الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ﴾، قال المفسرون [[الثعلبي 7/ 95 أ، و"زاد المسير" 4/ 253.]]: كان لمصر أربعة أبواب فدخلوها من أبوابها كلها. وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾، قال ابن عباس [["تنوير المقباس" ص 152 بنحوه.]]: يريد ما كان ذلك ليرد قضاء قضاه الله ولا أمرًا قدره الله، وقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 119.]] فتأويل ﴿مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ أن العين لو قدر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم مجتمعين، وقال ابن الأنباري: معناه لم يسبق في علم الله أن العين تهلكهم عند الاجتماع، فكان تفرقهم كاجتماعهم. وعلى ما ذكر من التأويل يكون التقدير: ما كان يغني عنهم ذلك الدخول من الأبواب المتفرقة من الله شيئًا لو قَضَى وقدر فـ"من" في قوله ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ دخلت على المفعول كقولك: ما رأيت من أحد. وفي الآية محذوف وهو (لو قَضَى) على ما ذكرنا، وذكر أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 119.]] وجهًا آخر فقال: وجائز أن يكون لا يغني عنهم مع قضاء الله شيء، وعلى هذا: "من" دخلت على الفاعل نحو: ما جاءني من أحد، والتقدير: ما كان يغني عنهم من الله شيء مع قضائه، والمحذوف على هذا التقدير (مع قضائه)، قال المفسرون [[الثعلبي 95/ 7 أ.]]: وهذا تصديق من الله تعالى ليعقوب في قوله: ﴿مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا﴾ قال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 119.]]: "حاجة" استثناء ليس من الأول. المعنى: لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها، يعني أن ذلك الدخول: قضاء حاجة في نفس يعقوب، وهي إرادته أن يكون دخولهم من أبواب متفرقة شفقة عليهم وخوفًا من العين. والمفسرون [[الثعلبي 7/ 95 أ.]] فسروا الحاجة هاهنا الحزازة والهمة. قال ابن الأنباري: وقد يقال للحاجة: حزازة لأنها تؤثِّر في القلب، ويلزم همها النفس. المعنى أن ذلك الدخول شفى حزازة قلبه، ولما سميت الحزازة حاجة، جعل إزالتها قضاء. وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ﴾ قال ابن عباس [[انظر: "زاد المسير" 4/ 254.]]: لذو يقين ومعرفة بالله. وقال الكلبي [[انظر: "زاد المسير" 4/ 254، القرطبي 9/ 229، ابن كثير 2/ 531.]]: لذو عمل، ونحو هذا روى سعيد عن قتادة [[الطبري 13/ 14، الثعلبي 7/ 95 أ، "زاد المسير" 4/ 254، ابن عطية 8/ 24، ابن أبي حاتم 7/ 2169، أبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 49.]]: قال: إنه لعامل بما علم. قال سفيان [[الطبري 13/ 15، الثعلبي 7/ 95 أ، البغوي 4/ 259، ابن عطية 8/ 24.]]: من لا يعمل لا يكون عالمًا، قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 354 مختصرًا.]]: والذي قاله الكلبي جائز تحتمله اللغة، من قبل أن العلم أول أسباب العمل، فسمي بما هو من سببه وبما يقع متولدًا منه ومبنيًا عليه. كما قيل لعيسى: كلمة الله؛ لأنه بالكلمة وجد وخلق. وقوله تعالى: ﴿لِمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ يمكن أن يكون "ما" مصدرًا والهاء عائدة على يعقوب، ويكون التقدير: لأنه لذو علم من أجل تعليمنا إياه. ويكون اللام على هذا كهي في قوله ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات: 8] يعني به من أجل حب المال لبخيل. وهذا معنى قول قتادة [[وهو قول الزجاج في "معانيه" 3/ 119، والفراء 2/ 50.]]. ويمكن أن تكون "ما" بمعنى "الذي" والهاء عائدة عليها، ويكون التأويل: وإنه لذو علم لأجل الذي علمناه، وللخير الذي علمناه، وللعلم الذي بيناه له. وقيل في التفسير: وإنه لذو فهم لما علمناه أي ذو حفظ [[هذا القول ذكره الفراء في "معانيه" 2/ 50.]] ومراقبة لما علمناه. وقال أهل المعاني: مدحه الله تعالى بالعلم لقوله: ﴿وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ علم أن الحذر لا ينفع من القدر وأن المقدور كائن. وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ذكر في هذا قولين: أحدهما [[ذكره الثعلبي 7/ 95 أ، الطبري 13/ 14.]]: ولكن أكثر الناس لا يعلمون علم [[في (أ)، (ج): (علمه).]] يعقوب. والثاني [[الرازي 18/ 177.]]: لا يعلمون أن يعقوب بهذه الصفة في العلم. قال ابن عباس في قوله [[الرازي 18/ 177.]]: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يريد المشركين لا يعلمون ما قد ألهم أولياءه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب