الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٩٣ ] ﴿ويا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكم إنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ ومَن هو كاذِبٌ وارْتَقِبُوا إنِّي مَعَكم رَقِيبٌ﴾ ﴿ويا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ﴾ أيْ غايَةِ تَمَكُّنِكم واسْتِطاعَتِكُمْ، أوْ عَلى جِهَتِكم وحالِكُمُ الَّتِي أنْتُمْ عَلَيْها، مِن كُفْرِكم وعَداوَتِكم ﴿إنِّي عامِلٌ﴾ أيْ عَلى مَكانَتِي الَّتِي كُنْتُ عَلَيْها مِنَ الثَّباتِ عَلى الإسْلامِ والمُصابَرَةِ. ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ ومَن هو كاذِبٌ وارْتَقِبُوا إنِّي مَعَكم رَقِيبٌ﴾ أيْ مُنْتَظِرٌ لِهَلاكِكم. وفي زِيادَةِ (مَعَكُمْ) إظْهارٌ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِكَمالِ الوُثُوقِ بِأمْرِهِ. (p-٣٤٨٢)قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: أيُّ فَرْقٍ بَيْنَ إدْخالِ الفاءِ ونَزْعِها في ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ ؟ قُلْتُ: إدْخالُ الفاءِ وصْلٌ ظاهِرٌ بِحَرْفٍ مَوْضُوعٍ لِلْوَصْلِ، ونَزْعُها وصْلٌ خَفِيٌّ تَقْدِيرِيٌّ بِالِاسْتِئْنافِ الَّذِي هو جَوابٌ لِسُؤالٍ مُقَدَّرٍ، كَأنَّهم قالُوا: فَما يَكُونُ إذا عَمِلْنا نَحْنُ عَلى مَكانَتِنا، وعَمِلْتَ أنْتَ؟ فَقالَ: سَوْفَ تَعْلَمُونَ! فَوَصَلَ تارَةً بِالفاءِ، وتارَةً بِالِاسْتِئْنافِ، لِلتَّفَنُّنِ في البَلاغَةِ، كَما هو عادَةُ بُلَغاءِ العَرَبِ، وأقْوى الوَصْلَيْنِ، وأبْلَغُهُما الِاسْتِئْنافُ؛ اهـ - أيْ لِلْإشْعارِ بِأنَّهُ مِمّا يَسْألُ عَنْهُ، ويَعْتَنِي بِهِ، ولِذا كانَ أبْلَغَ في التَّهْوِيلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب