الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ قال ابن قتيبة: أي من الثمرات، وكل هاهنا لا يقع على العموم، كقوله: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: 23]، وقوله: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [["الغريب" لابن قتيبة ص 246، بنصه ولم يستشهد إلا بالآية الثانية.]] [الأحقاف: 25].
وقوله تعالى: ﴿فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ﴾ قال ابن عباس: يريد طُرقَ ربك [[ورد بلفظه بلا نسبة في "تفسير السمرقندي" 2/ 241، وهود الهواري 2/ 376، والثعلبي 2/ 159 ب، و"القرطبي" 10/ 135، وأبي حيان 5/ 512.]]، تطلب فيها الرعي، ﴿ذُلُلًا﴾ جمع ذَلُول، وهو المنقاد اللين المُسَخَّر، يقال: فرس ذلول بَيِّن الذُّلِ [[انظر: (ذل) في "تهذيب اللغة" 2/ 1290، و"المحيط في اللغة" 10/ 57، و"مجمل اللغة" 1/ 354، و"الصحاح" 4/ 1701.]].
قال مجاهد: لا يتوعَّرُ عليها مكان سلكته [["تفسير مجاهد" 1/ 349، بنصه، وأخرجه الطبري 14/ 140 بنصه من طريقين، ورد في "تفسير هود الهواري" 2/ 377، بنصه، والثعلبي 2/ 159 ب، بنصه، و"تفسير الماوردي" 3/ 199، بنصه، والطوسي 6/ 404، بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 29، وابن عطية 8/ 462، وابن الجوزي 4/ 466، و"الدر المنثور" 4/ 230، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]، فعلى هذا الذُّلُلُ من صفة السُّبُل، والنحل يرعى الأماكن البعيدة ذات الغِيَاضِ [[جمع غَيْضَة: وهي الأجمة؛ وهي مَغِيضُ ماء يجتمع فينبت فيه الشجر. انظر: (غيض) في "الصحاح" 3/ 1097، و"اللسان" 6/ 3327.]]، الأشْبَهُ: لا تتوعر عليها لتذليل الله لها إياها، وهذا القول اختيار الزجاج؛ لأنه قال في قولهه: ﴿سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا﴾، أي: قد ذَلَّلَها الله لك وسَهَّلَ عليك مَسالِكَها [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 210، بنصه.]].
وقال قتادة: ذُلُلًا يعني مطيعة [[أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (2/ 357) بلفظه، والطبري 14/ 140 بلفظه من طريقين، وورد بلفظه في "تفسير الثعلبي" 2/ 159ب، و"تفسير الماوردي" 3/ 199، والطوسي 6/ 404، وانظر: "تفسير أبي حيان" 5/ 512، و"الدر المنثور" 4/ 230، وزاد نسبته إلى ابن المنذر.]]، وهو اختيار ابن قتيبة؛ لأنه قال: منقادة بالتَّسْخِير [["الغريب" لابن قتيبة ص 246، بنصه.]]، وعلى هذا الذُّلُلُ من نعت النَّحل، وحكى الفراء القولين، فقال: ذُلُلًا نعتُ للسبيل، ويقال: نعت للنحل؛ أي ذُلِّلَت لأن يخرج الشراب من بطنها [["معاني القرآن" للفراء 2/ 109، بتصرف يسير، وكذلك النحاس ذكر القولين في == معانيه 4/ 84، بنحوه، وأورد الطبري الروايات على القولين، ثم قال: وكلا القولين غير بعيد من الصواب ... غير أنا اخترنا أن يكون نعتًا للسُّبل؛ لأنها إليها أقرب. "تفسير الطبري" 14/ 140.]].
وقوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا﴾ رجوع من الخطاب إلى الخبر، ﴿شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ﴾ قال ابن عباس: منه أحمر وأبيض وأصفر [[انظر: في "تفسير ابن الجوزي" 4/ 466، و"تنوير المقباس" ص 288، وورد بلفظه بلا نسبة في "تفسير مقاتل" 1/ 204 ب، والسمرقندي 2/ 241، والثعلبي 2/ 159 ب، والطوسي 6/ 404، والبغوي 5/ 29، و"ابن العربي" 3/ 1157، والفخر الرازي 20/ 72، و"تفسير القرطبي" 10/ 135، وابن كثير 2/ 634.]].
قال أبو إسحاق: هي تأكل الحامضَ والمُرَّ وما لا يُوصفُ طعمُهُ فيحيل اللهُ ذلك عَسَلًا يخرج من بطونها، إلا أنها تلقيه من أفواهها؛ كالريق الذي يخرج من فم ابن آدم [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 210، بتصرف يسير.]].
قوله تعالى: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ أكثرُ المفسرين على أن الكناية تعود إلى قوله: ﴿شَرَابٌ﴾، وهو العسل، وقالوا: إن في العسل شفاء للناس [[ورد بنحوه في "تفسير مقاتل" 1/ 204، و"معاني القرآن" للنحاس 4/ 85، والثعلبي 2/ 159ب، و"تفسير الماوردي" 3/ 200، والطوسي 6/ 404، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 463، وابن الجوزي 4/ 466، و"تفسير القرطبي" 10/ 136.]]، فإن قيل: قد رأينا من يَضُرُّه العسل، فكيف يكون فيه شفاء للناس؟! أجاب عن هذا الزجاج، وقال: الماء حياة كل شيء، وقد رأينا من يقتله الماء إذا أخذه على ما يُضَادُّه من علة في البدن [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 211، بنصه، لكنه في المصدر قال: (ما يصادف من علة).]]، وهذا معنى قول السدي: فيه شفاء للأوجاع التي شفاؤها فيه [[ورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 242، بنصه، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" 4/ 467.]].
وروي عن مجاهد: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾: أي في القرآن [[أخرجه الطبري 14/ 140 بلفظه، وورد بلفظه في "تفسير السمرقندي" 2/ 242، والثعلبي 2/ 159 ب، والماوردي 3/ 199، والطوسي 6/ 404، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 29، و"ابن العربي" 3/ 1157، واستبعده، وقال: ولو صح نقلاً لم يصح عقلاً، وذكره أيضًا ابن عطية 8/ 463، وابن الجوزي 4/ 467، والفخر الرازي 20/ 73، وضعفه. لا خلاف أن القرآن شفاء بنص آية الإسراء [82]، لكن السياق هنا لا يساعد على حمل الشفاء على القرآن، بل هو محمول على العسل.]].
قال أبو [إسحاق] [[في (أ)، (ش)، (د) بياض مكان (إسحاق)، وفي (ع): (علي)، والصحيح المثبت؛ لوروده في "معاني القرآن وإعرابه" بنصه.]] وهذا القول إذا فُسِّرَ عُلم أنه حَسَنٌ، المعنى فيما قصصنا عليكم من قصة النحل في القرآن وسائر القصص التي تدل على أن الله واحدٌ، شفاء للناس [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 211، بنصه.]]، وعلى هذا كون القرآن شفاء؛ أن فيه بيان الحلال والحرام، والدليل على وحدانية الله تعالى، ونفيًا لما يتخالج ويعترض من الشكوك، يدل على هذا قوله تعالى [في] [[إضافة يقتضيها السياق.]] وصفه القرآن: ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا في الصُّدُورِ﴾ [يونس: 57].
(وقال ابن مسعود: العسل فيه شفاء من كل داء، والقرآن شفاء لما في الصدور [[ما بين التنصيص ساقط من: (أ)، (د).]]) [[أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/ 127) بنصه، والطبري 14/ 141 بنصه، والثعلبي 2/ 159 ب، بنصه، وورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 242، بنصه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 29، والخازن 3/ 124.]]، وذكر الفراء والزجاج القولين جميعًا [["معانى القرآن" للفراء 2/ 109، بنصه، و"معاني القرآن وإعرابه" 3/ 211، بنصه.]].
واختار قوم القول الأول؛ وقالوا: إنه أليق بظاهر الكتاب [[منهم: الطبري 14/ 141 وقال: لأن قوله: ﴿فِيِه﴾ في سياق الخبر عن العسل، فأن تكون الهاء من ذكر العسل، إذ كانت في سياق الخبر عنه أولى من غيره، واختاره الثعلبي 2/ 159 ب بنصه، ورجحه البغوي 5/ 29، و"ابن العربي" 3/ 1159، و"الرازي" 20/ 73، وابن كثير 2/ 634، وغيرهم، وذكروا نحو قول ابن جرير.]]، واحتجوا بما أخبرناه أبو إسحاق بن أبي منصور المقرئ [[هو الثعلبي، وقد تقدمت ترجمته ضمن شيوخه.]] أنا عبد الله بن حامد [[عبد الله بن حامد بن محمد، أبو محمد النيسابوري، الواعظ الفقيه الشافعي، ولد في نيسابور، وتفقه على أبي محمد علي البيهقي، سمع مكي بن عبدان، ورحل إلى أبي علي بن أبي هريرة، روى عنه أبو عبد الله الحاكم، توفي سنة (389 هـ)، وعاش (83) سنة انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي 3/ 306، و"تاريخ الإسلام للذهبي" 27/ 182.]]، أنا مكي بيت عبدان [[أبو حاتم مكي بن عبدان التميمي النيسابوري، ثقة مأمون مقدم على أقرانه، سمع عبد الله بن هاشم ومحمد بن يحيى الذُّهلي، مات سنة (305 هـ). انظر: "تاريخ بغداد" 13/ 119، و"سير أعلام النبلاء" 15/ 70، و"شذرات الذهب" 2/ 307.]]، أنا عبد الرحمن بن بشر [[عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري، أبو محمد، محدث حافظ ثقة، روى عن سفيان بن عيينة، ويحمى بن سعيد، وعنه: البخاري ومسلم، مات سنة (260 هـ). انظر: "الجرح والتعديل" 5/ 215، و"سير أعلام النبلاء" 12/ 340، و"تهذيب التهذيب" 3/ 490.]]، أنا يحيى بن سعيد [[يحيى بن سعيد بن أبَان بن سعيد بن العاص، إمام محدث ثقة، روى عن الأعمش وسفيان الثوري، وعنه: أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي، مات سنة (194 هـ)
انظر: "الجرح والتعديل" 9/ 150، و"سير أعلام النبلاء" 9/ 139، و"تذكرة الحفاظ" 1/ 325، و"تقريب التهذيب" ص 590 (7554).]]، عن شعبة عن قتادة عن أبي المتوكل [[علي بن داود، أبو المتوكل النّاجي البصري، مشهور بكنيته، ثقة، حدّث عن أبي سعيد وأبي هريرة وابن عباس -رضي الله عنهما-، وعنه: قتادة وحُميد الطويل، مات سنة (102 هـ). انظر: "التاريخ الكبير" 6/ 273، و"الجرح والتعديل" 6/ 184، و"سير أعلام النبلاء" 5/ 8، و"تقريب التهذيب" ص 401 (4731).]]، عن أبي سعيد الخدري، قال: جاء رجل إلى النبي -ﷺ- فقال: إن أخي تشتكي بطنه فقال: "اسقه عسلًا" فذهب ثم رجع فقال: قد سقيته فلم يغن عنه شيئًا، فقال عليه السلام: " اذهب واسقه عسلاً، فقد صدق الله وكذب بطنُ أخيك، وسقاه فبرأ كأنما أُنْشِط من عقال" [[أخرجه بنحوه عبد الرزاق 2/ 358، عن قتادة مرسلاً، وأحمد 3/ 19، والبخاري (5684): الطب، الدواء بالعسل، ومسلم (2217) في السلام، باب: التداوي بسقي العسل، والترمذي (2083): الطب، ما جاء في التداوي بالعسل، والطبري 14/ 141 من طريقين عن قتادة مرسلاً، والحاكم: الطب/العسل لشفاء المعدة، والبيهقي 9/ 344)، والثعلبي 2/ 159 ب، بنصه وإسناده، والبغوي 5/ 29 - 30، بنحوه، وورد بنحوه في "تفسير السمرقندي" 2/ 241، وهود الهواري 2/ 378، و"الماوردي" 3/ 200، و"مشكاة المصابيح" (4521)، و"الرازي" 20/ 73، والخازن 3/ 124، و"الدر المنثور" 4/ 231، وزاد نسبته إلى ابن مردويه.]]، وتاوَّلُوا في قوله: "صدق الله" قوله تعالى: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد في عظمة الله وقدرته [[ورد في تفسيره "الوسيط" 2/ 419، بنصه بلا نسبة، وبنحوه غير منسوب في "تفسير ابن كثير" 2/ 635.]].
{"ayah":"ثُمَّ كُلِی مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِ فَٱسۡلُكِی سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلࣰاۚ یَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابࣱ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَ ٰنُهُۥ فِیهِ شِفَاۤءࣱ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق