الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا﴾ قال ابن عباس] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ش).]]: ﴿قُلْ﴾: لأهل مكة، ﴿آمِنُوا﴾: بالقرآن [[ورد بلا نسبة في "تفسير مقاتل" 1/ 221 أ، و"الطبري" 15/ 180، و"الوسيط" للواحدي 2/ 559.]]، ﴿أَوْ لَا تُؤْمِنُوا﴾ وهذا تهديد؛ أي فقد أنذر الله ووعد [[في (أ)، (د): (ووعده)، والمثبت من (ش)، (ع).]] وبَلَّغَ الرسول، فاختاروا ما تريدون، كما قال: ﴿فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 55]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ﴾ أي من قبل نزول القرآن، قال مجاهد: هم ناس من أهل الكتاب حين سمعوا ما أُنزل على محمد -ﷺ- خروا سجدًا [[أخرجه "الطبري" 15/ 181، بنحوه، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 123 أ، بنحوه، و"الطوسي" 6/ 532، بنحوه.]]. وقال ابن عباس: منهم زيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل [[لم أقف عليه، وورد بلا نسبة في: "تفسير البغوي" 5/ 136، و"ابن عطية" 9/ 217، و"الفخر الرازي" 21/ 69.]]، وعلى هذا ليس المراد بقوله: ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ أهل الكتاب، وإنما هم طلاب الدين. وقوله تعالى: ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ قال ابن عباس في رواية؛ الوالبي: يخرون للوجوه [[أخرجه "الطبري" 15/ 180 بلفظه من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة)، وورد بلفظه في "تفسير الجصاص" 3/ 209، و"الثعلبي" 7/ 123 أ، و"الماوردي" 3/ 280، و"الطوسي" 6/ 532، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 372 وزاد نسبته إلى ابن المنذر.]]، وهو قول قتادة [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 392 بلفظه، و"الطبري" 15/ 180 بلفظه من طريقين، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس 8/ 205، و"تفسير الجصاص" 3/ 209، و"الماوردي" 3/ 280، و"الطوسي" 6/ 532.]]. وقال في رواية عطاء: يريد: يسجدون بوجوههم وجباههم وأذقانهم [[ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 2/ 560 بنصه بلا نسبة.]]. قال أبو إسحاق: والذَّقَنُ مجمع اللَّحْيَيْنِ [[في (أ)، (د): (للجبين)، والمثبت من (ش)، (ع)، وهوالصحيح والموافق للمصدر. انظر: "المحيط في اللغة" (ذقن) 5/ 375.]]، وهو عضو من أعضاء الوجه، وكما يبتدئ المبتدئ يَخِرُّ فأقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض الذَّقَنُ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 264، بنصه.]]، وعلى هذا إنما خص الذقن بالذكر؛ لأنه أقرب أبعاض الوجه إلى الأرض، وهو هاهنا عبارة عن الوجه. وروى عبد الرزاق عن معمر قال: قال الحسن: لِلّحى [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 392 بلفظه، و"الطبري" 15/ 180 بلفظه، وورد بلفظه في "تفسير الجصاص" 3/ 359، و"الماوردي" 3/ 280، و"الطوسي" 6/ 532.]]، وعلى هذا القول: الأذقان عبارة عن اللِّحَى، وخصت بالذكر لأن المعنى أنهم يضعونها على الأرض للسجود تواضعًا لله تعالى، واللِّحْية تُلْقي بالإكرام والتنظيف، فإذا أذلوها في التراب فهو غاية التواضع، واللام هاهنا بمعنى على، كقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ﴾ [الحجرات: 2] أي عليه، والعرب تقول: سقط فلان لفيه، أي على فيه، قال الشاعر: فخر صريعًا لليدين وللفم [[صدره: تناولهُ بالرُّمحِ ثُمَّ اتَّنَى لَهُ نسب لجابر بن حُنَيّ التَّغْلِبي في "المفُضَّليات" ص 212، و"شرح شواهد المغني" 2/ 562. ونسب لربيعة بن مُكدَّم في "الأغاني" 16/ 75 برواية: وهتكت بالرمح الطويل إهابه ... فهوى ............ ونسب لعمام بن مقشعر البصري في "معجم الشعراء" ص 101 برواية: دلفته بالرمح من تحت بزه ونسب للأشعث الكندي في "الأزهية" ص 288 برواية: تناولْت بالرُّمْحِ الطَّويلِ ثِيَابَهُ وورد بلا نسبة في: "أدب الكاتب" ص 511، و"تفسير الزمخشري" 2/ 378، و"القرطبي" 10/ 341، و"رصف المباني" ص 297، و"الجنى الداني" ص 101، و"مغني اللبيب" ص 280، و"شرح الأشموني" 2/ 388. (تناوله بالرمح): طعنه، (اتَّنَى): أراد اثتنى فأدغم الثاء في التاء، فأبدلهما تاءً، ويروى انثنى، (خرّ): سقط. "شرح اختيار المفضل" 2/ 955.]] والمعنى أنهم يبادرون إلى السجود فيسقطون على الأذقان أولاً إذا وقعوا بالأرض إلى أن نصبوا [[هكذا في جميع النسخ ، والعبارة قلقة، ولعلها (يصيبوا) من الإصابة، وهي الإنسب للسياق.]] جباههم على الأرض للسجود؛ لأن الذقن ليس من أعضاء السجود، ويدل على هذا [[في (أ)، (د)، (ش): (أن هذا) والمثبت من (ع).]] قوله: ﴿يَخِرُّونَ﴾ ولم يقل: يسجدون؛ لأنه أراد مسارعتهم إلى ذلك حتى إنهم ليسقطون ويقولون في سجودهم: ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا﴾، أي: ينزهونه ويعظمونه، ﴿إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾: أي وعده بإنزال [[في (أ)، (د): (بأنزل)، والمثبت من (ش)، (ع).]] القرآن وبعث محمد -ﷺ-، وهذا يدل على أن هؤلاء كانوا من أهل الكتاب؛ لأن الوعد ببعث محمد -ﷺ- سبق في كتابهم، فهم كانوا ينتظرون ذلك الوعد. وذكر الليث وجهًا آخر في قوله: ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ فقال: العرب تقول إذا خَرّ الرجل فوقع على وجهه: خَرّ للذقن، وكذلك الشجر والحجر إذا قلبه السيل يقال: كبه السيل للذقن [[ورد بنحوه غيرمنسوب في "تفسير الفخر الرازي" 21/ 69.]]، ويدل على ما ذكره قول امرئ القيس يصف سيلًا شديدًا [[في (أ)، (د): (سبيلًا شديد)، والصحيح المثبت من (ش)، (ع) لغويًّا ونحويًّا.]]: يَكُبُّ على الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ [[وصدره: وأضْحى يَسُحُّ الماءَ عن كلِّ فيقةٍ "ديوانه" ص 121، وورد في: "أساس البلا غة" ص 299 مادة: (ذقن)، و"اللسان" (كهبل) 7/ 3945، (ذقن) 3/ 1506 (فيقة): الفيقة: الفترة ما بين الحلبتين، (كنهبل): أصله كَهْبَل والنون فيه زائدة، وهو شجر عظام من العِضاه، وقيل: صنف من الطَّلح قصار الشوك، والمعنى: كأنه يقول: إن المطر يسح ويسكن أخرى، يكب على الأذقان دوح الكنهبل، يقتلع شجر الكنهبل من أصوله ويلقيه على أم رأسه لشدة سحه وهيجه.]] فلما استعمل ذلك في الشجر إذا سقط واستعير له الذقن، كان ذكره في الإنسان الذي له الذقن أولى. وقوله تعالى: ﴿سُجَّدًا﴾ حال [[في (أ)، (د)، (ش): (قال)، والمثبت من (ع).]] مقدرة، المعنى: يَخِرّون مقدرين للسجود؛ لأن الإنسان في حال خُرُورِه لا يكون ساجدًا، قاله أبو إسحاق في قوله: ﴿خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 335، بنصه.]] [مريم: 58]، ومثله: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: 95]، وقد مرّ. قال أبو إسحاق: و (إن) و (اللام) في: ﴿إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ دخلتا للتوكيد [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 264، بنصه.]]، ومضى الكلام في مثل هذا في مواضع.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب