الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا﴾ قال ابن عباس: (سمع جبريل كلامها وعرف جزعها فناداها من تحتها أسفل منها تحت الأكمة [[ذكره نحوه "جامع البيان" 16/ 67، "النكت والعيون" 3/ 364، "المحرر الوجيز" 9/ 450، "معالم التنزيل" 5/ 226، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 135.]]. ﴿أَلَّا تَحْزَنِي﴾. وهذا قول الضحاك، والسدي، وقتادة: (أن المنادي كان جبريل، ناداها من سفح الجبل) [["تفسير القرآن" للصنعاني 2/ 7، "جامع البيان" 16/ 67 - 68، "النكت والعيون" 3/ 364، "معالم التنزيل" 5/ 226، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 321.]]. وقال مجاهد، والحسن: (الذي ناداها عيسى) [["تفسير القرآن" للصنعاني 2/ 6، "جامع البيان" 16/ 68 "بحر العلوم" 2/ 321، "النكت والعيون" 3/ 364، "المحرر الوجيز" 9/ 450.]]. وهو قول وهب، وسعيد بن جبير، وابن زيد [["جامع البيان" 16/ 68، "معالم التنزيل" 5/ 226، "تفسير القرآن العظيم" == 3/ 131، "الدر المنثور" 4/ 482، وهذا ما رجحه الطبري في "تفسيره" 16/ 68، وقال الشنقيطي في "أضواء البيان" 4/ 246: أظهر القولين عندي أن الذي ناداها هو ابنها عيسى وتدل على ذلك قرينتان الأولى: أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور. والقرينة الثانية: أنها لما جاءت به قومها تحمله وقالوا لها ما قالوا أشارت إلى عيسى ليكلموه، وإشارتها إليه ليكلموه قرينة على أنها عرفت قبل ذلك أنه يتكلم على سبيل خرق العادة لندائه لها عندما وضعته.]]. قال أبو إسحاق: (ويكون المعنى في مناداة عيسى لها أن يبين الله لها الآية في عيسى) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 325.]]. وقال أبو علي: (وأن يكون المنادي لها عيسى أشبه وأشد إزالة لما خامرها من الوحشة والاغتمام لما يوجد به طعن عليها) [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 197.]]: ولهذا كان الاختيار قراءة من قرأ: مَنْ تَحْتَهَا بفتح الميم [[قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر: (مَن تَحْتَها) بفتح الميم والتاء. وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: (مِن تَحْتِها) بكسر الميم والتاء. انظر: "السبعة" ص 408، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 197، "النشر" 2/ 318.]]، يعني به عيسى. وهو من وضع اللفظة العامة موضع الخاصة كما تقول: رأيت مَنْ عندك، وأنت تعني أحدًا بعينه [[في (س): (يعني).]]. وقوله تعالى: ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ قال ابن عباس: (يريد السري الجدول، وكان ساقيه للماء قبل ذلك، ثم انقطع [الماء منه، فأرسل الله الماء فيه لمريم) [[ذكر نحوه "جامع البيان" 16/ 69، و"النكت والعيون" 3/ 365، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 131، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 94.]]. وهذا قول عامة المفسرين [["تفسير القرآن" للصنعاني 2/ 7، "جامع البيان" 16/ 69 - 70، "النكت والعيون" 3/ 365، "المحرر الوجيز" 11/ 23، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 121. وجمهور المفسرين على ذلك وهو ما رجحه ابن جرير الطبري رحمه الله في "تفسيره" 16/ 71، وابن كثير 3/ 121. وقال الشنقيطي في "أضواء البيان" 4/ 248: أظهر القولين عندي أن السري في الآية النهر الصغير، والدليل على ذلك أمران أحدهما: القرينة من القرآن فقدله: ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي﴾ قرينة على أن ذلك المأكول والمشروب هو ما تقدم الامتنان به. الأمر الثاني: حديث جاء بذلك عن النبي -ﷺ- يقول فيه: "إن السرى الذي قال الله لمريم: ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ نهر أخرجه الله لها لتشرب منه". فهذا الحديث المرفوع إلى النبي -ﷺ- وإن كانت طرقه لا يخلو شيء منها من ضعف؛ أقرب إلى الصواب من دعوى أن السري عيسى بغير دليل يجب الرجوع إليه.]]. قال أبو إسحاق: (وروي عن الحسن أنه قال: (يعني عيسى عليه السلام، كان والله سريا من الرجال) [["جامع البيان" 16/ 70، "النكت والعيون" 3/ 365، "معالم التنزيل" 5/ 226، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 131، "زاد المسير" 5/ 222.]]. فعرف الحسن أن من العرب من يسمي النهر سريا [[السَّرِي: الجدول وهو قول جميع أهل اللغة. انظر: "تهذيب اللغة" (سري) 2/ 1680،"لسان العرب" (سرا) 4/ 2002، "المفردات في غريب القرآن" (سري) ص 231.]]. فرجع إلى هذا القول. ولا خلاف بين أهل اللغة أن السري: النهر بمنزلة الجدول) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 325.]]. وأنشد للبيد [[البيت للبيد وقد ورد في معلقته. عُرْضَ: الناحية. ومَسْجُورَة: عين مملوءة. القُلام: نبت ينبت على الأنهار، قيل هو نوع من الحمض. انظر "ديوانه" ص 170، "شرح القصائد العشر" للتبريزي ص 176، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 325، "الدر المصون" 7/ 584.]]: فتوَسَّطَا عُرْضَ السَّرِيِّ وَصدَّعَا ... مَسْجُورَةً مُتَجَاوِزًا قُلامُهَا ومعنى قوله: (تَحْتَكِ) قال الكلبي: (بحيال قدميك) [["النكت والعيون" 3/ 364.]]. فجعل تحت هاهنا إسما للجهة المحاذية للمتمكن، وهذا يوافق قول من قال: (إن جبريل ضرب الأرض من تحت قدمها) [["معالم التنزيل" 5/ 226، "الكشف والبيان" 3/ 4 أ، "التفسير الكبير" 11/ 205.]]. ويقال: (إن عيسى ضرب برجله فظهر عين ماء عذب وجرى) [["معالم التنزيل" 5/ 226، "روح المعاني" 16/ 83.]]. وقيل: (معنى قوله: ﴿تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ لم يكن الجدول محاذيًا لهذه الجهة، ولكن المعنى جعله دونك، وقد يقال: فلان تحتنا أي: دوننا في المواضع). قال ذلك أبو الحسن [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 197.]]. وقال بعض المفسرين: (معنى قوله: (تَحْتَكِ) أن الله تعالى جعل النهر تحت أمرها إن أمرته أن يجري جرى، وإن أمرته بالإمساك أمسك لقوله تعالى فيما أخبر عن فرعون: (وهذه الأنهار تجرى من تحتي) [[سورة الزخرف الآية رقم: (51).]] أي: من تحت أمري) [["معالم التنزيل" 5/ 226، "الكشف والبيان" 3/ 4 أ، "التفسير الكبير" 11/ 205، "روح المعاني" 16/ 83.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب