قوله تعالى: وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ يعني: إخوته اوَى إِلَيْهِ أَخاهُ يعني: ضمّ إليه أخاه بنيامين قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ قال بعضهم: أخبره في السر أنه أخوه. وقال بعضهم: لم يخبره، ولكن معناها: إني لك كأخيك الهالك. فأنزلهم يوسف منزلاً، وأجرى عليهم الطعام والشراب فلما كان الليل أتاهم بالفرش، وقال: لينام كل أخوين منكم على فراش واحد. ففعلوا، وبقي الغلام وحده فقال يوسف: هذا ينام معي على فراشي. فبات معه يوسف، يشم ريحه.
ويقال: لما كان عند الطعام، أمر كل اثنين أن يأكلا في قصعة واحدة، وبقي بنيامين وحده، فبكى وقال: لو كان أخي في الأحياء، لأكلت معه. فقال له يوسف: إني أنا أخوك، يعني: بمنزلة أخيك فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يقول: لا تحزن بما يعيرون يوسف وأخاه بشيء.
قوله تعالى: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ يعني: كال لهم كيلهم جَعَلَ السِّقايَةَ يعني:
وضع ودس الإناء فِي رَحْلِ أَخِيهِ بنيامين فخرجوا وحملوا الطعام، وذهبوا. فخرج يوسف على أثرهم حتى أدركهم ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ يعني: نادى منادٍ بينهم، واسم المنادي أفرايم من فتيان يوسف. قال: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ إناء الملك، فانقطعت ظهورهم، وساء ظنهم.
قوله تعالى: قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ يعني: وأقبلوا إليهم وقالوا: مَّاذَا تَفْقِدُونَ يعني:
ماذا تطلبون قالُوا يعني: قال المنادي والغلمان نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ قال قتادة: صُواعَ إناء الملك الذي يشرب فيه. وقال عكرمة: هو إناء من فضة [[عزاه السيوطي: 4/ 559 إلى ابن جرير وأبي الشيخ.]] . وقال سعيد بن جبير: هو المكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه، وكانت الأعاجم تشرب فيه [[عزاه السيوطي: 4/ 559 إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.]] . وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: «كان إناء من فضة مثل المكوك، وكان للعباس واحد منها في الجاهلية» .
وروي عن أبي هريرة أنه قرأ: صاع الملك يعني: الصاع الذي يكال به الحنطة [[عزاه السيوطي: 4/ 559 إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري.]] . وقرأ بعضهم: صوع الملك. وقرأ يحيى بن عمرو صوغ الملك بالغين. يعني: إناء مصوغاً.
وقراءة العامة: صُوَاعَ الملك يعني: الإناء وهي المشربة من فضة. وكان الشرب في إناء الفضة مباحاً في الشريعة الأولى، وأما في شريعتنا فالشراب في إناء الفضة حرام.
ثم قال: وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ يعني: قال المنادي: من جاء بالصوع فله حمل بعير من بر، وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ أي أنا كفيل بتسليم ذلك إليه، لأن الملك يتهمني في ذلك. قالُوا أي: أخوة يوسف تَاللَّهِ والله لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ يعني: ما جئنا لنعمل بالمعاصي في أرض مصر، ونخون أحداً. وَما كُنَّا سارِقِينَ وكان الحكم في أرض مصر للسارق: الضرب والتضمين، وكان الحكم بأرض كنعان: أنهم يأخذون السارق ويسترقونه، ففوضوا الحكم إلى بني يعقوب ليحكموا بحكم بلادهم قالُوا يعني: المؤذن وأصحابه لأولاد يعقوب فَما جَزاؤُهُ يعني: فما جزاء السارق إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا يعني: إخوة يوسف جَزاؤُهُ يعني: عقابه مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ يعني: في وعائه فَهُوَ جَزاؤُهُ يعني: الاستعباد جزاء سرقته كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ يعني: هكذا نعاقب السارق في سنة آل يعقوب.
{"ayahs_start":69,"ayahs":["وَلَمَّا دَخَلُوا۟ عَلَىٰ یُوسُفَ ءَاوَىٰۤ إِلَیۡهِ أَخَاهُۖ قَالَ إِنِّیۤ أَنَا۠ أَخُوكَ فَلَا تَبۡتَىِٕسۡ بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ جَعَلَ ٱلسِّقَایَةَ فِی رَحۡلِ أَخِیهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَیَّتُهَا ٱلۡعِیرُ إِنَّكُمۡ لَسَـٰرِقُونَ","قَالُوا۟ وَأَقۡبَلُوا۟ عَلَیۡهِم مَّاذَا تَفۡقِدُونَ","قَالُوا۟ نَفۡقِدُ صُوَاعَ ٱلۡمَلِكِ وَلِمَن جَاۤءَ بِهِۦ حِمۡلُ بَعِیرࣲ وَأَنَا۠ بِهِۦ زَعِیمࣱ","قَالُوا۟ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَـٰرِقِینَ","قَالُوا۟ فَمَا جَزَ ٰۤؤُهُۥۤ إِن كُنتُمۡ كَـٰذِبِینَ","قَالُوا۟ جَزَ ٰۤؤُهُۥ مَن وُجِدَ فِی رَحۡلِهِۦ فَهُوَ جَزَ ٰۤؤُهُۥۚ كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلظَّـٰلِمِینَ"],"ayah":"وَلَمَّا دَخَلُوا۟ عَلَىٰ یُوسُفَ ءَاوَىٰۤ إِلَیۡهِ أَخَاهُۖ قَالَ إِنِّیۤ أَنَا۠ أَخُوكَ فَلَا تَبۡتَىِٕسۡ بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"}