الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَقِيلَ﴾ بعد ما تناهي أمر الطوفان: ﴿يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ﴾، يقال: بلع الماء يبلعه بلعًا: إذا شرب، وابتلع الطعام ابتلاعًا: إذا لم يمضغه. وقال أهل اللغة: الفصيح بلع بكسر اللام يبلع بفتحها، ونحو ذلك روى أبو عبيد [["تهذيب اللغة" 1/ 386 (بلع).]] عن الكسائي، وقال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 17.]]: يقال: بلِعت وبلَعت. وقوله تعالى: ﴿وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي﴾، يقال: أقلع الرجل عن عمله: إذا كف عنه، وأقلعت السماء بعدما أمطرت إذا أمسكت. قال ابن الأنباري [["زاد الضمير" 4/ 111.]]: أي عن إنزال الماء، فلما تقدم ذكر الماء لم يعد هاهنا. وقوله تعالى: ﴿وَغِيضَ الْمَاءُ﴾، يقال: غاض الماء يغيض غيضًا ومغاضًا: إذا نقص، وغضته أنا، وهذا من باب فعل الشيء وفعلته أنا، ومثله جبر العظم وجبرته، وفغر الفم وفغرته، ودلغ اللسان ودلغته، ومد النهر ومده نهر آخر، وسرح المال إلى المرعى وسرحته، ونقص الشيء ونقصته، قال المفسرون: ونقص الماء، وما بقي مما نزل من السماء فهي هذه البحار المالحة. وقوله تعالى: ﴿وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾، قال أبو بكر [["زاد المسير" 4/ 112، "البحر المحيط" 5/ 228.]] وغيره: معناه: وأحكم هلاك قوم نوح، ومعنى القضاء الأحكام وإتمام الأمر والفراغ منه، كأنه قيل [[ساقط من (ي).]]: أوقع الهلاك بقوم نوح على تمام وإحكام، وفرغ من ذلك. قال مجاهد [[الطبري 12/ 47، "زاد المسير" 4/ 111، ابن أبي حاتم 6/ 2037، أبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 605.]] في قوله: ﴿وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾: أهلك قوم نوح، قال كثير من المفسرين [[الرازي 17/ 235، القرطبي 9/ 41.]]: إن الله تعالى أعقم أرحام نسائهم قبل الغرق بأربعين سنة، فلم يغرق إلا ابن أربعين، فعلى هذا لم يهلك الله بالغرق طفلًا ولا وليدًا لم تقم عليه الحجة. وقال ابن جرير [[رواه الطبرى 12/ 49 عن الضحاك.]]: هلك الولدان بالطوفان، كما هلك الطير والسباع، وافق الغرق آجالهم، فذهب إلى أن الغرق لم يكن عقوبة للولدان، وإنما كان سببا للموت عند حضور الأجل، والله أعلم، ويؤكد هلاك الولدان ما روي في الخبر: أن امرأة أتت بصبي لها إلى جبل، فلما رهقها الماء رفعته، فلما كثر الماء رفعته رقة له، حتى غرقت وغرق الصبي، فلو رحم الله أحدًا من قوم نوح [من المشركين] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] لرحم أم [[ساقط من (ي).]] ذلك الصبي [[أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 2036 من حديث عائشة عن النبي ﷺ. والطبري 12/ 35، والحاكم في "المستدرك" 2/ 342 وقال: على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وخالفه الذهبي في التلخيص، وقال: إسناده مظلم بسبب موسى بن يعقوب الزمعي وليس بذاك، قال فيه ابن المديني: ضعيف منكر الحديث. انظر: "تهذيب التهذيب" 4/ 192.]]. وقوله تعالى: ﴿وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ﴾، قال ابن عباس [[الطبري 12/ 48.]] وعامة المفسرين [[أخرجه الطبري 12/ 48 عن مجاهد وسفيان وقتادة والضحاك. وانظر: البغوي 4/ 179، "زاد المسير" 4/ 112، ابن أبي حاتم 6/ 2037.]]: استوت السفينة على جبل بالجزيرة يقال له الجودي، قال أبو بكر [["زاد المسير" 4/ 112.]]: كان استواؤها عليه دلالة على نفاد الماء وانقطاع ما يزيل عنها الاستواء بتحريكه وتنحيته ومنعه من الثبات في موضع واحد، وفي الحديث [[أخرجه الطبري 12/ 47 عن عبد العزيز بن عبد الغفور عن أبيه مرفوعًا، وقد علق عليه أحمد شاكر بقوله: (وهذا خبر هالك من نواحيه جميعًا وقال: وأما عبد العزيز ابن عبد الغفور، فهذا اسم مقلوب، وإنما هو (عبد الغفور بن عبد العزيز) ويقال: عبد الغفار، ويروي عنه عثمان بن مطر وهو كذاب خبيث كان يضع الحديث. انظر: "تعليقه على الطبري" 15/ 335.]]: "أن نوحًا ركب السفينة في رجب، فجرت بهم ستة أشهر، ومرت بالبيت فطافت به سبعاً، وقد رفعه الله من الغرق، وأرسيت على الجودي يوم عاشوراء، فصام نوح، وأمر جميع من معه فصاموا شكرًا لله". وقوله تعالى: ﴿وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 112.]]: يريد بعدًا من رحمة الله للقوم المتخذين من دونه إلها، قال أهل المعاني: معناه أبعدهم الله من الخير بعدًا على جهة الدعاء، ويجوز أن يكون [الله قال لهم ذلك] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]، ويجوز أن يكون من قول المؤمنين، وهو منصوب على المصدر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب