الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾، قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 83.]] ﴿مَنْ﴾ استثناء على معنى (لكن مَنْ رحم ربك فإنه غير مخالف).
وقال الفراء [["معاني القرآن" 31/ 2.]]: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾: يعني أهل الباطل، ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾: أهل الحق، وهذا قول مجاهد [[الطبري 12/ 141، وأخرجه ابن أبي حاتم 6/ 2094 عن ابن عباس.]] نفسه.
وقال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 172، القرطبي 9/ 115، عبد الرزاق 2/ 316.]]: هما فريقان: فريق اختلف فلم يرحم، وفريق رحم فلم يختلف، وهو كقوله: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هود: 105].
وقال عكرمة [["زاد المسير" 4/ 172.]]: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ يعني أهل الأهواء والبدع ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾: أهل السنة والجماعة.
وقوله تعالى ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾، قال ابن عباس والضحاك ومجاهد وقتادة [[روى ذلك عنهم جميعًا الطبري 12/ 143 - 144، والثعلبي 7/ 61 أ، والبغوي 4/ 206، و"زاد المسير" 4/ 172، والقرطبي 9/ 115، وابن كثير 2/ 509.]]: وللرحمة خلقهم، يعني الذين رحمهم.
قال أبو بكر: وعلى هذا أشير إلى الرحمة بقوله: ﴿ذَلِكَ﴾؛ لأن تأنيثها ليس تأنيثا حقيقيًا، فحملت على معنى الفضل والغفران، كقوله -عز وجل-: ﴿هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي﴾ [الكهف: 98] أي فضل، وقالت الخنساء [["ديوانها" 44، برواية: (ونيران حرب حين شب وقودها) بزيادة حين، وبه يستقيم الوزن.]]:
فذلك يا هند الرزية فاعلمي ... ونيران حرب شب وقودها
أرادت فذلك الرزء، قال: ويجوز أن يكون المراد بالرحمة: التوحيد، فأشير إليها بالتذكير لهذا المعنى، وقد بينا جواز تذكير الرحمة بأبلغ [[في (ي): (أبلغ).]] من هذا عند قوله: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [[الأعراف: 56. وذكر هنالك ما خلاصته: أنه ذهب أهل الكوفة إلى أن التذكير هنا بناءً على تقدير المكان، أي: في مكان قريب، وأما مذهب البصريين فقال الزجاج: "إنما قيل قريب؛ لأن الرحمة والغفران والعفو في معنى واحد، وكذلك كل تأنيث ليس بحقيقي".]].
وقال الحسن [[الطبري 12/ 143، وابن أبي حاتم 6/ 2096، وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 645، والثعلبي 7/ 60 ب والبغوي 4/ 206، والقرطبي 9/ 115.]] ومقاتل بن حيان [[الثعلبي 7/ 60 ب، القرطبي 9/ 115.]] ويمان [[الثعلبي 7/ 60 ب، القرطبي 9/ 115.]] وعطاء [[الثعلبي 7/ 560 ب، القرطبي 9/ 114، البغوي 4/ 206.]]: وللاختلاف خلقهم، يعنون المختلفين.
وفي الآية قول ثالث وهو الاختيار، قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 172، وأخرجه الطبري 143/ 12 بمعناه، وابن أبي حاتم 6/ 2095، وانظر: "الدر" 3/ 645، "تنوير المقباس" 146.]] في رواية عطاء في قوله: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ يريد: خلق أهل الرحمة للرحمة وأهل الاختلاف للاختلاف، وقال الكلبي عن أبي صالح عنه [[الرازي 12/ 141، القرطبي 9/ 115، "زاد المسير" 4/ 172.]]: خلق الله أهل الرحمة لئلا يختلفوا، وأهل العذاب لأن يختلفوا، وخلق الجنة وخلق لها أهلا، وخلق النار وخلق لها أهلًا.
وروى منصور بن عبد الرحمن الغُدَّاني عن الحسن [[الطبري 12/ 141، وعنده وابن أبي حاتم بلفظ قال: خلق هؤلاء لجنته، وهؤلاء للنار وخلق هؤلاء للنار وخلق هؤلاء لرحمته وهؤلاء لرحمته وهؤلاء للعذاب، والغداني، وهو: منصور بن عبد الرحمن الغُدَّاني الأشل النضري وثقة ابن معبن وأبو داود، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به. انظر: "تهذيب التهذيب" 4/ 158، "تهذيب الكمال" 28/ 541.]] ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ قال: الناس مختلفون في الأديان، إلا من رحم ربك فإنه غير مختلف، قال: فقلتُ له: فقوله: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾، قال: خلق هؤلاء لرحمته، وخلق هؤلاء لعذابه، وخلق هؤلاء للجنة، وخلق هؤلاء للنار، فعلى هذا الإشارة بقوله (ولذلك) تعود إلى الاختلاف والرحمة، ثم يعبر عنهما بالشقاء والسعادة، فيقال: ولذلك خلقهم أي خلقهم للسعادة والشقاء، وهو قول الفراء [["معاني القرآن" 2/ 31.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 84.]].
قال أبو بكر: من ذهب إلى أن ﴿ذَلِكَ﴾ هو إشارة إلى الشقاء والسعادة قال: إنهما يرجعان إلى معنى واحد تقديره: وللامتحان خلقهم، على أنَّا ذكرنا في مواضع أن الإشارة بلفظ (ذلك) إلى شيئين متضادين يجوز، قال أبو عبيد [[البغوي 4/ 207، وقال أبو عبيدة.]]: الذي أختاره في تفسير الآية قول من قال خلق فريقًا لرحمته وفريقًا لعذابه لأنه موافق للسُّنة.
وقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 84.]]: ويدل على صحة هذا القول. قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾، قال الكلبي [["زاد المسير" 4/ 172، "القرطبي" 9/ 115.]]: يريد من كفار الجن وكفار الإنس.
وقال الفراء [["معاني القرآن للفراء" 2/ 31.]]: صار قوله ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ﴾ يمينًا، كما تقول: حَلِفي لأضربنك، وبدا لي لأضربنك، قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ﴾ [يوسف: 35] ولو كان (أن يسجنوه كان صوابًا).
{"ayah":"إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَ ٰلِكَ خَلَقَهُمۡۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق