الباحث القرآني

﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا﴾ أيْ يُذْهِبُ بَرَكَتَهُ ويُهْلِكُ المالَ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ، أخْرَجَ أحْمَدُ وابْنُ ماجَهْ وابْنُ جُرَيْجٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنِ الرِّبا وإنْ كَثُرَ فَعاقِبَتُهُ تَصِيرُ إلى قِلٍّ،» وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قالَ: سَمِعْنا أنَّهُ لا يَأْتِي عَلى صاحِبِ الرِّبا أرْبَعُونَ سَنَةً حَتّى يُمْحَقَ، ولَعَلَّ هَذا مَخْرَجُ الغالِبِ، وعَنِ الضَّحّاكِ أنَّ هَذا المَحْقَ في الآخِرَةِ بِأنْ يَبْطُلَ ما يَكُونُ مِنهُ مِمّا يُتَوَقَّعُ نَفْعُهُ فَلا يَبْقى (p-52)لِأهْلِهِ مِنهُ شَيْءٌ ﴿ويُرْبِي الصَّدَقاتِ﴾ يُزِيدُها ويُضاعِفُ ثَوابَها ويُكْثِرُ المالَ الَّذِي أُخْرِجَتْ مِنهُ الصَّدَقَةُ. أخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَن تَصَدَّقَ بِعِدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ ولا يَقْبَلُ اللَّهُ تَعالى إلّا طَيِّبًا، فَإنَّ اللَّهَ يَقْبَلُها بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيها لِصاحِبِها كَما يُرَبِّي أحَدُكم فَلْوَهُ حَتّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ ”،» وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ وأحْمَدُ مِثْلَ ذَلِكَ، والنُّكْتَةُ في الآيَةِ أنَّ المُرَبِّيَ إنَّما يَطْلُبُ في الرِّبا زِيادَةً في المالِ ومانِعُ الصَّدَقَةِ إنَّما يَمْنَعُها لِطَلَبِ زِيادَةِ المالِ، فَبَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّ الرِّبا سَبَبُ النُّقْصانِ دُونَ النَّماءِ وأنَّ الصَّدَقَةَ سَبَبُ النَّماءِ دُونَ النُّقْصانِ كَذا قِيلَ وجَعَلُوهُ وجْهًا لِتَعْقِيبِ آياتِ الإنْفاقِ بِآيَةِ الرِّبا. ﴿واللَّهُ لا يُحِبُّ﴾ لا يَرْتَضِي ﴿كُلَّ كَفّارٍ﴾ مُتَمَسِّكٍ بِالكُفْرِ مُقِيمٍ عَلَيْهِ مُعْتادٍ لَهُ ﴿أثِيمٍ﴾ [ 276 ] مُنْهَمِكٍ في اِرْتِكابِهِ، والآيَةُ لِعُمُومِ السَّلْبِ لا لِسَلْبِ العُمُومِ إذْ لا فَرْقَ بَيْنَ واحِدٍ وواحِدٍ، واخْتِيارُ صِيغَةِ المُبالَغَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلى فَظاعَةِ آكِلِ الرِّبا ومُسْتَحِلِّهِ، وقَدْ ورَدَ في شَأْنِ الرِّبا وحْدَهُ ما ورَدَ فَكَيْفَ حالُهُ مَعَ الِاسْتِحْلالِ؟ أعاذَنا اللَّهُ تَعالى مِن ذَلِكَ. فَقَدْ أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ والبَيْهَقِيُّ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «“ دِرْهَمٌ رِبًا أشَدُّ عَلى اللَّهِ تَعالى مِن سِتٍّ وثَلاثِينَ زَنْيَةً» وقالَ: «مَن نَبَتَ لَحْمُهُ مِن سُحْتٍ فالنّارُ أوْلى بِهِ،» وأخْرَجَ اِبْنُ ماجَهْ وغَيْرُهُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”إنَّ الرِّبا سَبْعُونَ بابًا أدْناها مِثْلُ أنْ يَقَعَ الرَّجُلُ عَلى أُمِّهِ وإنَّ أرْبى الرِّبا اِسْتِطالَةُ المَرْءِ في عِرْضِ أخِيهِ“،» وأخْرَجَ جَمِيلُ بْنُ دَرّاجٍ عَنِ الإمامِيَّةِ عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ قالَ: «دِرْهَمٌ رِبًا أعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى مِن سَبْعِينَ زَنْيَةً كُلُّها بِذاتِ مَحْرَمٍ في بَيْتِ اللَّهِ الحَرامِ». وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ أنَّهُ قالَ: «”لَعَنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في الرِّبا خَمْسَةً آكِلَهُ ومُوكِلَهُ وشاهِدَيْهِ وكاتِبَهُ“».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب