النجوم النيرة. وذكر قول أبي عبيد، السمرقندي 2/ 465. وهو اختيار الثعلبي 8/ 101 ب.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب