الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ﴾ قال محمد بن إسحاق [[الطبري 13/ 15، وابن أبي حاتم 7/ 2170.]] وغيره من المفسرين [[الطبري 13/ 15 عن السدي، وابن أبي حاتم 7/ 2170 عن قتادة، والثعلبي 7/ 95 أ.]]: إن إخوة يوسف لما أقدموا أخاه عليه، قالوا له: قد امتثلنا أمرك وأقدمنا أخانا الذي أحببت حضوره، فقال لهم: قد أحسنتم في ذلك، وأمر صاحب ضيافته أن ينزلهم ويزيد في تكرمتهم وإثرتهم، وأن ينزل كل اثنين منهم في منزل. فبقي أخوه منفردًا فقال: قد أشفقت على هذا من الوحدة والتفرد فأحببت أن أضمه إلى ليأنس ويزل عنه الاستيحاش والذعر. فذلك قوله: ﴿آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ﴾ أي ضمه إليه وأنزله معه. قاله الحسن [[انظر: "زاد المسير" 4/ 255، القرطبي 9/ 229، الرازي 18/ 177.]] وقتادة [[الطبري 13/ 15، وابن أبي حاتم 7/ 2170 وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 50، و"زاد المسير" 4/ 255.]]. وقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ﴾ قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 255.]]: قال له يوسف: أنا يوسف بن راحيل. ونحو هذا قال ابن إسحاق [[الطبري 13/ 15، وابن أبي حاتم 7/ 2170، و"زاد المسير" 4/ 255، وابن عطية 8/ 24.]] وجماعة من المفسرين [[الثعلبي 7/ 96 أ، القرطبي 9/ 229، البغوي 4/ 259، الرازي 18/ 178.]]، قالوا: اعترف له بالنسب، وقال: لا تخبر أحدًا منهم بما ألقيت إليك. وقال وهب [[الطبري 13/ 15، الثعلبي 7/ 96 أ، "زاد المسير" 4/ 255، ابن عطية 8/ 25.]] والشعبي [[الثعلبي 7/ 96 أ.]]: لم يعترف له بالنسبة، ولكنه قال تطييبًا لنفسه: أنا أخوك بدل أخيك المفقود، وذلك أنه لما ضمه إليه خلا به وسأله عن حاله، فذكر وجده بأخ له من أبيه وأمه فُقِد، قال له يوسف: أنا أخوك بدل أخيك الهالك. وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 152.]]: يريد فلا تغتم ولا تحزن. ونحوه قال قتادة [[الطبري 13/ 16، وابن أبي حاتم 7/ 2170، والثعلبي 7/ 96 أ، وأبو الشيخ كما في الدر 4/ 50، و"زاد المسير" 4/ 256.]] وغيره، ﴿تَبْتَئِسْ﴾ تفعيل من البؤس وهو الضر والشدة، أي لا يلحقنك بؤس. هذا قول أهل اللغة [["زاد المسير" 4/ 256، وعزاه لابن الأنباري وانظر: "تهذيب اللغة" (بئس) 1/ 411، و"اللسان" (بئس) 1/ 200.]]. وقال أهل المعاني (لا تبتئس): اجتلاب البؤس بالحزن. وقوله تعالى: ﴿بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 256.]]: ندبه إلى أن لا يحزن على ما يقع به من إخوته في المستقبل حين يسرقونه ويشبهونه بأخيه في السرقة، و (كانوا) بمعنى يكونون، وتقديره: لا تبتئس بما يكونون يعملون بعد هذا الوقت، إلى هذا المعنى ذهب مقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 156 أ.]]، والعرب تجعل (كان) في موضع يكون، و (يكون) في موضع (كان) إذا انكشف المعنى، قال الشاعر [[البيت لجرير بن عطية، وهو في "ديوانه" ص 263، و"زاد المسير" 4/ 256.]]: فأدْرَكْتُ مَنْ قد كان قَبْلِي ولَمْ أدَعْ ... لمن كان بَعْدِي في القَصَائِد مَصْنَعا أراد: لمن يكون، وقال زياد [[البيت لزياد الأعجم وهو زياد بن سُلْمى، وقيل زياد بن جابر بن عمرو بن عامر، من عبد القيس، وقيل له الأعجم، للكنة كانت فيه، شاعر إسلامي، شهد فتح اصطخر، وتوفي في حدود المائة للهجرة، انظر: "الشعر والشعراء" ص 279، و"معجم الأدباء" 3/ 352. وهو في "ديوانه" ص 54، و"الخزانة" 3/ 192، و"أمالي المرتضى" 2/ 199، 301، و"الشعر والشعراء" ص 280، و"زاد المسير" 4/ 256، و"اللسان" (كون) 7/ 3962، ونسب للصلتان العبدي في أمالي المرتضى 2/ 199، وبلا نسبه في "تلخيص الشواهد" 512.]]: وانْضَحْ جَوَانِبَ قَبْرِه بدِمَائِها ... فلَقَد يَكُونُ أخا دَمٍ وذَبَائح أراد: فلقد كان، وروى الكلبي عن ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 256، الرازي 18/ 178.]]: أن إخوة يوسف كانوا يعيرون يوسف وأخاه لعبادة جدهما أبي أمِّهما الأصنام، وبأن راحيل أمُّهما أمرت يوسف فسرق جونةً كانت لأبيها فيها أصنام، رجاء أن يترك عبادتها إذا فقدها، فقال له: ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي: من التعيير لنا بما كان عليه جدُّنا. وقال آخرون [["زاد المسير" 4/ 256، الرازي 18/ 178.]]: ﴿بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ من إقامتهم على حسدنا الحرص على انصراف وجه أبينا عنا، وعلى ما ألزموك من الأسف بما فعلوا بي، فقد جمع الله بيني وبينك، وأرجو أن يجمع الله بيننا وبين يعقوب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب