الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾، المكانة الحال التي يتمكن بها صاحبها من عمله، قال ابن عباس: يريد اعملوا ما أنتم عاملون، وذكرنا هذا مستقصى في سورة الأنعام [[آية 135. وخلاصة ما ذكره ما نقله ابن عباس هنا.]]. قال أهل المعاني: هذا تهديدٌ بصيغة الأمر، يقول: اعملوا على ما أنتم عليه، إني عامل على ما أنا عليه من طاعة الله، وسترون منزلتكم من منزلتي، وهذا معنى قوله: ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾، وأسقط الفاء هاهنا من ﴿سَوْفَ﴾، وفي سورتي الأنعام [آية 135] والزمر [آية 39] فسوف. قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 153.]]: وهما مذهبان معروفان للعرب وكلاهما صواب في القياس، إذا دخلت الفاء دلت على اتصال ما بعدها بما قبلها، وإذا سقطت بني الكلام على التمام، والذي بعده على الابتداء؛ كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا﴾ [البقرة: 67] معناه: (فقالوا)، فحذفت [[في (ي): حذفت.]] الفاء بناء على تمام [[في (ي): إتمام.]] ما قبلها واستئناف ما بعدها، وإنما يمكن هذا في القرآن والشعر؛ لتطاول القصص والأخبار فيهما، فأما الألفاظ القصار فلا يصلح سقوط الفاء كقول القائل: (قد قلت القبيح فيّ فستعلم عاقبته)، لا يجوز أن تسقط الفاء هاهنا؛ لأنه كلام قصير لا يتم فيه الأول ويستأنف الثاني، و (منْ) في محل النصب بقوله: ﴿تَعْلَمُونَ﴾. وقوله تعالى: ﴿عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ أي يفضحه ويذله، وذلك أن العذاب يقع على وجهين؛ عذاب [[في (ي): هذا عذاب.]] فاضح وعذاب غير فاضح فالفاضح، أشد. وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ﴾، قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 26.]]: إنما أدخلت العرب (هو) في قوله ﴿وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ﴾ لأنهم لا يقولون (من قائم) ولا (من قاعد)، إنما كلامهم: (من يقوم) و (من قام) أو (من القائم)، فلما كان قوله ﴿كَاذِبٌ﴾ غير معرفة ولا فعل أدخلوا (هو)، قال: وقد يجوز في الشعر (مَنْ قائم) وأنشد [[القائل هو الأخطل، والحصور: البخيل الممسك، والسوار: الذي تسور الخمرة في رأسه سريعًا، فهو يعربد ويثب على من يشاربه. "ديوانه" 168، "معاني الفراء" 2/ 26، "المحتسب" 2/ 241، "اللسان" (حصر) 2/ 896، (سور) 4/ 2147، "إصلاح المنطق" 142، "بغية الوعاة" 1/ 105، وبلا نسبة في "تذكرة النحاة" 332، و"مجالس ثعلب" 1/ 577.]]: مَنْ شاربٌ مُرتجٌ بالكأس نادمني ... لا بالحَصور ولا فيها بسوَّار وقوله تعالى: ﴿وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾، معنى الارتقاب: الانتظار، وهو طلب ما يأتي بتعليق النفس به، رقبه يرقبه رقوبًا، وارتقب ارتقابًا، وترقبه ترقبًا، قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 154، القرطبي 9/ 92.]] يريد: ارتقبوا العذاب إني مرتقب من الله الرحمة والثواب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب