قوله: {سِرَاجاً} : قرأ الجمهورُ بالإِفراد، والمرادُ به الشمسُ، ويؤيِّده ذِكْرُ القمرِ بعدَه. والأخَوان «سُرُجاً» بضمتين جمعاً، نحو حُمُر في حِمار. وجُمِعَ باعتبارِ الكواكبِ النيِّرات. وإنما ذُكِرَ القمرُ تَشْريفاً له كقولِه: {وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] بعد انتظامِهما في الملائكةِ. وقرأ الأعمش والنخعي وابن وثاب كذلك، إلاَّ أنه بسكونِ الراءِ تخفيفاً. والحسن والأعمش والنخعي وعاصم في روايةِ عصمة و «قُمْراً» بضمةٍ وسكونٍ، وهو جمع قَمْراء كحُمْر في حَمْراء. والمعنى: وذا ليالٍ قُمْرٍ منيرا، فحذف المضافُ، وأُقيم المضافُ إليه مُقامه، ثم التفتَ إلى المضاف بعد حَذْفِه فوصفَه ب «منيرا» . ولو لم يَعْتَبِرْه لقال: منيرةً، ونظيرُ مراعاتِه بعد حذفِه قولُ حسان:
3491 - يَسْقُون مَنْ وَرَدَ البَريْصَ عليهمِ ... بردى يُصَفَّقُ بالرَّحيقِ السَّلْسَلِ الأصل: ماء بَرَدَى، فحَذَفَه ثمَّ راعاه في قولهِ: «يُصَفِّقُ» بالياءِ مِنْ تحتُ، ولو لم يكنْ ذلك لقالَ «تُصَفِّقُ» بالتاء مِنْ فوقُ. على أنَّ بيتَ حَسَّان يَحْتمل أن يكون كقولِه:
3492 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... ولا أرضَ أَبْقَلَ إبْقالها
مع أنَّ ابنَ كيسان يُجيزه سَعَةً.
{"ayah":"تَبَارَكَ ٱلَّذِی جَعَلَ فِی ٱلسَّمَاۤءِ بُرُوجࣰا وَجَعَلَ فِیهَا سِرَ ٰجࣰا وَقَمَرࣰا مُّنِیرࣰا"}