الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥) ﴾
قال أبو جعفر: وفي الكلام متروكٌ حذف ذكره، اكتفاءً بما ظهر عما ترك، وهو": فأرسله معهم"، ﴿فلما ذهبوا به وأجمعوا﴾ ، يقول: وأجمع رأيهم، [[انظر تفسير" الإجماع" فيما سلف ص: ١٤٧، ١٤٨.]] وعزموا على (أن يجعلوه في"غيابة الجب" [[انظر تفسير" غيابة الجب" فيما سلف ص: ٥٦٥، ٥٦٦.]]) . كما:-
١٨٨٣١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي، قوله: ﴿إني ليحزنني أن تذهبوا به﴾ ، الآية، قال، قال: لن أرسله معكم، إني أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون= ﴿قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنَّا إذًا لخاسرون﴾ ، فأرسله معهم، فأخرجوه وبه عليهم كرامة، فلما برزوا به إلى البرية أظهروا له العداوة، وجعل أخوه يضربه، فيستغيث بالآخر فيضربه، فجعل لا يرى منهم رحيمًا، [[انظر ما قلته في" جعل" وأشباهها، وأنها أفعال استعانة، لها مكان في التعبير لا يغني مكانها شيء غيرها. انظر ج ١١ تعليق: ١.]] فضربوه حتى كادوا يقتلونه، فجعل يصيح ويقول: يا أبتاه! يا يعقوب! لو تعلم ما صنع بابنك بنو الإماء! فلما كادوا يقتلونه، قال يهوذا [[انظر ما سلف ص: ٥٦٥، تعليق: ١ في اسم هذا القائل، وأنه" روبيل" أو" شمعون"، ولم يذكر هناك" يهوذا".]] أليس قد أعطيتموني موثقًا أن لا تقتلوه؟ فانطلقوا به إلى الجبّ ليطرحوه، فجعلوا يدلونه في البئر فيتعلّق بشَفير البئر.
فربطوا يديه، ونزعوا قميصه، فقال: يا إخوتاه! ردوا عليّ قميصي أتوارى به في الجبّ! فقالوا: ادعُ الشمسَ والقمرَ والأحد عشر كوكبًا تؤنسك! قال: إني لم أر شيئًا، فدلوه في البئر، حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادةَ أن يموت. وكان في البئر ماءٌ فسقط فيه، ثم أوَى إلى صخرة فيها فقام عليها. قال: فلما ألقوه في البئر، جعل يبكي، فنادوه، فظنّ أنها رحمة أدركتهم، فلبَّاهم، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه، فقام يهوذا فمنعهم، وقال: قد أعطيتموني موثقًا أن لا تقتلوه! وكان يهوذا يأتيه بالطعام.
* * *
وقوله: ﴿فلما ذهبوا به وأجمعوا﴾ فأدخلت"الواو" في الجواب، كما قال امرؤ القيس:
فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى ... بِنا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي قِفاف عَقَنْقَل [[معلقته المشهورة، وسيأتي في التفسير ١٧: ٧٣ (بولاق) ، وكان في المطبوعة:" ذي حقاف"، وأثبت روايته هذه من المخطوطة.]]
فأدخل الواو في جواب"لما"، وإنما الكلام: فلما أجزنا ساحة الحي، انتحى بنا، وكذلك: ﴿فلما ذهبوا وأجمعوا﴾ ، لأن قوله:"أجمعوا" هو الجواب.
* * *
وقوله: ﴿وأوحينا إليه لتنبِّئنهم بأمرهم﴾ ، يقول: وأوحينا إلى يوسف لتخبرنَّ إخوتك= ﴿بأمرهم هذا﴾ يقول: بفعلهم هذا الذي فعلوه بك ﴿وهم لا يشعرون﴾ يقول: وهم لا. يعلمون ولا يدرُون [[انظر تفسير" شعر" فيما سلف ١٢: ٥٧٦، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] .
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي عناه الله عز وجل بقوله: ﴿وهم لا يشعرون﴾ .
فقال بعضهم: عنى بذلك: أن الله أوحى إلى يوسف أنّ يوسف سينبئ إخوته بفعلهم به ما فعلوه: من إلقائه في الجب، وبيعهم إياه، وسائر ما صنعوا به من صنيعهم، وإخوته لا يشعرون بوحي الله إليه بذلك.
* ذكر من قال ذلك:
١٨٨٣٢- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وأوحينا إليه﴾ إلى يوسف.
١٨٨٣٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا﴾ قال: أوحينا إلى يوسف: لتنبئن إخوتك.
١٨٨٣٤- ... قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) قال: أوحى إلى يوسف وهو في الجبّ أنْ سينبئهم بما صنعوا، وهم لا يشعرون بذلك الوحي
١٨٨٣٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد: ﴿وأوحينا إليه﴾ ، قال: إلى يوسف.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: وأوحينا إلى يوسف بما إخوته صانعون به، وإخوته لا يشعرون بإعلام الله إيّاه بذلك.
* ذكر من قال ذلك:
١٨٨٣٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون﴾ ، بما أطلع الله عليه يوسف من أمرهم، وهو في البئر.
١٨٨٣٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون﴾ ، قال: أوحى الله إلى يوسف وهو في الجب أن ينبئهم بما صنعوا به، وهم لا يشعرون بذلك الوحي.
١٨٨٣٨- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة، بنحوه= إلا أنه قال: أن سينبئهم.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن يوسف سينبئهم بصنيعهم به، وهم لا يشعرون أنه يوسف.
* ذكر من قال ذلك:
١٨٨٣٩-حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ﴿وهم لا يشعرون﴾ يقول: وهم لا يشعرون أنه يوسف.
١٨٨٤٠- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا صدقة بن عبادة الأسدي، عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس يقول: لما دخل إخوة يوسف فعرفهم وهم له منكرون، قال: جيء بالصُّوَاع، فوضعه على يده، ثم نقره فطنَّ، فقال: إنه ليخبرني هذا الجامُ أنه كان لكم أخٌ من أبيكم يقال له يوسف، يدنيه دونكم، وإنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجب! قال: ثم نقره فطنَّ= فأتيتم أباكم فقلتم: إن الذئب أكله، وجئتم على قميصه بدَمٍ كذب! قال: فقال بعضهم لبعض: إن هذا الجام ليخبره بخبركم! قال ابن عباس: فلا نرى هذه الآية نزلت إلا فيهم: ﴿لتنبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون﴾ . [[الأثر: ١٨٨٤٠ -" صدقة بن عبادة بن نشيط الأسدي"، روى عن أبيه عن ابن عباس. روى عنه أبو داود الطيالسي، وموسى بن إسماعيل، وغيرهما، مترجم في الكبير ٢ / ٢ / ٢٩٨، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٣٣. /٨ وأبوه" عبادة بن نشيط الأسدي"، روى عن ابن عباس، روى عنه ابنه صدقة، مترجم في ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٩٦. ولم يذكروا فيه ولا في ابنه جرحًا. ومع ذلك فالخبر عندي غير مستقيم. وكفاه اختلالا أنه مخالف لصريح القرآن، ولو وافقه لكان أولى به أن يكون قال لهم ذلك، لما دخلوا عليه فقال لهم:" هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون"، في آخر السورة.]]
{"ayah":"فَلَمَّا ذَهَبُوا۟ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوۤا۟ أَن یَجۡعَلُوهُ فِی غَیَـٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَـٰذَا وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق