الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَمّا دَخَلُوا مِن حَيْثُ أمَرَهم أبُوهم ما كانَ يُغْنِي عَنْهم مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إلّا حاجَةً في نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وإنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾
قالَ المُفَسِّرُونَ: لَمّا قالَ يَعْقُوبُ: ﴿وما أُغْنِي عَنْكم مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ صَدَّقَهُ اللَّهُ في ذَلِكَ فَقالَ: وما كانَ ذَلِكَ التَّفَرُّقُ يُغْنِي مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ، وفِيهِ بَحْثانِ:
البَحْثُ الأوَّلُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: ذَلِكَ التَّفَرُّقُ ما كانَ يَرُدُّ قَضاءَ اللَّهِ، ولا أمْرًا قَدَّرَهُ اللَّهُ.
وقالَ الزَّجّاجُ: إنَّ العَيْنَ لَوْ قُدِّرَ أنْ تُصِيبَهم لَأصابَتْهم وهم مُتَفَرِّقُونَ كَما تُصِيبُهم وهم مُجْتَمِعُونَ.
وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: لَوْ سَبَقَ في عِلْمِ اللَّهِ أنَّ العَيْنَ تُهْلِكُهم عِنْدَ الِاجْتِماعِ لَكانَ تَفَرُّقُهم كاجْتِماعِهِمْ، وهَذِهِ الكَلِماتُ مُتَقارِبَةٌ، وحاصِلُها أنَّ الحَذَرَ لا يَدْفَعُ القَدَرَ.
البَحْثُ الثّانِي: قَوْلُهُ: ﴿مِن شَيْءٍ﴾ يَحْتَمِلُ النَّصْبَ بِالمَفْعُولِيَّةِ والرَّفْعَ بِالفاعِلِيَّةِ. (p-١٤١)
أمّا الأوَّلُ: فَهو كَقَوْلِهِ: ما رَأيْتُ مِن أحَدٍ، والتَّقْدِيرُ: ما رَأيْتُ أحَدًا، فَكَذا هَهُنا، تَقْدِيرُ الآيَةِ: أنَّ تَفَرُّقَهم ما كانَ يُغْنِي مِن قَضاءِ اللَّهِ شَيْئًا، أيْ ذَلِكَ التَّفَرُّقُ ما كانَ يُخْرِجُ شَيْئًا مِن تَحْتِ قَضاءِ اللَّهِ تَعالى.
وأمّا الثّانِي: فَكَقَوْلِكَ: ما جاءَنِي مِن أحَدٍ، وتَقْدِيرُهُ: ما جاءَنِي أحَدٌ، فَكَذا هَهُنا، التَّقْدِيرُ: ما كانَ يُغْنِي عَنْهم مِنَ اللَّهِ شَيْءٌ مَعَ قَضائِهِ.
أمّا قَوْلُهُ: ﴿إلّا حاجَةً في نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها﴾ فَقالَ الزَّجّاجُ: إنَّهُ اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعٌ، والمَعْنى: لَكِنَّ حاجَةً في نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها، يَعْنِي أنَّ الدُّخُولَ عَلى صِفَةِ التَّفَرُّقِ قَضاءُ حاجَةٍ في نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها، ثُمَّ ذَكَرُوا في تَفْسِيرِ تِلْكَ الحاجَةِ وُجُوهًا:
أحَدُها: خَوْفُهُ عَلَيْهِمْ مِن إصابَةِ العَيْنِ.
وثانِيها: خَوْفُهُ عَلَيْهِمْ مِن حَسَدِ أهْلِ مِصْرَ.
وثالِثُها: خَوْفُهُ عَلَيْهِمْ مِن أنْ يَقْصِدَهم مَلِكُ مِصْرَ بِشَرٍّ.
ورابِعُها: خَوْفُهُ عَلَيْهِمْ مِن أنْ لا يَرْجِعُوا إلَيْهِ، وكُلُّ هَذِهِ الوُجُوهِ مُتَقارِبَةٌ.
* * *
وأمّا قَوْلُهُ: ﴿وإنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ﴾ فَقالَ الواحِدِيُّ: يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ (ما) مَصْدَرِيَّةً، والهاءُ عائِدَةٌ إلى يَعْقُوبَ، والتَّقْدِيرُ: وإنَّهُ لَذُو عِلْمٍ مِن أجْلِ تَعْلِيمِنا إيّاهُ، ويُمْكِنُ أنْ تَكُونَ (ما) بِمَعْنى الَّذِي، والهاءُ عائِدَةٌ إلَيْها، والتَّأْوِيلُ: وإنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِلشَّيْءِ الَّذِي عَلَّمْناهُ، يَعْنِي أنّا لَمّا عَلَّمْناهُ شَيْئًا حَصَلَ لَهُ العِلْمُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وفي الآيَةِ قَوْلانِ آخَرانِ:
الأوَّلُ: أنَّ المُرادَ بِالعِلْمِ الحِفْظُ، أيْ إنَّهُ لَذُو حِفْظٍ لِما عَلَّمْناهُ ومُراقَبَةٍ لَهُ.
والثّانِي: لَذُو عِلْمٍ لِفَوائِدِ ما عَلَّمْناهُ وحُسْنِ آثارِهِ، وهو إشارَةٌ إلى كَوْنِهِ عامِلًا بِما عَلِمَهُ، ثُمَّ قالَ: ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ وفِيهِ وجْهانِ:
الأوَّلُ: ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ ما عَلِمَ يَعْقُوبُ.
والثّانِي: لا يَعْلَمُونَ أنَّ يَعْقُوبَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ والعِلْمِ.
والمُرادُ بِأكْثَرِ النّاسِ: المُشْرِكُونَ، فَإنَّهم لا يَعْلَمُونَ بِأنَّ اللَّهَ كَيْفَ أرْشَدَ أوْلِياءَهُ إلى العُلُومِ الَّتِي تَنْفَعُهم في الدُّنْيا والآخِرَةِ.
{"ayah":"وَلَمَّا دَخَلُوا۟ مِنۡ حَیۡثُ أَمَرَهُمۡ أَبُوهُم مَّا كَانَ یُغۡنِی عَنۡهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَیۡءٍ إِلَّا حَاجَةࣰ فِی نَفۡسِ یَعۡقُوبَ قَضَىٰهَاۚ وَإِنَّهُۥ لَذُو عِلۡمࣲ لِّمَا عَلَّمۡنَـٰهُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق