الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: الأمْرُ ذَلِكَ؛ أيِ: الأمْرُ ما قَصَصْنا عَلَيْكم. ﴿وَمَن عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ﴾ والعُقُوبَةُ: الجَزاءُ، والأوَّلُ لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ، ولَكِنَّهُ سُمِّيَ عُقُوبَةً لِاسْتِواءِ الفِعْلَيْنِ في جِنْسِ المَكْرُوهِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٍ مِثْلُها﴾ [ الشُّورى: ٤٠ ]، لَمّا كانَتِ المُجازاةُ إساءَةً بِالمَفْعُولِ بِهِ سُمِّيَتْ سَيِّئَةً، ومَثَلُهُ: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [ البَقَرَة: ١٥ ]، قالَهُ الحَسَنُ. ومَعْنى الآيَةِ: مَن قاتَلَ المُشْرِكِينَ كَما قاتَلُوهُ. " ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ "؛ أيْ: ظُلِمَ بِإخْراجِهِ عَنْ مَنزِلِهِ. وزَعَمَ مُقاتِلٌ أنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أنَّ مُشْرِكِي مَكَّةَ لَقُوُا المُسْلِمِينَ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنَ المُحَرَّمِ فَقاتَلُوهم، فَناشَدَهُمُ المُسْلِمُونَ أنْ لا يُقاتِلُوهم في الشَّهْرِ الحَرامِ، فَأبَوْا إلّا القِتالَ، فَثَبَتَ المُسْلِمُونَ ونَصَرَهُمُ اللَّهُ عَلى المُشْرِكِينَ، (p-٤٤٧)وَوَقْعَ في نُفُوسِ المُسْلِمِينَ مِنَ القِتالِ في الشَّهْرِ الحَرامِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، وقالَ: ﴿إنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ﴾ عَنْهم ﴿غَفُورٌ﴾ لِقِتالِهِمْ في الشَّهْرِ الحَرامِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ﴾؛ أيْ: ذَلِكَ النَّصْرُ، ﴿بِأنَّ اللَّهَ﴾ القادِرَ عَلى ما يَشاءُ. فَمِن قُدْرَتِهِ أنَّهُ يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ ويُولِجُ النَّهارَ في اللَّيْلِ، وأنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لِدُعاءِ المُؤْمِنِينَ بَصِيرٌ بِهِمْ، حَيْثُ جَعَلَ فِيهِمُ الإيمانَ والتَّقْوى، ﴿ذَلِكَ﴾ الَّذِي فَعَلَ مِن نَصْرِ المُؤْمِنِينَ ﴿بِأنَّ اللَّهَ هو الحَقُّ﴾؛ أيْ: هو الإلَهُ الحَقُّ. ﴿وَأنَّ ما يَدْعُونَ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: ( يَدْعُونَ ) بِالياءِ. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ بِالتّاءِ، والمَعْنى: وأنَّ ما يَعْبُدُونَ ﴿مِن دُونِهِ هو الباطِلُ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب