الباحث القرآني

فقال؛ ﴿مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ﴾ إن مع الفعل بمنزلة المصدر أي: ما كان له اتخاذ الولد على معنى أن ذلك ليس من صفته، ولا مما يليق به؛ لأن الولد مجانس للوالد، وكذلك من اتخذ ولدا إنما يتخذه من جنسه والله تعالى ليس كمثله شيء، فلا يجوز أن يكون له ولد، ولا أن يتخذ ولدا، وذكر ابن الأنباري في هذا وجهين: أحدهما: (أن هذه من المقلوب على معنى ما كان للولد أن يتخذه الله، فدخلت اللام في غير موضعها على مذهب العرب في الاتساع وقد تقدم لهذا نظائر. والثاني: أن المعنى ما كان ينبغي لله أن يتخذ من ولد، فنابت اللام عن الفعل الذي هو ينبغي، وتأويل لا ينبغي: لا يصلح ولا يستقيم) [[ذكر نحوه بلا نسبة في "المحرر الوجيز" 9/ 469، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 107.]]. وقوله تعالى: ﴿مِنْ وَلَدٍ﴾: ﴿مِنْ﴾ زائدة مؤكدة لاستغراق الجنس، فلا يجوز أن يتخذ ولدا واحدا ولا أكثر، هذا معنى قول الزجاج: (﴿مِنْ﴾ مؤكدة تدل على نفي الواحد والجماعة) [["معاني القرآن للزجاج" 3/ 329. وقول الزجاج أولى من القول بالزيادة، وذلك أدبًا مع كتاب الله -عز وجل- فإن وجل فإن كل حرف ورد فيه يقصد به معنى من المعاني.]]. ثم نزه نفسه عن مقالتهم بقوله سبحانه، ثم بين السبب في كون عيسى من غير أب فقال: ﴿إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ أي: إذا أراد أن يحدث ولدا من غير أب ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ كما فعل بآدم إذ خلقه من غير أب ولا أم، وهو قوله تعالى: ﴿مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]، والمعنى: أن كون عيسى إنما كان بقضاء الله وإرادته، وإذا أراد أمرا لم يتعذر عليه، وأوجده على الوجه الذي أراده، والكلام في مثل هذه الآية قد تقدم في سورة البقرة في قوله: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: 117] الآية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب