الباحث القرآني
.
بَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّ مِثْلَ صَنِيعِ قُرَيْشٍ قَدْ وقَعَ مِن سائِرِ الأُمَمِ، فَقالَ مُسَلِّيًا لِرَسُولِهِ ﷺ ﴿تاللَّهِ لَقَدْ أرْسَلْنا إلى أُمَمٍ مِن قَبْلِكَ﴾ أيْ رُسُلًا ﴿فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهم﴾ الخَبِيثَةَ ﴿فَهُوَ ولِيُّهُمُ اليَوْمَ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ اليَوْمُ عِبارَةً عَنْ زَمانِ الدُّنْيا، فَيَكُونُ المَعْنى: فَهو قَرِينُهم في الدُّنْيا، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ اليَوْمُ عِبارَةً عَنْ يَوْمِ القِيامَةِ وما بَعْدَهُ، فَيَكُونُ لِلْحالِ الآتِيَةِ، ويَكُونُ الوَلِيُّ بِمَعْنى النّاصِرِ، والمُرادُ نَفْيُ النّاصِرِ عَنْهم عَلى أبْلَغِ الوُجُوهِ، لِأنَّ الشَّيْطانَ لا يُتَصَوَّرُ مِنهُ النُّصْرَةَ أصْلًا في الدّارِ الآخِرَةِ، وإذا كانَ النّاصِرُ مُنْحَصِرًا فِيهِ لَزِمَ أنْ لا نُصْرَةَ مِن غَيْرِهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرادَ بِاليَوْمِ بَعْضَ زَمانِ الدُّنْيا، وهو عَلى وجْهَيْنِ: الأوَّلُ أنْ يُرادَ البَعْضُ الَّذِي قَدْ مَضى، وهو الَّذِي وقَعَ فِيهِ التَّزْيِينُ مِنَ الشَّيْطانِ لِلْأُمَمِ الماضِيَةِ فَيَكُونُ عَلى طَرِيقِ الحِكايَةِ لِلْحالِ الماضِيَةِ.
الثّانِي أنْ يُرادَ البَعْضُ الحاضِرُ، وهو وقْتُ نُزُولِ (p-٧٨٩)الآيَةِ.
والمُرادُ تَزْيِينُ الشَّيْطانِ لِكُفّارِ قُرَيْشٍ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ في ﴿ولِيُّهُمُ﴾ لِكُفّارِ قُرَيْشٍ، أيْ: فَهو ولِيُّ هَؤُلاءِ اليَوْمَ، أوْ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، أيْ: فَهو ولِيُّ أمْثالِ أُولَئِكَ الأُمَمِ اليَوْمَ ﴿ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ أيْ في الآخِرَةِ وهو عَذابُ النّارِ.
ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ أنَّهُ ما هَلَكَ مَن هَلَكَ إلّا بَعْدَ إقامَةِ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وإزاحَةِ العِلَّةِ مِنهم فَقالَ: ﴿وما أنْزَلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ إلّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ وهَذا خِطابٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، والمُرادُ بِـ الكِتابَ القُرْآنُ، والِاسْتِثْناءُ مُفَرَّغٌ مِن أعَمِّ الأحْوالِ، أيْ: ما أنْزَلْناهُ عَلَيْكَ لِحالٍ مِنَ الأحْوالِ ولا لِعِلَّةٍ مِنَ العِلَلِ إلّا لِعِلَّةِ التَّبْيِينِ لَهم، أيْ: لِلنّاسِ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وأحْوالِ البَعْثِ وسائِرِ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ، وانْتِصابُ هُدًى ورَحْمَةً عَلى أنَّهُما مَفْعُولٌ لَهُما مَعْطُوفانِ عَلى مَحَلِّ لِتُبَيِّنَ، ولا حاجَةَ إلى اللّامِ، لِأنَّهُما فِعْلا فاعِلِ الفِعْلِ المُعَلَّلِ، بِخِلافِ التَّبْيِينِ فَإنَّهُ فِعْلُ المُخاطَبِ لا فِعْلُ المُنَزِّلِ ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ بِاللَّهِ سُبْحانَهُ ويُصَدِّقُونَ ما جاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ ونَزَلَتْ بِهِ الكُتُبُ.
ثُمَّ عادَ سُبْحانَهُ إلى تَقْرِيرِ وجُودِهِ وتَفَرُّدِهِ بِالإلَهِيَّةِ بِذِكْرِ آياتِهِ العِظامِ فَقالَ: ﴿واللَّهُ أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً﴾ أيْ مِنَ السَّحابِ، أيْ مِن جِهَةِ العُلُوِّ كَما مَرَّ، أيْ: نَوْعًا مِن أنْواعِ الماءِ ﴿فَأحْيا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها﴾ أيْ أحْياها بِالنَّباتِ بَعْدَ أنْ كانَتْ يابِسَةً لا حَياةَ بِها ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ الإنْزالِ والإحْياءِ ﴿لَآيَةً﴾ أيْ عَلامَةً دالَّةً عَلى وحْدانِيَّتِهِ وعَلى بَعْثِهِ لِلْخَلْقِ ومُجازاتِهِمْ ﴿لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ كَلامَ اللَّهِ ويَفْهَمُونَ ما يَتَضَمَّنُهُ مِنَ العِبَرِ، ويَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ.
﴿وإنَّ لَكم في الأنْعامِ لِعِبْرَةً﴾ الأنْعامُ هي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ ويَدْخُلُ في الغَنَمِ المَعِزُ، والعِبْرَةُ أصْلُها تَمْثِيلُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ لِيُعْرَفَ حَقِيقَتُهُ بِطَرِيقِ المُشاكَلَةِ، ومِنهُ ﴿فاعْتَبِرُوا ياأُولِي الأبْصارِ﴾ [الحشر: ٢]، وقالَ أبُو بَكْرٍ الوَرّاقُ: العِبْرَةُ في الأنْعامِ تَسْخِيرُها لِأرْبابِها وطاعَتُها لَهم، والظّاهِرُ أنَّ العِبْرَةَ هي قَوْلُهُ: ﴿نُسْقِيكم مِمّا في بُطُونِهِ﴾ فَتَكُونُ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً لِبَيانِ العِبْرَةِ.
قَرَأ أهْلُ المَدِينَةِ وابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ في رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ " نَسْقِيكم " بِفَتْحِ النُّونِ مِن سَقى يَسْقِي.
وقَرَأ الباقُونَ وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ بِضَمِّ النُّونِ مِن أسْقى يَسْقِي، قِيلَ هُما لُغَتانِ.
قالَ لَبِيدٌ:
؎سَقى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وأسْقى نُمَيْرًا والقَبائِلَ مِن هِلالِ
وقُرِئَ بِالتّاءِ الفَوْقِيَّةِ عَلى أنَّ الضَّمِيرَ راجِعٌ إلى الأنْعامِ، وقُرِئَ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلى إرْجاعِ الضَّمِيرِ إلى اللَّهِ سُبْحانَهُ، وهُما ضَعِيفَتانِ، وجَمِيعُ القُرّاءِ عَلى القِراءَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، والفَتْحُ لُغَةُ قُرَيْشٍ، والضَّمُّ لُغَةُ حِمْيَرَ، وقِيلَ إنَّ بَيْنَ ( سَقى وأسْقى ) فَرْقًا، فَإذا كانَ الشَّرابُ مِن يَدِ السّاقِي إلى فَمِ المَسْقِيِّ فَيُقالُ: سَقَيْتُهُ، وإنْ كانَ بِمُجَرَّدِ عَرْضِهِ عَلَيْهِ وتَهْيِئَتِهِ لَهُ قِيلَ: أسْقاهُ.
والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ ﴿مِمّا في بُطُونِهِ﴾ راجِعٌ إلى الأنْعامِ.
قالَ سِيبَوَيْهِ: العَرَبُ تُخْبِرُ عَنِ الأنْعامِ بِخَبَرِ الواحِدِ.
وقالَ الزَّجّاجُ لَمّا كانَ لَفْظُ الجَمْعِ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، فَيُقالُ هو الأنْعامُ، وهي الأنْعامُ - جازَ عَوْدُ الضَّمِيرِ بِالتَّذْكِيرِ.
وقالَ الكِسائِيُّ مَعْناهُ: مِمّا في بُطُونِ ما ذَكَرْنا. فَهو عَلى هَذا عائِدٌ إلى المَذْكُورِ.
قالَ الفَرّاءُ: وهو صَوابٌ.
وقالَ المُبَرِّدُ: هَذا فاشٍ في القُرْآنِ كَثِيرٌ مِثْلُ قَوْلِهِ لِلشَّمْسِ ﴿هَذا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٨]، يَعْنِي هَذا الشَّيْءَ الطّالِعَ، وكَذَلِكَ ﴿وإنِّي مُرْسِلَةٌ إلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ﴾ [النمل: ٣٥]، ثُمَّ قالَ: ﴿فَلَمّا جاءَ سُلَيْمانَ﴾ [النمل: ٣٦]، ولَمْ يَقُلْ جاءَتْ لِأنَّ المَعْنى جاءَ الشَّيْءُ الَّذِي ذَكَرْنا. انْتَهى، ومِن ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿كَلّا إنَّها تَذْكِرَةٌ فَمَن شاءَ ذَكَرَهُ﴾ [عبس: ١١، ١٢] ومِثْلُهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎مِثْلُ الفِراخِ نِيفَتْ حَواصِلُهُ
ولَمْ يَقُلْ حَواصِلُها، وقَوْلُ الآخَرِ:
؎وطابَ إلْقاحُ اللُّبانِ وبَرَدَ
ولَمْ يَقُلْ وبَرُدَتْ.
وحُكِيَ عَنِ الكِسائِيِّ أنَّ المَعْنى مِمّا في بُطُونِ بَعْضِهِ وهي الإناثُ، لِأنَّ الذُّكُورَ لا ألْبانَ لَها، وبِهِ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ وحُكِيَ عَنِ الفَرّاءِ أنَّهُ قالَ: النَّعَمُ والأنْعامُ واحِدٌ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، ولِهَذا تَقُولُ العَرَبُ: هَذِهِ نَعَمٌ وارِدٌ. فَرَجَعَ الضَّمِيرُ إلى لَفْظِ النَّعَمِ الَّذِي هو بِمَعْنى الأنْعامِ، وهو كَقَوْلِ الزَّجّاجِ ورَجَّحَهُ ابْنُ العَرَبِيِّ فَقالَ: إنَّما يَرْجِعُ التَّذْكِيرُ إلى مَعْنى الجَمْعِ، والتَّأْنِيثُ إلى مَعْنى الجَماعَةِ، فَذَكَّرَهُ هُنا بِاعْتِبارِ لَفْظِ الجَمْعِ وأنَّثَهُ في سُورَةِ المُؤْمِنِينَ بِاعْتِبارِ لَفْظِ الجَماعَةِ ﴿مِن بَيْنِ فَرْثٍ ودَمٍ﴾ الفَرْثُ: الزِّبْلُ الَّذِي يَنْزِلُ إلى الكَرِشِ، فَإذا خَرَجَ مِنهُ لَمْ يُسَمَّ فَرْثًا: يُقالُ أفْرَثَتِ الكَرِشُ إذا أخْرَجَتْ ما فِيها.
والمَعْنى: أنَّ الشَّيْءَ الَّذِي تَأْكُلُهُ يَكُونُ مِنهُ ما في الكَرِشِ، وهو الفَرْثُ ويَكُونُ مِنهُ الدَّمُ، فَيَكُونُ أسْفَلُهُ فَرْثًا وأعْلاهُ دَمًا وأوْسَطُهُ لَبَنًا. فَيَجْرِي الدَّمُ في العُرُوقِ واللَّبَنُ في الضُّرُوعِ، ويَبْقى الفَرْثُ كَما هو.
خالِصًا يَعْنِي مِن حُمْرَةِ الدَّمِ وقَذارَةِ الفَرْثِ بَعْدَ أنْ جَمَعَهُما وِعاءٌ واحِدٌ ﴿سائِغًا لِلشّارِبِينَ﴾ أيْ لَذِيذًا هَنِيئًا لا يُغَصُّ بِهِ مَن شَرِبَهُ. يُقالُ: ساغَ الشَّرابُ يَسُوغُ سَوْغًا أيْ سَهُلَ مَدْخَلُهُ في الحَلْقِ.
﴿ومِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ﴾ قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: التَّقْدِيرُ، ومِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ ما تَتَّخِذُونَ، فَحَذَفَ ( ما ) ودَلَّ عَلى حَذْفِهِ قَوْلُهُ مِنهُ وقِيلَ: هو مَعْطُوفٌ عَلى الأنْعامِ، والتَّقْدِيرُ: وإنَّ لَكم مِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ لَعِبْرَةً، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى مِمّا في بُطُونِهِ، أيْ: نُسْقِيكم مِمّا في بُطُونِهِ ومِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ، ويَجُوزُ أنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ ودَلَّ عَلَيْهِ ما قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ: ونَسْقِيكم مِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ، ويَكُونُ عَلى هَذا ﴿تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا﴾ بَيانًا لِلْإسْقاءِ وكَشْفًا عَنْ حَقِيقَتِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَتَعَلَّقَ بِـ تَتَّخِذُونَ تَقْدِيرُهُ ومِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ ثَمَرٌ تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا، ويَكُونُ تَكْرِيرُ الظَّرْفِ، وهو قَوْلُهُ مِنهُ لِلتَّأْكِيدِ كَقَوْلِكَ زِيدٌ في الدّارِ فِيها، وإنَّما ذُكِرَ الضَّمِيرُ في مِنهُ لِأنَّهُ يَعُودُ إلى المَذْكُورِ، أوْ إلى المُضافِ المَحْذُوفِ: وهو العَصِيرُ كَأنَّهُ قِيلَ ومِن عَصِيرِ ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنهُ، والسَّكَرُ ما يُسْكِرُ مِنَ الخَمْرِ، والرِّزْقُ الحَسَنُ جَمِيعُ ما يُؤْكَلُ مِن هاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ كالثَّمَرِ والدِّبْسِ والزَّبِيبِ والخَلِّ، وكانَ نُزُولُ هَذِهِ الآيَةِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ، وقِيلَ إنَّ السَّكَرَ الخَلُّ بِلُغَةِ الحَبَشَةِ، والرِّزْقُ (p-٧٩٠)الحَسَنُ الطَّعامُ مِنَ الشَّجَرَتَيْنِ، وقِيلَ: السَّكَرُ: العَصِيرُ الحُلْوُ الحَلالُ، وسُمِّيَ سَكَرًا لِأنَّهُ قَدْ يَصِيرُ مُسْكِرًا إذا بَقِيَ، فَإذا بَلَغَ الإسْكارَ حَرُمَ.
والقَوْلُ الأوَّلُ أوْلى وعَلَيْهِ الجُمْهُورُ، وقَدْ صَرَّحَ أهْلُ اللُّغَةِ بِأنَّ السَّكَرَ اسْمٌ لِلْخَمْرِ، ولَمْ يُخالِفْ في ذَلِكَ إلّا أبُو عُبَيْدَةَ فَإنَّهُ قالَ: السَّكَرُ: الطَّعْمُ.
ومِمّا يَدُلُّ عَلى ما قالَهُ جُمْهُورُ أهْلِ اللُّغَةِ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎بِئْسَ الصِّحابُ وبِئْسَ الشُّرْبُ شُرْبُهُمُ ∗∗∗ إذا جَرى فِيهِمُ الهَذْيُ والسَّكَرُ
ومِمّا يَدُلُّ عَلى ما قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ ما أنْشَدَهُ:
؎جَعَلْتُ عَيْبَ الأكْرَمِينَ سَكَرًا
أيْ جَعَلْتُ ذَمَّهم طَعْمًا، ورَجَّحَ هَذا ابْنُ جَرِيرٍ فَقالَ: إنَّ السَّكَرَ ما يُطْعَمُ مِنَ الطَّعامِ ويَحِلُّ شُرْبُهُ مِن ثِمارِ النَّخِيلِ والأعْنابِ وهو الرِّزْقُ الحَسَنُ، فاللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ والمَعْنى واحِدٌ مِثْلُ ﴿إنَّما أشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٦]، قالَ الزَّجّاجُ: قَوْلُ أبِي عُبَيْدَةَ هَذا لا يُعْرَفُ، وأهْلُ التَّفْسِيرِ عَلى خِلافِهِ ولا حُجَّةَ في البَيْتِ الَّذِي أنْشَدَهُ لِأنَّ مَعْناهُ عِنْدَ غَيْرِهِ أنَّهُ يَصِفُ أنَّها تَتَخَمَّرُ بِعُيُوبِ النّاسِ، وقَدْ حَمَلَ السَّكَرَ جَماعَةٌ مِنَ الحَنَفِيَّةِ عَلى ما لا يُسْكِرُ مِنَ الأنْبِذَةِ وعَلى ما ذَهَبَ ثُلُثاهُ بِالطَّبْخِ، قالُوا: وإنَّما يَمْتَنُّ اللَّهُ عَلى عِبادِهِ بِما أحَلَّهُ لَهم لا بِما حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ، وهَذا مَرْدُودٌ بِالأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ المُتَواتِرَةِ، عَلى فَرْضِ تَأخُّرِهِ عَنْ آيَةِ تَحْرِيمِ الخَمْرِ. اهـ.
﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ أيْ لَدَلالَةً لِمَن يَسْتَعْمِلُ العَقْلَ ويَعْمَلُ بِما يَقْتَضِيهِ عِنْدَ النَّظَرِ في الآياتِ التَّكْوِينِيَّةِ.
﴿وأوْحى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ في الوَحْيِ وأنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنى الإلْهامِ، وهو ما يَخْلُقُهُ في القَلْبِ ابْتِداءً مِن غَيْرِ سَبَبٍ ظاهِرٍ، ومِنهُ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿ونَفْسٍ وما سَوّاها فَألْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها﴾ [الشمس: ٧، ٨] ومِن ذَلِكَ إلْهامُ البَهائِمِ لِفِعْلِ ما يَنْفَعُها وتَرْكِ ما يَضُرُّها، وقَرَأ يَحْيى بْنُ وثّابٍ " إلى النَّحَلِ " بِفَتْحِ الحاءِ.
قالَ الزَّجّاجُ: وسُمِّيَ نَحْلًا لِأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ نَحَلَهُ العَسَلَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنهُ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ: والنَّحْلُ والنَّحْلَةُ الدَّبْرُ يَقَعُ عَلى الذَّكَرِ والأُنْثى ﴿أنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبالِ بُيُوتًا﴾ أيْ بِأنِ اتَّخِذِي عَلى أنَّ أنِ هي المَصْدَرِيَّةُ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ تَفْسِيرِيَّةً لِأنَّ في الإيحاءِ مَعْنى القَوْلِ، وأُنِّثَ الضَّمِيرُ في ( اتَّخِذِي ) لِكَوْنِهِ أحَدَ الجائِزَيْنِ كَما تَقَدَّمَ، أوْ لِلْحَمْلِ عَلى المَعْنى أوْ لِكَوْنِ النَّحْلِ جَمْعًا، وأهْلُ الحِجازِ يُؤَنِّثُونَ النَّحْلَ ومِنَ في ﴿مِنَ الجِبالِ بُيُوتًا﴾ وكَذا في ﴿مِنَ الشَّجَرِ﴾ وكَذا في مِمّا يَعْرِشُونَ لِلتَّبْعِيضِ، أيْ: مَساكِنَ تُوافِقُها وتَلِيقُ بِها في كُوى الجِبالِ وتَجْوِيفِ الشَّجَرِ، وفي العُرُوشِ الَّتِي يُعَرِّشُها بَنُو آدَمَ مِنَ الأجْناحِ والحِيطانِ وغَيْرِها، وأكْثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ فِيما يَكُونُ مِنَ الخَشَبِ، يُقالُ: عَرَّشَ يُعَرِّشُ بِكَسْرِ الرّاءِ وضَمِّها.
وبِالضَّمِّ قَرَأ ابْنُ عامِرٍ، وشُعْبَةُ.
وقَرَأ الباقُونَ بِالكَسْرِ.
وقُرِئَ أيْضًا ( بُيُوتًا ) بِكَسْرِ الباءِ وضَمِّها.
﴿ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَراتِ﴾ مِن لِلتَّبْعِيضِ لِأنَّها تَأْكُلُ النَّوْرَ مِنَ الأشْجارِ فَإذا أكَلْتِها ﴿فاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ﴾ أيِ الطُّرُقَ الَّتِي فَهَّمَكِ اللَّهُ وعَلَّمَكِ، وأضافَها إلى الرَّبِّ لِأنَّهُ خالِقُها ومُلْهِمُ النَّحْلِ أنْ تَسْلُكَها: أيِ ادْخُلِي طُرُقَ رَبِّكِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ في الجِبالِ وخِلالِ الشَّجَرِ، أوِ اسْلُكِي ما أكَلْتِ في سُبُلِ رَبِّكِ، أيْ: في مَسالِكِهِ الَّتِي يُحِيلُ فِيها بِقُدْرَتِهِ النَّوْرَ عَسَلًا أوْ إذا أكَلْتِ الثِّمارَ في الأمْكِنَةِ البَعِيدَةِ فاسْلُكِي إلى بُيُوتِكِ راجِعَةً ﴿سُبُلَ رَبِّكِ﴾ لا تَضِلِّينَ فِيها، وانْتِصابُ ذُلُلًا عَلى الحالِ مِنَ السُّبُلِ، وهي جَمْعُ ذَلُولٍ، أيْ: مُذَلَّلَةً غَيْرَ مُتَوَعِّرَةٍ، واخْتارَ هَذا الزَّجّاجُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وقِيلَ: حالٌ مِنَ النَّحْلِ، يَعْنِي: مُطِيعَةً لِلتَّسْخِيرِ وإخْراجِ العَسَلِ مِن بُطُونِها، واخْتارَ هَذا ابْنُ قُتَيْبَةَ، وجُمْلَةُ ﴿يَخْرُجُ مِن بُطُونِها﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ عَدَلَ بِهِ عَنْ خِطابِ النَّحْلِ، تَعْدِيدًا لِلنِّعَمِ، وتَعْجِيبًا لِكُلِّ سامِعٍ، وتَنْبِيهًا عَلى الغَيْرِ، وإرْشادًا إلى الآياتِ العَظِيمَةِ الحاصِلَةِ مِن هَذا الحَيَوانِ الشَّبِيهِ بِالذُّبابِ، والمُرادُ بِالشَّرابِ في الآيَةِ هو العَسَلُ، ومَعْنى ﴿مُخْتَلِفٌ ألْوانُهُ﴾ أنَّ بَعْضَهُ أبْيَضُ وبَعْضَهُ أحْمَرُ وبَعْضَهُ أزْرَقُ وبَعْضَهُ أصْفَرُ بِاخْتِلافِ ذَواتِ النَّحْلِ وألْوانِها ومَأْكُولاتِها.
وجُمْهُورُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ العَسَلَ يَخْرُجُ مِن أفْواهِ النَّحْلِ، وقِيلَ مِن أسْفَلِها، وقِيلَ لا يُدْرى مِن أيْنَ يَخْرُجُ مِنها، والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ﴾ راجِعٌ إلى الشَّرابِ الخارِجِ مِن بُطُونِ النَّحْلِ وهو العَسَلُ، وإلى هَذا ذَهَبَ الجُمْهُورُ.
وقالَ الفَرّاءُ، وابْنُ كَيْسانَ وجَماعَةٌ مِنَ السَّلَفِ: إنَّ الضَّمِيرَ راجِعٌ إلى القُرْآنِ، ويَكُونُ التَّقْدِيرُ فِيما قَصَصْنا عَلَيْكم مِنَ الآياتِ والبَراهِينِ شِفاءٌ لِلنّاسِ، ولا وجْهَ لِلْعُدُولِ عَنِ الظّاهِرِ ومُخالَفَةِ المَرْجِعِ الواضِحِ والسِّياقِ البَيِّنِ.
وقَدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ هَلْ هَذا الشِّفاءُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ في العَسَلِ عامٌّ لِكُلِّ داءٍ أوْ خاصٌّ بِبَعْضِ الأمْراضِ، فَقالَتْ طائِفَةٌ: هو عَلى العُمُومِ، وقالَتْ طائِفَةٌ: إنَّ ذَلِكَ خاصٌّ بِبَعْضِ الأمْراضِ، ويَدُلُّ عَلى هَذا أنَّ العَسَلَ نَكِرَةٌ في سِياقِ الإثْباتِ فَلا يَكُونُ عامًّا، وتَنْكِيرُهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ التَّعْظِيمُ لا يَدُلُّ إلّا عَلى أنَّ فِيهِ شِفاءً عَظِيمًا لِمَرَضٍ أوْ أمْراضٍ، لا لِكُلِّ مَرَضٍ، فَإنَّ تَنْكِيرَ التَّعْظِيمِ لا يُفِيدُ العُمُومَ، والظّاهِرُ المُسْتَفادُ مِنَ التَّجْرِبَةِ ومِن قَوانِينِ عِلْمِ الطِّبِّ، أنَّهُ إذا اسْتُعْمِلَ مُنْفَرِدًا كانَ دَواءً لِأمْراضٍ خاصَّةٍ وإنْ خُلِطَ مَعَ غَيْرِهِ كالمَعاجِينِ ونَحْوِها كانَ مَعَ ما خُلِطَ بِهِ دَواءً لِكَثِيرٍ مِنَ الأمْراضِ.
وبِالجُمْلَةِ فَهو مِن أعْظَمِ الأغْذِيَةِ وأنْفَعِ الأدْوِيَةِ، وقَلِيلًا ما يَجْتَمِعُ هَذانِ الأمْرانِ في غَيْرِهِ ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ المَذْكُورِ مِن أمْرِ النِّحَلِ ﴿لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ أيْ يُعْمِلُونَ أفْكارَهم عِنْدَ النَّظَرِ في صُنْعِ اللَّهِ سُبْحانَهُ وعَجائِبِ مَخْلُوقاتِهِ فَإنَّ أمْرَ النِّحَلِ مِن أعْجَبِها وأغْرَبِها وأدَقِّها وأحْكَمِها.
وقَدْ أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وأبُو داوُدَ في ناسِخِهِ وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والنَّحّاسُ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا ورِزْقًا حَسَنًا﴾ قالَ: السَّكَرُ ما حَرُمَ مِن ثَمَرَتِهِما، والرِّزْقُ الحَسَنُ ما حَلَّ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قالَ: السَّكَرُ الحَرامُ، والرِّزْقُ الحَسَنُ زَبِيبُهُ وخَلُّهُ وعِنَبُهُ ومَنافِعُهُ.
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ناسِخِهِ وابْنُ (p-٧٩١)المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا قالَ: السَّكَرُ النَّبِيذُ، والرِّزْقُ الحَسَنُ الزَّبِيبُ، فَنَسَخَتْها هَذِهِ الآيَةُ ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾ [المائدة: ٩٠] .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ عَنْهُ أيْضًا في الآيَةِ قالَ: فَحَرَّمَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ السَّكَرَ مَعَ تَحْرِيمِ الخَمْرِ لِأنَّهُ مِنهُ، ثُمَّ قالَ: ﴿ورِزْقًا حَسَنًا﴾ فَهو الحَلالُ مِنَ الخَلِّ والزَّبِيبِ والنَّبِيذِ وأشْباهِ ذَلِكَ، فَأقَرَّهُ اللَّهُ وجَعَلَهُ حَلالًا لِلْمُسْلِمِينَ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ السَّكَرِ، فَقالَ: الخَمْرُ بِعَيْنِها.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: السَّكَرُ خَمْرٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿وأوْحى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ﴾ قالَ: ألْهَمَها.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا﴾ قالَ: طُرُقًا لا يَتَوَعَّرُ عَلَيْها مَكانٌ سَلَكَتْهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ ذُلُلًا قالَ: مُطِيعَةً.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: ذَلِيلَةً.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿يَخْرُجُ مِن بُطُونِها شَرابٌ﴾ قالَ: العَسَلُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في الآيَةِ قالَ: هو العَسَلُ فِيهِ الشِّفاءُ وفي القُرْآنِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «إنَّ العَسَلَ شِفاءٌ مِن كُلِّ داءٍ، والقُرْآنُ شِفاءٌ لِما في الصُّدُورِ» .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «عَلَيْكم بِالشِّفاءَيْنِ العَسَلِ والقُرْآنِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ ماجَهْ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ وابْنُ السُّنِّيِّ، وأبُو نُعَيْمٍ، والخَطِيبُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «عَلَيْكم بِالشِّفاءَيْنِ العَسَلِ والقُرْآنِ» .
وقَدْ ورَدَتْ أحادِيثُ في كَوْنِ العَسَلُ شِفاءً: مِنها ما أخْرَجَهُ البُخارِيُّ مِن حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «الشِّفاءُ في ثَلاثَةٍ في شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أوْ كَيَّةٍ بِنارٍ وأنا أنْهى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ» .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما مِن حَدِيثِ أبِي سَعِيدٍ «أنَّ رَجُلًا أتى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ، فَقالَ: اسْقِهِ عَسَلًا. فَسَقاهُ عَسَلًا، ثُمَّ جاءَ فَقالَ: سَقَيْتُهُ عَسَلًا فَما زادَهُ إلّا اسْتِطْلاقًا، قالَ: اذْهَبْ فاسْقِهِ عَسَلًا. فَذَهَبَ فَسَقاهُ، ثُمَّ جاءَ فَقالَ: ما زادَهُ إلّا اسْتِطْلاقًا، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: صَدَقَ اللَّهُ وكَذَبَ بَطْنُ أخِيكَ اذْهَبْ فاسْقِهِ عَسَلًا. فَذَهَبَ فَسَقاهُ عَسَلًا فَبَرَأ» .
{"ayah":"ثُمَّ كُلِی مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِ فَٱسۡلُكِی سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلࣰاۚ یَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابࣱ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَ ٰنُهُۥ فِیهِ شِفَاۤءࣱ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق