الباحث القرآني

﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ﴾، هذا كان فيما اقترح عليه المشركون، قالوا له: فأسقط السماء علينا، قال ابن عباس: يعنون العذاب، وهو كما زعمت [[ورد في تفسيره "الوسيط" 2/ 548 بنصه تقريبًا؛ بدون ضمير الفصل وهو.]]. قال عكرمة: كما زعمت يا محمد أنك نبي، فأسقط السماء علينا [[انظر: "تفسير الرازي" 21/ 57.]]. وقال آخرون: كما زعمت أن ربك إن شاء فعل [[انظر: "تفسير الرازي" 21/ 57، و"أبي حيان" 6/ 79.]]، وكذا ذكر المفسرون بالقصة [[عند آية [90].]]. وقوله تعالى: ﴿كِسَفًا﴾ فيه وجهان من القراءة؛ جزم السين [[قرأ بها: ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي، انظر: "السبعة" ص 385، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 1/ 382، و"علل القراءات" 1/ 329، و"الحجة للقراء" 5/ 119، و"المبسوط في القراءات" ص 231، و"التيسير" ص 141، و"النشر" 2/ 309.]] وفتحها [[قرأ بها: ابن عامر ونافع وعاصم. انظر المصادر السابقة.]]. قال أبو زيد: يقال: كَسَفْتُ الثوبَ أكْسِفُه كَسْفُا، إذا قَطَّعته قِطَعًا [[ورد في "الحجة للقراء" 5/ 119، بنصه، و"تفسير الطوسي" 6/ 518، بنصه.]] وقال الليث: الكَسْفُ: قَطْعُ العُرْقُوب [[ورد في "تهذيب اللغة" (كسف) 4/ 3143 بنصه. (العُرْقُوب): هو العصبُ الغليظُ المُوَتَّر فوق عقبِ الإنسان، أو خلف الكعبين. انظر: "اللسان" (عرقب) 5/ 2909، "متن اللغة" 4/ 83.]]، والكِسْفَة: القطعة. قال الفراء: وسمعت أعرابيًّا يقول لبزاز: أعطني كِسْفة، يريد قطعة كقولك: خِرْقَة [["معاني القرآن" للفراء 2/ 131 بتصرف يسير، وورد في "تهذيب اللغة" (كسف) 4/ 3143، بنصه.]]. روى عمرو عن أبيه: يقال لخِرَق القميص قبل أن يُؤَلَّفَ: الكِسَف، واحدها كِسْفَة [[ورد في "تهذيب اللغة " (كسف) 4/ 3143، بتصرف يسير.]]، فمن قرأ بسكون السين احتمل قوله وجوهًا، أحدها: أن يكون جمع كِسْفة، على حد دِمْنَةٍ ودِمَن [[الدِّمنة: آثار الناس وما سَوَّدوا، وقيل: ما سوَّدوا من آثار البعر، والجمع: دمن، وهو البعر، ودمَّنت الماشيةُ المكانَ: بعَرت فيه وبالت. انظر: "اللسان" (دمن) 3/ 1428.]]، وسِدْرة، وسِدَر هذا قول الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 131، بنحوه، ورد في "تهذيب اللغة" (كسف) 4/ 3143، بنحوه، وما في التهذيب أقرب.]]، وقال الكسائي: من وَحَّد خفف [[لم أقف عليه. قال القرطبي: قال الأخفش: من قرأ: كسْفًا من السماء، جعله، واحداً، ومن قرأ: كِسَفًا، جعله جمعاً. "تفسير القرطبي" 10/ 330.]]. قال أبو علي: إذا كان المصدرُ الكسْفَ، فالكسْفُ [[في جميع النسخ: (والكسف) بالواو عطفًا، والصواب ما أثبته من المصدر بالفاء؛ لأنه جواب شرط قرن بالفاء.]]: الشيء المقطوع؛ كما يقال في الطَّحْن والطِّحْن، والسَقي والسِّقي [["الحجة للقراء" 5/ 119، بنصه.]]، ويؤكد هذا قوله: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا﴾ [الطور: 44] ، وذكر الزجاج وجهاً ثالثًا، فقال: من قرأ كِسْفًا فكأنه قال: أو تسقطها طبَقًا علينا، واشتقاقه من كَسَفْتُ الشيء إذا غَطَّيته [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 259، بنصه.]]، ومن فتح السين فهو جمع كِسْفَةٍ مثل قِطْعَةٍ وقِطَعٍ، وسِدْرَةٍ وسِدَرٍ، وهو نصب على الحال في القراءتين جميعًا، كأنه قال: أو تسقط السماء علينا مقطعة [[ورد في "الحجة للقراء" 5/ 120، بنحوه]]. قال ابن عباس في قوله: ﴿كِسَفًا﴾: قطعًا [[أخرجه "الطبري" 15/ 161 بلفظه من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة)، ومن طريق العوفي (ضعيفة)، وورد بلفظه في "تفسير الماوردي" 3/ 273، و"الطوسي" 6/ 519.]] وقال مجاهد: السماء جميعًا [["تفسير مجاهد" 1/ 370، وأخرجه "الطبري" 15/ 161 بنصه من طريقين، انظر: "تفسير ابن عطية" 9/ 196]]، وهذا على قراءة من سَكَّن السين، ومعناه كما قال الزجاج: طبقًا، أو كما قال أبو علي: قطعة واحدة. وقوله تعالى: ﴿أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا﴾ ذكروا في هذا ثلاثة أقوال: قال ابن عباس في رواية الضحاك: عيانًا [[انظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 87، أورده السيوطي "الدر المنثور" 4/ 367 وعزاه إلى ابن أبي حاتم.]]، وهو قول قتادة وابن جريج [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 389 بلفظه عن قتادة، و"الطبري" 15/ 162، بنحوه عنهما، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 194 بلفظه عن قتادة، و"تفسير الثعلبي" 7/ 121 أبلفظه، و"الماوردي" 3/ 273، بنحوه عنهما، و"الطوسي" 6/ 520، بنحوه عنهما.]]، والمعنى: تأتي بهم حتى نراهم مقابلة، والعرب تُجري القبيل في هذا المعنى مجرى المصدر، فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وذكرنا هذا عند قوله: ﴿وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا﴾ [الأنعام: 111]، وهذا القول منهم يدل على جهلهم بصفة الله؛ حيث لم يعلموا أنه لا يجوز على الله المقابلة. القول الثاني: ما قاله ابن عباس في رواية عطاء: يريد فوجًا بعد فوج [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 21/ 58.]]. قال الليث: وكل جيل من الجن والناس قبيل [[ورد في "تهذيب اللغة" (قبل) 3/ 2876، بنصه.]]، ذكرنا ذلك في قوله: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ﴾ [الأعراف: 27]، وهذا قول مجاهد [["تفسير مجاهد" 1/ 370 بمعناه، أخرجه "الطبري" 15/ 162 بمعناه من طريقين، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 121 أبمعناه، انظر: "زاد المسير" 5/ 88.]]. القول الثالث: أن قبيلًا معناه هاهنا ضامنًا وكفيلاً، روي ذلك عن ابن عباس [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 121 أبلفظه، انظر: "زاد المسير" 5/ 88، و"القرطبي" 10/ 331.]]، وذكره الزجاج وابن قتيبة [["الغريب" لابن قتيبة 1/ 262، بنحوه.]]. قال الزجاج: يقال: قَبُلْتُ به أقْبُل، كقولك: كَفُلت أكفُل [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 259، بنصه تقريبًا.]]، وهو على هذا واحدٌ أريد به الجمع، وقد جاء [فعيل مفردًا] [[ما بين المعقوفين من (ش)، (ع) وفي (أ)، (د): (فصل مفرد).]] يُراد به الكثرة، كقول رؤبة: دَعْها فما النَّحْوِيُ من صديقِها [["ديوانه" ص 182، وورد في "جمهرة اللغة" 20/ 656، و"المذكر والمؤنث" لابن الأنباري 1/ 295، و"الأغاني" 20/ 367، و"أساس البلاغة" 2/ 11، و"شرح شواهد الإيضاح" 573، و"اللسان" (ذبح) 3/ 1486، (صدق) 4/ 2418، و"تخليص الشواهد" ص 184. والشاهد: أنه قال من صديقها: أي من أصدقائها، فهو مفرد وقع موقع الجمع.]] وكقوله تعالى: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [[قال الواحدي -رحمه الله-: قال الفراء: وإنما وحّد الرفيق وهو حقه الجمع؛ لأن الرفيق والبريد والرسول تذهب به العرب إلى الواحد وإلى الجمع.]] [النساء: 69]، واختار أبو علي أن يكون معناه المعاينة، قال: إذا حملته على المعاينة كان القبيل مصدرًا كالنذير والنكير، قال: ولو أريد به الكفيل لكان خليقًا أن يجمع على فعلاء كما قالوا: كفلاء؛ لأنه في الأصل صفة وإن كان قد استعمل استعمال الأسماء، قال: ويدل على أن المراد بالقبيل المعاينة لا الكفيل قوله: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا﴾ [الفرقان: 21]، وكما اقترح ذلك غيرهم في قوله: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: 153]، وقد مرّ [["الحجة للقراء" 3/ 386، بنصه تقريبًا.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب