قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ يعني كفار مكة [[انظر: الطبري 13/ 172، والقرطبي 9/ 333، و"تنوير المقباس" ص 159.]]، ﴿أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ﴾ يقصد أرض مكة، ﴿نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ بالفتوح على المسلمين منها، قال ابن عباس [[الطبري عن ابن عباس بلفظ قال: أولم يروا أنا نفتح لمحمد الأرض بعد الأرض 13/ 172، وابن مردويه كما في "الدر" 4/ 127، و"زاد المسير" 4/ 340.]]: يريد ما دخل في الإسلام من بلاد الشرك، وقال الضحاك [[الطبري 13/ 173، وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في "الدر" 4/ 127.
وأخرج عبد بن حميد نحوه في "الدر" 4/ 127، و"زاد المسير" 4/ 340، والثعلبي 7/ 142 ب.]]: أو لم ير أهل مكة أنا نفتح لمحمد ما حوله من القرى، وقال مقاتل [["تفسير مقاتل" 192 أ، و"زاد المسير" 4/ 340.]]: الأرض مكة، ونقصها من أطرافها غلبة المؤمنين عليها، وهذا قول الحسن [[الطبري 4/ 127، عبد الرزاق 2/ 339، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في "الدر" 4/ 127، الثعلبي 7/ 142 ب، و"تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 315.]]، وقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 151.]]: أعلم الله أن بيان ما وعدوا من قهرهم وتعذيبهم قد ظهر وتبين، يقول: أو لم يروا أنا فتحنا على المسلمين من الأرض ما قد تبين لهم، فكيف لا يعتبرون؟ وقال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 66.]]: أو لم ير أهل مكة أنا نفتح عليك ما حولها، أفلا يخافون أن تنالهم، وروي عن ابن عباس [[عبد الرزاق وابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في "الفتن"، وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه كما في "الدر" 4/ 126، الثعلبي 7/ 143 ب، الطبري 13/ 174، "زاد المسير" 4/ 340، والقرطبي 9/ 333، "تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 315.]] في قوله: ﴿نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ قال: موت علمائها وفقهائها. وذهاب خيار أهلها، ونحو هذا قال مجاهد [[عبد الرزاق 2/ 339، الطبري 13/ 174، وابن أبي شيبة كما في "الدر" 4/ 126، و"زاد المسير" 4/ 340، والقرطبي 9/ 333.]]، وعلى هذا المراد بالأطراف الأشراف [["تهذيب اللغة" (طرف) 3/ 2181.]]، يقال للأشراف الأطراف، قال الفرزدق [["ديوانه" 1/ 424، وفيه:
واسأل بنا وبكم إذا وردت ... مني أطراف كل قبيلة من يسمع
"تهذيب اللغة" (طرف) 3/ 218، و"اللسان" (طرف) 5/ 2660، وفيه:
وأسأل بنا وبكم إذا وردت ... مني أطراف كل قبيلة من يُمتَعُ]]:
واسْأَلْ بنَا وبكم إذا وَرَدَتْ بنا [[في (ب): (منا).]] ... أطْرَاف كلِّ قَبِيلَةٍ مَنْ تُمْنَعُ
يريد أشراف كل قبيلة.
قال ابن الأعرابي [["تهذيب اللغة" (طرف) 3/ 2181.]]: الطّرَف والطَّرْف من الرجال الكريم، والتفسير على القول الأول [[وقد رجحه الطبري 13/ 174، وابن كثير 2/ 572، وأبو حيان في "البحر المحيط" 5/ 400 ولم يذكر الزمخشري إلا نحو هذا القول.]]؛ لأن هذا وإن صح لا يليق بهذا الموضع.
وقوله تعالى: ﴿لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 159.]]: لا ناقض لحكمه، وقال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 66.]]: لا راد لحكمه، قال: والمعقب الذي يكرُّ على الشيء ويتبعه، ولا يكرُّ أحدٌ على ما أحكمه الله، وذكرنا الكلام في هذا عند قوله: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ [الرعد: 11].
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ قال ابن عباس [[القرطبي 9/ 334.]]: يريد سريع الانتقام، يعني حسابه للمجازاة بالخير والشر ومجازاة الكافر بالانتقام منه، وذكرنا الكلام في معنى سرعة حساب الله تعالى في سورة البقرة في قوله: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا﴾ [البقرة: 202].
{"ayah":"أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّا نَأۡتِی ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ یَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ"}