الباحث القرآني
(﴿تَبَارَكَ﴾ [الفرقان ٦١] تعاظم)، ومر علينا أنه لا ينبغي الاقتصار فيها على (تعاظم)، فإنها تدل على كثرة خيراتها وسعتها؛ لأن هذه البروج التي ستأتي فيها من الخير للناس والمصلحة والمنفعة ما يناسب هذا الوصف: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾.
وكلمة (تبارك) مبالغة من البركة؛ لزيادة التاء، وهي تقال لله عز وجل، والعامة عندنا يقولونها لغير الله، يقولون: تبارك علينا، وما أشبه ذلك، فبعض الناس يقول: إن هذا الوصف خاص بالله، ولا يجوز أن تقول للإنسان: تباركت، ولكن الذي نرى أنه لا بأس به؛ لأن الناس يريدون بـ(تباركت) أن الله وضع فيك بركة، لا أنها بركة ذاتية، ولا بأس بها، والعبرة بالمعاني، واللفظ إذا لم يكن فيه محظور شرعي فلا بأس به.
وقوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾، (جعل) بمعنى صير ولَّا بمعنى وضع؟
بمعنى وضع، وعلى هذا فتعدى لمفعول واحد، وهو قوله: ﴿بُرُوجًا﴾ جمع برج، والبرج في الأصل: البناء العالي المرتفع، وهذه البروج الشاملة للنجوم هي بالحقيقة مثل الأبنية الشامخة العالية، لعلوها.
وهي يقول: (اثني عشر) هذه بدل من ﴿بُرُوجًا﴾.
(اثني عشر: الحمل، والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت)، اثنا عشر برجًا.
بدأ المؤلف بـالحمل لأنه وقت اعتدال الزمان الربيعي؛ لأنه إذا حلت الشمس أول يوم من برج الحمل تساوى الليل والنهار ربيعًا عند ابتداء برج الحمل، يعني يكون الليل اثنتي عشرة ساعة والنهار اثنتي عشرة ساعة.
ثلاثة بروج: (الحمل والثور والجوزاء)، إذا تمت الجوزاء وبدأ السرطان انتهى الليل في القصر، والنهار في الطور، يعني أن الشمس تنتهي إلى البروج الشمالية بعد الثلاثة: (الحمل والثور والجوزاء)، ثم بعد ذلك تنصرف الشمس إلى الجنوب.
(السرطان والأسد والسنبلة)، هذه ثلاثة، إذا مضت الثلاثة تساوى الليل والنهار خريفًا بعد انتهاء طول النهار. فهمتم الآن؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: طيب، (الميزان والعقرب والقوس)، الثلاثة هذه إذا انتهت ينتهي طول الليل وقصر النهار.
ثم تعود الشمس في (الجدي والدلو والحوت)، إذا انتهى الحوت تساوى الليل والنهار ربيعًا.
وقد اختلف الناس هل يبدأ بالحمل؛ لأنه أحسن أيام السنة، حيث إن فيه الاعتدال الربيعي، أو يبدأ بالميزان؛ لأنه هو الوقت الذي ينتهي به النهار قصرًا والليل طولًا؟
* طالب: يعتدل يا شيخ.
* الشيخ: اعتدال الزمان الخريف.
المعروف والمشهور والأكثر الذي مشى عليه المؤلف، أنه يُبتدأ بما فيه الاعتدال الربيعي، لكن بعض الناس يبتدئ بالطرف الثاني ويزعم أن هذه هي طريقة العرب، والله أعلم، إنما اللي أنا أشوف أن التقاويم أكثرها تبدأ بهذا، ويقول: إن العرب يبتدئون من الاعتدال الخريفي، وإن العجم يبتدئون من الاعتدال الربيعي. وكون العجم يبتدئون من الاعتدال الربيعي هذا واضح؛ لأن العجم الآن إيران و(...) تؤرخ ابتداء السنة بالحمل، يعني عندهم السنون شمسية ويبدؤونها ببرج الحمل.
يقول المؤلف: (وهي منازل الكواكب السبعة السيارة؛ المريخ وله الحمل والعقرب، والزهرة ولها الثور والميزان، وعطارد وله الجوزاء والسنبلة، والقمر وله السرطان، والشمس ولها الأسد، والمشتري وله القوس والحوت، وزحل وله الجدي والدلو).
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، هي على كل حال هذا التقسيم الأخير ما أعرف أنا وجهه، ولا أدري عنه، لكن هذه البروج الشمس تقطعها في السنة كما سمعنا قريبًا، والقمر يقطعها في الشهر، كل شهر يقطع القمر، هذه البروج، وله منازل ثمان وعشرون منزلة، تشتمل على هذه البروج الاثني عشر، أما الشمس فإنما تقطعها بالسنة.
هذه البروج يدل على عظمتها أن الله قال: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ﴾، وقوله: ﴿فِي السَّمَاءِ﴾ [الفرقان ٦١] المراد به العلو، وليس المراد به السقف المحفوظ، بل هو العلو؛ لأن هذه البروج دونها.
(﴿وَجَعَلَ فِيهَا﴾ أيضًا ﴿سِرَاجًا﴾ هو الشمس ﴿وَقَمَرًا مُنِيرًا﴾ [الفرقان ٦١]، وفي قراءة: برجا بالجمع، أي: نَيِّرات، وخَصَّ القمر منها بالذِّكر).
* طالب: ﴿سُرُجًا﴾ .
* الشيخ: ﴿سُرُجًا﴾ نعم، ﴿سُرُجًا﴾ صح، (﴿سُرُجًا﴾ بالجمع أي: نَيِّرات).
* طالب: عندي ﴿سِرَاجًا﴾.
* الشيخ: لا ﴿سِرَاجًا﴾ هي اللي بالقرآن.
* الطالب: (...).
* الشيخ: واللي بالأصل؟
* الطالب: كذلك.
* الشيخ: لا، (﴿وَجَعَلَ فِيهَا﴾ ) بالأصل؟
* الطالب: (﴿وَجَعَلَ فِيهَا﴾ أيضًا ﴿سِرَاجًا﴾ ).
* الشيخ: إي، الثانية: (﴿سُرُجًا﴾ بالجمع)، بالجمع: سُرُج.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي نعم.
على هذه القراءة (خصَّ القمر منها بالذِّكر لنوع فضيلة).
﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا﴾ يعني سُرُجًا، ﴿وَقَمَرًا مُنِيرًا﴾ يقول: عطف على سرج، وهو منها (لنوع فضيلة)، ولكن على قراءة الإفراد المراد بالسراج الشمس، وسُميت سراجًا والقمر منيرًا لأن الشمس نورها ذاتي وحار، والقمر نوره مكتسب من الشمس، فليس بنفسه سِراجًا، وإنما هو منير أو نور، لكن نوره مكتسب.
وعلى قراءة: ﴿سُرُجًا﴾ ، يقول المؤلف: (يعني نَيِّرَات) ومنها القمر نير، لكن خصه لنوع فضيلة.
إذا قلنا: إن منه القمر، يعني ومنه الشمس ولَّا لا؟ هي أم السرج، الشمس في الحقيقة.
* طالب: عندنا (لنوع فضيلته)؟
* الشيخ: اللي عندي (فضيلة) بالتاء، يصلح، اللي عندنا أحسن.
* طالب: (فضيلته)؟
* الشيخ: لا، أنا عندي: (فضيلة) فقط.
أقول: إن كلام المؤلف رحمه الله فيه نظر، ولكن عطف القمر المنير على السرج من باب عطف المتغايرين، لا من باب عطف الخاص على العام، فالقمر ليس من السرج، ﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾ [نوح ١٦]، الشمس بلا شك أنها سراج، ولكن القمر نور، فعليه لا يكون منها، ولا يحتاج إلى الجواب الذي ذكر المؤلف: (خص القمر لنوع فضيلة)، بل نقول: إن هذا ليس من باب التخصيص، ولكن من باب عطف أيش؟ المتغايرين.
لكن على قراءة الجمع: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا سُرُجًا﴾ يدل على أن غير الشمس من الكواكب فيه حرارة وفيه إضاءة أيضًا، لكنها لا تصل إلى الأرض، لماذا؟
* طالب: لبعدها.
* الشيخ: للبعد، لا تصل إلى الأرض للبعد، ولكن هذه الآية تدل على أن فيها الحرارة والإضاءة.
وإنما ذكر السرج والقمر المنير مع البروج؛ لأن البروج منازل، وهذه الأشياء نازلة، فذكر المنازل والنازل جميعًا، وكلاهما مما يدل على آيات الله سبحانه وتعالى العظيمة التي لا يمكن أن يقابلها أي أحد.
{"ayah":"تَبَارَكَ ٱلَّذِی جَعَلَ فِی ٱلسَّمَاۤءِ بُرُوجࣰا وَجَعَلَ فِیهَا سِرَ ٰجࣰا وَقَمَرࣰا مُّنِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











