الباحث القرآني

(p-294)﴿وَلَمّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إلَيْهِ أخاهُ﴾ بِنْيامِينَ، أيْ: ضَمَّهُ إلَيْهِ في الطَّعامِ، أوْ في المَنزِلِ، أوْ فِيهِما، رُوِيَ أنَّهم لَمّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا لَهُ: هَذا أخُونا قَدْ جِئْناكَ بِهِ، فَقالَ لَهُمْ: أحْسَنْتُمْ وسَتَجِدُونَ ذَلِكَ عِنْدِي فَأكْرَمَهُمْ، ثُمَّ أضافَهم وأجْلَسَهم مَثْنى مَثْنى، فَبَقِيَ بِنْيامِينُ وحِيدًا فَبَكى، وقالَ: لَوْ كانَ أخِي يُوسُفُ حَيًّا لَأجْلَسَنِي مَعَهُ، فَقالَ يُوسُفُ: بَقِيَ أخُوكم فَرِيدًا وأجْلَسَهُ مَعَهُ عَلى مائِدَتِهِ، وجَعَلَ يُؤاكِلُهُ، ثُمَّ أنْزَلَ كُلَّ اثْنَيْنِ مِنهم بَيْتًا، فَقالَ: هَذا لا ثانِيَ مَعَهُ فَيَكُونُ مَعِي فَباتَ يُوسُفُ يَضُمُّهُ إلَيْهِ، ويَشُمُّ رائِحَتَهُ حَتّى أصْبَحَ، وسَألَهُ عَنْ ولَدِهِ، فَقالَ: لِي عَشَرَةُ بَنِينَ، اشْتَقَقْتُ أسْماءَهم مِنِ اسْمِ أخٍ لِي هَلَكَ، فَقالَ لَهُ: أتُحِبُّ أنْ أكُونَ أخاكَ بَدَلَ أخِيكَ الهالِكِ؟ قالَ: مَن يَجِدُ أخًا مِثْلَكَ، ولَكِنْ لَمْ يَلِدْكَ يَعْقُوبُ ولا راحِيلُ، فَبَكى يُوسُفُ، وقامَ إلَيْهِ وعانَقَهُ وتَعَرَّفَ إلَيْهِ وعِنْدَ ذَلِكَ ﴿قالَ إنِّي أنا أخُوكَ﴾ يُوسُفُ ﴿فَلا تَبْتَئِسْ﴾ أيْ فَلا تَحْزَنْ ﴿بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ بِنا فِيما مَضى، فَإنَّ اللَّهَ تَعالى قَدْ أحْسَنَ إلَيْنا وجَمَعَنا بِخَيْرٍ، ولا تُعْلِمْهم بِما أعْلَمْتُكَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما. وَعَنْ وهْبٍ أنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّفْ إلَيْهِ، بَلْ قالَ لَهُ: أنا أخُوكَ بَدَلَ أخِيكَ المَفْقُودِ، ومَعْنى ﴿ (فَلا تَبْتَئِسْ)﴾ لا تَحْزَنْ بِما كُنْتَ تَلْقى مِنهم مِنَ الحَسَدِ والأذى، فَقَدْ أمِنتَهُمْ، ورُوِيَ أنَّهُ قالَ لَهُ: فَأنا لا أُفارِقُكَ، قالَ: قَدْ عَلِمْتَ بِاغْتِمامِ والِدِي بِي، فَإذا حَبَسْتُكَ يَزْدادُ غَمُّهُ، ولا سَبِيلَ إلى ذَلِكَ إلّا أنْ أنْسُبَكَ إلى ما لا يَجْمُلُ، قالَ: لا أُبالِي فافْعَلْ ما بَدا لَكَ، قالَ: أدُسُّ صاعِي في رَحْلِكَ، ثُمَّ أُنادِي عَلَيْكَ بِأنَّكَ سَرَقْتَهُ لِيَتَهَيَّأ لِي رَدُّكَ بَعْدَ تَسْرِيحِكَ مَعَهُمْ، قالَ: افْعَلْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب