الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا﴾ ذكرنا معنى الإجماع عند قوله ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ﴾ [يونس: 71]. وقوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ هذه الواو مقحمة زائدة عند الكوفيين، لأنه جواب لما، وجواب لما لا يقتضي واوًا، وعند البصريين لا يجوز إقحام الواو، وجواب لما عندهم محذوف، على تقدير لما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب عظمت فتنتهم، أو كبر ما قصدوا، ثم قال: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ وحذف الجواب كثير، وهذه المسألة ذكرناها فيما تقدم، قال المفسرون [[الثعلبي 7/ 65 ب، الطبري 12/ 160، البغوي 4/ 221، و"زاد المسير" 4/ 191.]]: أوحى الله [[في (ب): بزيادة (تعالي).]] إلى يوسف تقويةً لقلبه في البئر: لتصدقن رؤياك ولتخبرن إخوتك بصنيعهم هذا بعد اليوم ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ بأنك يوسف في وقت إخبارك إياهم بأمرهم، وهذا [[في (ب): (هذا). من غير واو.]] قول ابن عباس [[الطبري 12/ 162، الثعلبي 7/ 66 أ، ابن أبي حاتم 7/ 2110 أ، وانظر: "الدر" 4/ 15، و"زاد المسير" 4/ 191، والقرطبي 9/ 143.]] والحسن [[انظر: الرازي 18/ 100.]] وابن جريج [[الطبري 12/ 162.]]. وقال [[في (أ)، (ج): زيادة (محمد).]] مجاهد [[الطبري 12/ 161، وابن أبي حاتم 7/ 2109 أ، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 15، والقرطبي 9/ 143، والثعلبي 7/ 66 أ، و"زاد المسير" 4/ 191.]] وقتادة [[الطبري 12/ 161، عبد الرزاق 2/ 318، وابن أبي حاتم 7/ 2109 أ، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 4/ 15، و"زاد المسير" 4/ 191.]]: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ بأنه أوحي [[في (ب): (أوحى الله إليه) بزيادة لفظ الجلالة.]] إليه، وأجمعوا على أنه أوحي إلى يوسف في البئر. قال الحسن [["تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 259، القرطبي 9/ 142.]] أعطاه الله النبوة وهو في الجب. وقال قتادة [[الطبري 12/ 161، وابن أبي حاتم 7/ 2109 أ، وعبد الرزاق 2/ 318.]]: أتاه وحي الله وهو في البئر. وقال الكلبي [[القرطبي 9/ 142.]]: ألقي في الجب وهو ابن ثماني عشرة سنة. قال أبو بكر بن الأنباري [[الرازي 18/ 100.]]: الفائدة في استتار الوحي عنهم، أنهم لو وقفوا على الوحي وعلموا أن مدة يوسف تطول، وأن أمره يقوى جاز أن يسبق إلى قلب بعضهم من الحسد ما لعله أن يقدم على إيقاع بلية بيوسف، في وقت إخبارهم بصنيعهم، فإن الله تعالى ألزم يوسف أن لا يطلع أباه ولا أحداً من إخوته على نسبه وموضعه، ليوبخهم على ما سلف من عقوقهم، ويعد عليهم ما فرط من إساءتهم، فهم لا يعرفون عنه، ولا يعرفون أن أخوهم. ولهذه العلة ما كتم يوسف أباه يعقوب نفسه طول تلك المدة مع علمه بوجد أبيه به خوفًا من الخلاف على الله عز وجل، فصبر على تجرع المرارة بما يعلمه من قلق أبيه [[في (ب): (الله).]] إيثارًا لطاعة ربه واتباعًا لأمره، وكان الله تعالى قد قضى على يعقوب أن يوصله إلى درجة عالية لا يصل إليها إلا بعظيم الحسرة التي كان يكابدها، فلذلك أمر يوسف بكتمان شأنه عن أبيه. والقولان في قوله ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ حكاهما الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 95.]] فقال: في قوله ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ هذا جائز أن يكون من صلة ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾، وجائز أن يكون من صلة ﴿أَوْحَيْنَا﴾، المعنى: وأوحينا إليه [[في (ج): (إليهم).]] وهم لا يشعرون، أي نبأناه بالوحي وهم لا يشعرون أنه نبي قد أوحي إليه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب