الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾ المَحْقُ: نُقْصَانُ الشيء حالًا بعد حالٍ، ومنه المُحَاقُ في الهلال، يقال: مَحَقَهُ اللهُ فانْمَحَقَ وامتحق، أنشد يعقوب: وأَمْصَلْتِ [[في (ش): (وأمضلت).]] مالي كُلَّه بخيانةٍ ... وماسَسْتِ من شيء فَرَبُّكَ ماحِقُه [[ورد النص هكذا: لقد أمصلت عفراء مالي كله ... وماسست من شيء فربك ماحقه ذكره صاحب إصلاح المنطق 1/ 279: قال: وأنشدني الكلابي.]] وأنشد الليث [[نقله في "تهذيب اللغة" 4/ 3351 (مادة: محق).]]: يَزْدَادُ حُتَّى إذا مَا تَمّ أَعْقَبَهُ ... كَرُّ الجَدِيدَيْنِ نَقْصًا ثم يَمَّحِقُ [[ورد البيت هكذا: حتى إذا ما تراه تم أعقبه ... كر الجديدين نقصًا ثم يمحق والبيت لعبد الله بن المبارك، في "ديوانه" ص 90. والمِحَاق والمُحاقُ: آخر الشهر، إذا امَّحق الهلال فلم يُرَ.]] وأَمْحَقَ: إذا صار إلى حالة المحق، أنشد ابن السكيت [[نقله في "تهذيب اللغة" 4/ 3352 (مادة: محق).]]: أبوك الذي يَكْوِي أنوفَ عُنُوقِهِ ... بأظْفَارهِ حتَّى أَنَسَّ [[لعلها: حتى أنشروا محقًا.]] وأَمْحَقَا [[البيت لسبرة بن عمرو الأسدي، في "لسان العرب" 7/ 4147 (مادة: محق)، "تاج العروس" 13/ 438 (مادة: محق)، وبلا نسبة في "اللسان" 5/ 3136 (مادة: عنق)، "تهذيب اللغة" 4/ 3352 (مادة: محق)، وأنسَّ الشيء: بلغ غاية الجهد وهو نسيسه، أي: بقية نفسه.]] ويقال: هَجِيرٌ ماحق: إذا نَقَصَ كلُّ شيءٍ بحرارته وأحرقه [[ينظر في محق: "تهذيب اللغة" 4/ 3352، "المفردات" ص 466، "اللسان" 7/ 4147.]]. قال المفسرون: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾ أي: ينقصه ويذهب بركته، وإن كان كثيرًا، كما يُمْحِقُ القَمَرَ [["تفسير الثعلبي" 2/ 1723.]]، وقد روى ابن مسعود [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 3/ 104.]]، أن النبي ﷺ قال "الربا وإن كثر فإن عاقبته إلى قُلِّ" [[أخرجه ابن ماجه (2279) كتاب: التجارات، باب: التغليظ في الربا 2/ 765 حديث رقم 2279، والإمام أحمد في "المسند" 1/ 395 والحاكم في "المستدرك" 2/ 43 وصححه، والبيهقي في "شعب الإيمان" 4/ 392، وأبو يعلى في "مسنده" 8/ 456، والطبراني في "الكبير" 10/ 223 والأصبهاني في "الترغيب والترهيب" == 2/ 188، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 1723. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 2/ 42: إسناده صحيح ورجاله ثقات.]]. وقال ابن عباس في رواية الضحاك: يعنى: لا يقبل منه صدقةً ولا جهادًا ولا حجًّا ولا صلة [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1725، والبغوي في "تفسيره" 1/ 344، وابن الجوزي في "تفسيره" 1/ 273.]]. ﴿وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ قال في رواية عطاء: يريد: يُرَبِّي الصدقات لصاحبها [[ليست في (ي).]] كما يُرَبي أحدُكُم فَصِيلَه [[ذكره في "الوسيط"1/ 396. وهو من رواية التي تقدم الحديث عنها في قسم الدراسة.]]. أخبرنا أبو إسحاق بن أبي منصور المقرئ [[يعني شيخه أبا إسحاق الثعلبي رحمه الله.]] رحمه الله، ثنا [[في (ي): (قال أخبرنا).]] عبد الله ابن حامد [[عبد الله بن حامد الأصبهاني، أبو محمد، كان أبوه من أعيان التجار الأصبهانيين، ثم نزل بنيسابور، ولد عبد الله بنيسابور وتفقه على أبي الحسن البيهقي، توفي سنة 389. ينظر "الأنساب" 5/ 182، و"طبقات الشافعية" 3/ 306.]]، ثنا [[في (ي): (قال أخبرنا).]] أبو بكر محمد بن الحسين [[العالم الصالح مسند خراسان، أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليل النيسابوري القطان، قال الحاكم: أحضروني مجلسه غير مرة، ولم يصح لي عنه شيء وقال الخليلي: ثقة، وقال الذهبي: وسماعه صحيح كثير في الثقفيات، توفي سنة 332 هـ. ينظر "الإرشاد" 3/ 839، "السير" 15/ 318 - 319، "الوافي بالوفيات" 2/ 372.]]، ثنا [[في (ي): (قال: ثنا)، وفي (ش): (حدثنا)، وهكذا في الذي بعده.]] سهل بن عمار [[هو سهل بن عمار النيسِابوري روى عن يزيد بن هارون وغيره، متهم، كذبه الحاكم، قال في "تاريخه": سهل بن عمار بن عبد الله العتكي، قاضي هراة ثم طرسوس، وهو شيخ أهل الرأي في عصره، كانوا يمنعون السماع منه، توفي سنة 267 هـ ينظر "ميزان الاعتدال" 2/ 430، "السير" 13/ 32 - 33.]]، ثنا يزيد بن هارون [[هو: يزيد بن هارون بن زادان بن ثابت السلمي بالولاء الواسطي أبو خالد، ثقة متقن عابد من حفاظ الحديث الثقات، كان واسع العلم ذكيًا، كبير الأن، من أهل بخارى، وتوفي بواسط سنة 206 هـ. انظر: "الجرح والتعديل" 9/ 295، "تهذيب التهذيب" 4/ 431، " السير" 9/ 358.]]، ثنا عباد بن منصور النَّاجي [[هو: عباد بن منصور أبو سلمة الناجي البصري، سمع من عكرمة وعطاء وغيرهم، وأخذ عنه يحيى القطان ويزيد بن هارون وغيرهم، ولي قضاء البصرة، كان ضعيف الحديث، قال ابن حجر: صدوق رمي بالقدر، وكان يدلس، وتغير بأخرة. توفي سنة 152 هـ. ينظر: "السير" 7/ 105 - 106، "الجرح والتعديل" 6/ 86، "التقريب" ص 291 (3142).]]، قال: سمعت القاسم بن محمد [[سبقت ترجمته.]]، يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: "إن الله عز وجل يقبل الصدقات، ولا يتقبل منها إلا الطيب، ويأخذها بيمينه فيربيها، كما يربي أحدكم مهره، أو فلوّه، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾ [التوبة: 104] و ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [[الحديث بهذا الإسناد رواه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1726، فيه ضعف، لأن فيه سهل بن عمار، متهم، وعبد الله بن حامد، لم يذكر بجرح ولا تعديل، لكن الحديث صحيح متفق عليه. أخرجه البخاري (1410) كتاب: الزكاة، باب: الصدقة من كسب طيب، ومسلم (1014) كتاب: الزكاة، باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب، وغيرهما. وليس عندهما (وتصديق ذلك ...) وهذه الزيادة عند == أحمد 2/ 471، وأبي عبيد في "الأموال" 437، وحميد بن زنجويه في "الأموال" 2/ 795، "تفسير الثعلبي" 2/ 1726.]]. وقوله تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ قال عطاء: يريد: من جحد عظمة الله وكفر بما جاء به محمد ﷺ [[وهو من رواية عطاء التي تقدم الحديث عنها في قسم الدراسة.]]. وقيل: ﴿كُلَّ كَفَّارٍ﴾ بتحريم الربا، مستحل له (أَثِيمٍ) فاجر بأكله [["تفسير الثعلبي" 2/ 1729.]]. أخبر الله تعالى في هذه أن من جمع مالًا من الربا أذهب الله البركة عنه، حتى يتلف عليه، ويذهب من حيث لا يدري، ثم يبقى عليه الوزر والإثم بجمعه وأخْذِه، ويزيد صدقةَ من تَصَدَّق بشيء وان قلَّ، حتى يَكْثُرَ ما تصدق به.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب