الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ قال الأزهري: يقال قدم فلان إلى أمر كذا، أي: قصده. وذكر هذه الآية [["تهذيب اللغة" 9/ 48 (عمد)، ومن قبله ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ص 138.]]. قال ابن عباس: لم يكن الله تعالى غائبًا عن أعمالهم؛ ولكن يريد: وعمدنا [["تنوير المقباس" ص 352. وفيه: عمدنا. دون ما قبله. وهو بنصه في "الوسيط" 3/ 338.]]. وهذا قول مجاهد والكلبي والفراء والزجاج، كلهم قالوا: عمدنا [["تفسير مجاهد" 2/ 449. و"معاني القرآن" للفراء2/ 266. وقاله ابن قتيبة، غريب القرآن 312. والهوَّاري 3/ 257. وابن جرير 19/ 3. وأخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2678، عن مجاهد، والسدي، وسفيان الثوري. ونسبه السمرقندي 2/ 457، للكلبي. وهو في "تنوير المقباس" ص 302.]]. وقال مقاتل: وجئنا [["تفسير مقاتل" ص 44 ب، بلفظ: يعني: وجئنا، ويقال: وعمدنا.]]. وأراد بلفظ المجيء: القصد أيضًا. قال أبو إسحاق: معنى قدمنا: عمدنا، وقصدنا. كما تقول: قام فلان يشتم فلانًا، يريد: قصد إلى شتم فلان. ولا يريد: قام من القيام على الرجلين [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 64.]]. قوله: ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ قال النضر بن شميل: الهباء: التراب الذي تُطيرِّه الريح [["تهذيب اللغة" 6/ 454 (هبا)، بنصه، وتتمته: فتراه على وجوه الناس وجلودهم وثيابهم يَلْزَق لُزوقاً.]]. وقال الليث: الهبوة: غبار ساطع في الهواء كأنه دخان، يقال هَبَاءً يَهبوُ هَبوًا إذا سطع. وأهبا الفرسُ الترابَ إهباءً، إذا أثاره. والهَباء: دقاقُ التُّراب ساطعُه ومنثورُه على وجه الأرض [["كتاب العين" 4/ 96 (هبو)، ونقله عنه إلازهري، "تهذيب اللغة" 6/ 454 (هبا).==قال الفراء 2/ 266: والهباء: ممدود غير مهموز في الأصل، يصغر هُبَيٌ كما يصغر الكساء كُسَىٌ.]]. وقال أبو عبيدة: الهباء مثل الغبار يدخل البيت من الكُوة إذا طلعت الشمس ليس له منثر [[هكذا في النسخ الثلاث: (منثر)؛ وهي غير واضحة. وفي "مجاز القرآن" 2/ 74: مثل الغبار إذا طلعت فيه الشمس وليس له مسٌ ولا يُرى في الظل. وفي "تنوير المقباس" ص 302: ويقال: كشيء يحول في ضوء الثمس إذا دخلت في كوة يُرى، ولا يُستطاع أن يمس.]]. وقال أبو إسحاق: الهباء: ما يدخل من الكوة مع ضوء الشمس شبيهٌ بالغبار [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 64. وفيه: شبيهٌ بالضم، ولكن أبدله المحقق إلى: شبيهاً، وأشار إلى ذلك في الحاشية، ولم يبين سبب التغيير، ولا حاجة لذلك؛ فهو بالرفع ليس بخطأ حتى يصحح.]]. وهذا قول عكرمة [[أخرجه ابن جرير 4/ 19. وابن أبي حاتم 8/ 2678.]] ومجاهد [[أخرجه ابن جرير 19/ 4. وابن أبي حاتم 8/ 2678. وتفسير مجاهد 2/ 449.]] والحسن [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 67. وابن جرير 19/ 4. وابن أبي حاتم 8/ 2679.]] والسدي والضحاك [[أخرجه عنهما ابن أبي حاتم 8/ 2679.]] والكلبي [["تنوير المقباس" ص 302. و"تفسير السمرقندي" 2/ 457.]]، وأكثر المفسرين قالوا: هو الغبار الذي يكون في الشمس يدخل من الكوة كأنه الدقيق [[ذكر نحوه ابن جرير 4/ 19، عن ابن زيد. وأخرج ابن أبي حاتم 8/ 2679، نحوه عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.]]. وقال قتادة: هو: ما تذرو الرياح من حطام الشجر [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 67. وعنه ابن جرير 19/ 4.]]. وهو قول ابن عباس في رواية عطاء الخراساني [[أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، معلقًا بصيغة الجزم، (هَبَاءً مّنْثُوراً) ما تسفي به الريح. الفتح 8/ 490. ووصله ابن جرير 19/ 4، من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مثله، وزاد: ويبثه. وأخرج أيضًا 19/ 5، من طريق علي بن أبي طلحة: (هَبَاءً مّنثُوراً) الماء المهراق.]]، وقول سعيد بن جير. وقال مقاتل: يعني: كالغبار الذي يسطع من حوافر الدواب [["تفسير مقاتل" ص 44 ب. و"تفسير هود الهوّاري" 3/ 207. ولم ينسبه. وأخرج ابن أبي حاتم 8/ 2679، نحوه عن: علي -رضي الله عنه-.]]. وهو قول ابن عباس في رواية عطاء بن أبي رباح، قال: هو ما يخرج من سنابك الخيل إذا ركضت [["تنوير المقباس" ص 302، بمعناه. قال ابن قتيبة: والهباء المنبث: ما سطع من سنابك الخيل. "تأويل مشكل القرآن" ص 139، و"غريب القرآن" ص 312. وقال ابن أبي حاتم 8/ 2679: وروي عن ابن عباس، في بعض الروايات، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، والضحاك، نحو ذلك. والسنابك، جمع: سُنْبُك، وهو: طَرَف الحافر. "القاموس المحيط" 1218.]]. والمنثور: المفرق [[وصف الهباء بالمنثور؛ لأنك تراه منتظمًا مع الضوء، فإذا حركته الريح رأيته قد تناثر وذهب كل مذهب. تفسير الزمخشري 3/ 267.]]. قال الزجاج: وتأويله: أن الله -عز وجل- أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء المنثور [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 64.]]. والمعنى: فجعلناه باطلاً [["معاني القرآن" للفراء 2/ 266، بلفظ: ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ أي: باطلاً. وقد أوصل ابن أبي حاتم 8/ 2679، اختلاف المفسرين في الهباء المنبث، إلى خمسة أقوال. وكذا الماوردي 4/ 141. وابن الجوزي 6/ 83. وليس بينها تعارض بل يمكن أن تحمل الآية عليها، إذ المعنى كما قال الواحدي: فجعلناه باطلاً. وكل ما ذكر من الأقوال السابقة يصلح مثالاً على ذلك. والله أعلم. قال ابن كثير6/ 103: وحاصل هذه == الأقوال التنبيه على مضمون الآية، وذلك أنهم عملوا أعمالاً اعتقدوا أنها شيء، فلما عرضت على الملك الحكيم العدل الذي لا يجور ولا يظلم أحداً، إذا إنها لا شيء بالكلية. وسبب بطلانها لفقدها شرط القبول. قال الثعلبي 94 أ، أي: باطلاً لا ثواب لهم؛ لأنهم لم يعملوه لله -سبحانه وتعالى-، وإنما عملوه للشيطان.]]. ثم أعلم فضل أهل الجنة على أهل النار فقال [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 64، بنصه.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب