الباحث القرآني
ولَمّا خَتَمَ الآيَةَ بِتَهْدِيدِهِمْ بِما بَيَّنَ أنَّ تَهْدِيدَهم لَهُ عَدَمٌ لا يُبالِي بِهِ، أتْبَعَهُ ما يُصَدِّقُهُ مِن أنَّهُ لَيْسَ بِتارِكٍ شَيْئًا مِن عَمَلِهِ مِمّا جُبِلُوا بِهِ، وزادَ في التَّهْدِيدِ فَقالَ: ﴿ويا قَوْمِ اعْمَلُوا﴾ أيْ: أوْقِعُوا العَمَلَ لِكُلِّ ما تُرِيدُونَ قارِّينَ مُسْتَعْلِينَ ﴿عَلى مَكانَتِكُمْ﴾ أيْ: حالِكُمُ الَّذِي تَتَمَكَّنُونَ بِهِ مِنَ العَمَلِ ﴿إنِّي عامِلٌ﴾ عَلى ما صارَ لِي مَكانَةً، أيْ حالًا أتَمَكَّنُ بِهِ مِنَ العَمَلِ لا أنْفَكُّ عَنْهُ ما أنا عامِلٌ مِن تَحْذِيرِي لِمَن كَفَرَ وتَبْشِيرِي لِمَن آمَنَ وقِيامِي بِكُلِّ ما أوْجَبَ عَلَيَّ المَلِكُ غَيْرَ هائِبٍ لَكم ولا خائِفٍ مِنكم ولا طامِعٍ في مُؤالَفَتِكم ولا مُعْتَمِدٍ عَلى سِواهُ.
ولَمّا كانَتْ مُلازَمَتُهم لِأعْمالِهِمْ سَبَبًا لِوُقُوعِ العَذابِ المُتَوَعَّدِ بِهِ [و] وُقُوعُهُ سَبَبًا لِلْعِلْمِ بِمَن يُخْزِي لِمَن يَعْلَمُ أيَّ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ يُرادُ، ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذا التَّهْدِيدِ فَحَسُنَ حَذْفُ الفاءِ مِن قَوْلِهِ: ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ أيْ: بِوَعْدٍ لا خُلْفَ فِيهِ وإنْ تَأخَّرَ زَمانُهُ، وسَوْقُهُ مَساقَ الجَوابِ لِمَن كَأنَّهُ قالَ: ما المُرادُ بِهَذا الأمْرِ بِالعَمَلِ المُبالَغِ قَبْلُ في النَّهْيِ عَنْهُ؟ وقَدْ تَقَدَّمَ في قِصَّةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ ما يُوَضِّحُهُ. وأحْسَنُ مِنهُ أنَّهم لَمّا قالُوا ﴿ما نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمّا تَقُولُ﴾ [هود: ٩١] كَذِبُهم - في إخْراجِ الكَلامِ عَلى تَقْدِيرِ سُؤالِ مَن هو مُنْصَبُّ الفِكْرِ كُلِّهِ إلى كَلامِهِ - قائِلٌ: ماذا يَكُونُ إذا عَمِلْنا وعَمِلْتَ؟ فَهَذا وصْلٌ خَفِيٌّ مُشِيرٌ إلى تَقْدِيرِ السُّؤالِ ولَوْ ذَكَرَ الفاءَ لَكانَ (p-٣٦٦)وصْلًا ظاهِرًا، [وقَدْ ظَهَرَ الفَرْقُ بَيْنَ كَلامِ اللَّهِ العالِمِ بِالأسْبابِ وما يَتَّصِلُ بِها مِنَ المُسَبَّباتِ المَأْمُورِ بِها أشْرَفُ خَلْقِهِ ﷺ في سُورَةِ الأنْعامِ والزُّمَرِ والكَلامِ المَحْكِيِّ عَنْ نَبِيِّهِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ في هَذِهِ السُّورَةِ] ﴿مَن﴾ أيْ: أيُّنا أوِ الَّذِي ﴿يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ﴾ ولَمّا كانَ مِن مَضْمُونِ قَوْلِهِمْ ﴿ما نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمّا تَقُولُ﴾ [هود: ٩١] النِّسْبَةُ إلى الكَذِبِ لِأنَّهُ التَّكَلُّمُ بِما لَيْسَ لَهُ نِسْبَةٌ في الواقِعِ تُطابِقُهُ، قالَ: ﴿ومَن هو كاذِبٌ﴾ أيْ: مِنِّي ومِنكُمْ، فالتَّقْدِيرُ: إنْ كانَتْ ”مَن“ مَوْصُولَةً: سَتَعْلَمُونَ المُخْزى بِالعَذابِ والكَذِبِ أنا وأنْتُمْ، وإنْ كانَتِ اسْتِفْهامِيَّةً: أيُّنا يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وأيُّنا هو كاذِبٌ، فالزَمُوا مَكانَتَكم لا تَتَقَدَّمُوا عَنْها ﴿وارْتَقِبُوا﴾ أيِ انْتَظَرُوا ما يَكُونُ مِن عَواقِبِها.
ولَمّا كانُوا يُكَذِّبُونَهُ ويُنْكِرُونَ قَوْلَهُ أكَّدَ فَقالَ: ﴿إنِّي مَعَكم رَقِيبٌ﴾ لِمِثْلِ ذَلِكَ، وإنَّما قَدَّرْتُ هَذا المَعْطُوفَ عَلَيْهِ لِفَصْلِ الكَلامِ [فِي قَوْلِهِ: ”سَوْفَ“ ويَجُوزُ عَطْفُهُ عَلى ”اعْمَلُوا“ وجَرَّدَ ولَمْ يَقُلْ: مُرْتَقِبٌ، إشارَةً إلى أنَّ هَمَّهُ الِاجْتِهادُ في العَمَلِ بِما أمَرَهُ اللَّهُ لِأنَّهُ مُبالِغٌ في ارْتِقابِ عاقَبْتِهِ مَعَهُمُ اسْتِهانَةً بِهِمْ.
{"ayah":"وَیَـٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُوا۟ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّی عَـٰمِلࣱۖ سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن یَأۡتِیهِ عَذَابࣱ یُخۡزِیهِ وَمَنۡ هُوَ كَـٰذِبࣱۖ وَٱرۡتَقِبُوۤا۟ إِنِّی مَعَكُمۡ رَقِیبࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق