الباحث القرآني
﴿ذَلِكَ﴾ قَدْ حَقَّقَ أمْرَهُ ﴿ومَن عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ﴾ أيْ مَن جازى الجانِيَ مِثْلَ ما جُنِيَ بِهِ عَلَيْهِ، وتَسْمِيَةُ ما وقَعَ ابْتِداءً عِقابًا مَعَ أنَّ العِقابَ كَما قالَ غَيْرُ واحِدٍ جَزاءُ الجِنايَةِ لِأنَّهُ يَأْتِي عَقِبَها وهو في الأصْلِ شَيْءٌ يَأْتِي عَقِبَ شَيْءٍ لِلْمُشاكَلَةِ أوْ لِأنَّ الِابْتِداءَ لَمّا كانَ سَبَبًا لِلْجَزاءِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ مَجازًا مُرْسَلًا بِعَلاقَةِ السَّبَبِيَّةِ، وقالَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ: يَجُوزُ أنْ يُقالَ: لا مُشاكَلَةَ ولا مَجازَ بِناءً عَلى أنَّ العُرْفَ جارٍ عَلى إطْلاقِهِ عَلى ما يُعَذَّبُ بِهِ وإنْ لَمْ يَكُنْ جَزاءَ جِنايَةٍ، ( ومَن ) مَوْصُولَةٌ وجُوِّزَ أنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً سَدَّ جَوابُ القَسَمِ الآتِي مَسَدَّ جَوابِها، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ، والباءُ في المَوْضِعَيْنِ قِيلَ لِلسَّبَبِ لا لِلْإلَهِ وإلَيْهِ ذَهَبَ أبُو البَقاءِ، وقالَ الخَفاجِيُّ: باءُ ( بِمِثْلِ ) آلِيَّةٌ لا سَبَبِيَّةٌ لِئَلّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ تَعالى: ( بِهِ ) والمُنْساقُ إلى ذِهْنِي القاصِرِ كَوْنُها في المَوْضِعَيْنِ لِلْإلَهِ وفِيما ذَكَرَهُ الخَفاجِيُّ نَظَرٌ فَتَأمَّلْ ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ﴾ بِالمُعاوَدَةِ إلى العِقابِ ﴿لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾ عَلى مَن بَغى عَلَيْهِ لا مَحالَةَ عِنْدَ كُرْهٍ لِلِانْتِقامِ مِنهُ ﴿إنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ تَعْلِيلٌ لِلنُّصْرَةِ حَيْثُ كانَتْ لِمَنِ ارْتَكَبَ خِلافَ الأوْلى مِنَ العَفْوِ عَنِ الجانِي المَندُوبِ إلَيْهِ والمُسْتَوْجِبِ لِلْمَدْحِ عِنْدَهُ تَعالى ولَمْ يَنْظُرْ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَمَن عَفا وأصْلَحَ فَأجْرُهُ عَلى اللَّهِ﴾ [الشُّورى: 40] .
﴿وأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ [البَقَرَةَ: 237] .
﴿ولَمَن صَبَرَ وغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِن عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [الشُّورى: 43] بِأنَّ ذَلِكَ لِأنَّهُ لا يَلُومُ عَلى تَرْكِ الأوْلى إذا رُوعِيَ الشَّرِيطَةُ وهي عَدَمُ العُدْوانِ، وفِيهِ تَعْرِيضٌ بِمَكانِ أوَّلِيَّةِ العَفْوِ لِأنَّ ذِكْرَ الصِّفَتَيْنِ يَدُلُّ عَلى أنَّ هُناكَ شِبْهَ جِنايَةٍ، وإظْهارُ الِاسْمِ الجَلِيلِ في مَقامِ الإضْمارِ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ ذَلِكَ مِن مُقْتَضى الأُلُوهِيَّةِ.
وحَمْلُ الجُمْلَةِ عَلى ما ذُكِرَ أحَدُ أوْجُهٍ ثَلاثَةٍ ذَكَرَها الزَّمَخْشَرِيُّ في بَيانِ مُطابَقَةِ ذِكْرِ العَفُوِّ الغَفُورِ هَذا المَوْضِعَ، وثانِيها أنَّهُ دَلَّ بِذَلِكَ عَلى أنَّهُ تَعالى قادِرٌ عَلى العُقُوبَةِ لِأنَّهُ لا يُوصَفُ بِالعَفُوِّ إلّا القادِرُ عَلى ضِدِّهِ.
قالَ في الكَشْفِ: فَهو أيْ ( إنَّ اللَّهَ ) إلَخْ عَلى هَذا أيْضًا تَعْلِيلٌ لِلنُّصْرَةِ وأنَّ المُعاقَبَ يَسْتَحِقُّ فَوْقَ ذَلِكَ وإنَّما الِاكْتِفاءُ بِالمِثْلِ لِمَكانِ عَفْوِ اللَّهِ تَعالى وغُفْرانِهِ سُبْحانَهُ، وفِيهِ إدْماجٌ أيْضًا لِلْحَثِّ عَلى العَفْوِ وهَذا وجْهٌ وجِيهٌ اهَـ، وثالِثُها أنَّهُ دَلَّ بِذَلِكَ عَلى نَفْيِ اللَّوْمِ عَلى تَرْكِ الأوْلى حَسْبَما قَرَّرَ أوَّلًا إلّا أنَّ الجُمْلَةَ عَلَيْهِ خَبَرٌ ثانٍ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومَن عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ﴾ والخَبَرُ الآخَرُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾ فَيَكُونُ قَدْ أخْبَرَ عَنْهُ بِأنَّهُ لا يَلُومُهُ عَلى تَرْكِ العَفْوِ وأنَّهُ ضامِنٌ لِنَصْرِهِ في إحْلالِهِ ثانِيًا بِذَلِكَ.
(p-190)وجَعَلَ ذَلِكَ بَعْضُهم مِنَ التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ ولا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وقِيلَ: إنَّ العَفْوَ لَيْسَ لِارْتِكابِ المُعاقِبِ خِلافَ الأوْلى بَلْ لِأنَّ المُماثَلَةَ مِن كُلِّ الوُجُوهِ مُتَعَسِّرَةٌ فَيَحْتاجُ لِلْعَفْوِ عَمّا وقَعَ فِيها ولَيْسَ بِذاكَ، ونَقَلَ الطَّيِّبِيُّ عَنِ الإمامِ أنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ في قَوْمٍ مُشْرِكِينَ لَقُوا قَوْمًا مِنَ المُسْلِمِينَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتا مِنَ المُحَرَّمِ فَقالُوا: إنَّ أصْحابَ مُحَمَّدٍ ﷺ يَكْرَهُونَ القِتالَ في الشَّهْرِ الحَرامِ فاحْمِلُوا عَلَيْهِمْ فَناشَدَهُمُ المُسْلِمُونَ بِأنْ يَكُفُّوا عَنِ القِتالِ فَأبَوْا فَقاتَلُوهم فَنُصِرَ المُسْلِمُونَ ووَقَعَ في أنْفُسِهِمْ شَيْءٌ مِنَ القِتالِ في الشَّهْرِ الحَرامِ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى الآيَةَ، ثُمَّ قالَ: فَعَلى هَذا أمْرُ المُطابَقَةِ ظاهِرٌ ويَكُونُ أوْفَقَ لِتَأْلِيفِ النَّظْمِ، وذَلِكَ أنَّ لَفْظَهُ
{"ayah":"۞ ذَ ٰلِكَۖ وَمَنۡ عَاقَبَ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِیَ عَلَیۡهِ لَیَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











