الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ﴾ قال أبو إسحاق: "ذلك" في موضع رفع، المعنى: الأمر ذلك، أي [[(أي): ساقطة من (أ).]]: الأمر ما قصصنا عليكم [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 435. وعلى هذا "ذلك" خبر مبتدأ مُضمر، وانظر "الإملاء" للعكبري 2/ 146، "الدر المصون" 8/ 296.]]. ثم قال: ﴿وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ﴾ أي: من جازى الظالم بمثل ما ظلمه. وسمي جزاء العقوبة عقوبة لاستواء الفعلين في جنس المكروه كقوله ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: 40]، فالأول سيئة والمجازاة عليها سميت سيئة بأنها وقعت إساءة بالمفعول به، لأنه فعل [به] [[زيادة من معاني الزجاج يستقيم بها المعنى.]] ما يسوؤه [["معاني القرآن" للزجاج 30/ 435 مع اختلاف يسير.]]. وذكرنا هذا في قوله ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: 15]. قال الحسن: ﴿وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ﴾ يعني: قاتل المشركين كما قاتلوه [[ذكره عنه البغوي 5/ 397.]]. ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ﴾ أي: ظلم بإخراجه من منزله. قيل: إنها نزلت في قوم من المسلمين قاتلوا قومًا من المشركين غير مبتدئين بالقتال بل دفعًا لهم عن أنفسهم، ثم أخرجوا من ديارهم [[انظر: "التهذيب في التفسير" للجشمي 6/ 186 ب.]]. قال الضحاك، عن ابن عباس في قوله ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ﴾: يعني ما أتاه المشركون من البغي على المسلمين حين أحوجوا [[في (أ): (حين أخرجوا)، وفي (ظ): (حتى أخرجوا).]] إلى مفارقة أوطانهم [[ذكره البغوي 5/ 397 من غير نسبة لأحد.]]. قوله: ﴿لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾ يعني: هذا المظلوم الذي بغي عليه وعده الله النَّصر. قال ابن جريج: يعني نصرته محمدًا -ﷺ- وأصحابه [[رواه الطبري 17/ 195 بمعناه]]. ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ قال ابن عباس: يريد عفى عن المؤمنين مساوءهم، وغفر لهم ذنوبهم [[ذكره البغوي 5/ 397 من غير نسبة.]]. وذكر مقاتل بن سليمان السَّبب في نزول هذه الآية وتفسيرها فقال: إنَّ مشركي مكة لقوا المسلمين في ليلتين بقيتا من المحرم، فقال بعضهم لبعض: إنَّ أصحاب محمد يكرهون القتال في الشهر الحرام فاحملوا عليهم، فناشدهم المسلمون ألا يقاتلوهم في الشهر الحرام، فأبى المشركون إلا القتال، فبغوا على المسلمين، فقاتلوهم وحملوا عليهم، وثبت المسلمون فنصر الله المسلمين عليهم، فوقع في أنفس المسلمين من القتال في الشهر الحرام فأنزل الله هذه الآية [["تفسير مقاتل" 2/ 27 ب. وهذا القول غير معتمد في سبب نزول هذه الآية لأن مقاتل بن سليمان كذّبوه. انظر: "تقريب التهذيب" 2/ 272.]]. فالمعني بـ"من" [[في (أ): (مَّمن).]] في قوله ﴿وَمَنْ عَاقَبَ﴾ المؤمنون، جازوا الكفار وقاتلوهم كما قاتلوهم، وبغيهم عليهم: أنَّهم لم يرتدعوا ولم يكفوا عن القتال بمناشدتهم إياهم. 59 - وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ﴾ قال مقاتل: عنهم ﴿غَفُورٌ﴾ لقتالهم في الشهر الحرام [["تفسيره مقاتل" 2/ 27 ب.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب