﴿خُشَّعًا أَبۡصَـٰرُهُمۡ یَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ كَأَنَّهُمۡ جَرَادࣱ مُّنتَشِرࣱ ٧ مُّهۡطِعِینَ إِلَى ٱلدَّاعِۖ یَقُولُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا یَوۡمٌ عَسِرࣱ ٨ ۞ كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحࣲ فَكَذَّبُوا۟ عَبۡدَنَا وَقَالُوا۟ مَجۡنُونࣱ وَٱزۡدُجِرَ ٩ فَدَعَا رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَغۡلُوبࣱ فَٱنتَصِرۡ ١٠ فَفَتَحۡنَاۤ أَبۡوَ ٰبَ ٱلسَّمَاۤءِ بِمَاۤءࣲ مُّنۡهَمِرࣲ ١١ وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُیُونࣰا فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَاۤءُ عَلَىٰۤ أَمۡرࣲ قَدۡ قُدِرَ ١٢ وَحَمَلۡنَـٰهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلۡوَ ٰحࣲ وَدُسُرࣲ ١٣ تَجۡرِی بِأَعۡیُنِنَا جَزَاۤءࣰ لِّمَن كَانَ كُفِرَ ١٤ وَلَقَد تَّرَكۡنَـٰهَاۤ ءَایَةࣰ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرࣲ ١٥ فَكَیۡفَ كَانَ عَذَابِی وَنُذُرِ ١٦ وَلَقَدۡ یَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرࣲ ١٧﴾ [القمر ٧-١٧]
وقَرَأ الجُمْهُورُ:
﴿نُكُرٍ﴾ [القمر: ٦] بِضَمِّ الكافِ، وهو صِفَةٌ عَلى فُعُلٍ، وهو قَلِيلٌ في الصِّفاتِ، ومِنهُ رَجُلٌ شُلُلٌ: أيْ خَفِيفٌ في الحاجَةِ، وناقَةٌ أُجُدٌ، ومِشْيَةٌ سُجُحٌ، ورَوْضَةٌ أُنُفٌ. وقَرَأ الحَسَنُ وابْنُ كَثِيرٍ وشِبْلٌ بِإسْكانِ الكافِ، كَما قالُوا: شُغُلٌ وشُغْلٌ، وعُسْرٌ وعُسُرٌ. وقَرَأ مُجاهِدٌ وأبُو قِلابَةَ والجَحْدَرِيُّ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: نُكِّرَ فِعْلًا ماضِيًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، أيْ جُهِلَ فَنُكِّرَ. وقالَ الخَلِيلُ: النُّكُرُ نَعْتٌ لِلْأمْرِ الشَّدِيدِ، والوَجَلُ الدّاهِيَةُ، أيْ تُنْكِرُهُ النُّفُوسُ لِأنَّها لَمْ تَعْهَدْ مِثْلَهُ، وهو يَوْمُ القِيامَةِ. قالَ مالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّضْرِيُّ:
أقْدِمْ مَحاجِ إنَّهُ يَوْمٌ نُكُرْ مِثْلِي عَلى مِثْلِكَ يَحْمِي ويَكِرْ
وقَرَأ قَتادَةُ وأبُو جَعْفَرٍ وشَيْبَةُ والأعْرَجُ والجُمْهُورُ: خُشَّعًا جَمْعُ تَكْسِيرٍ. وابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ جُبَيْرٍ ومُجاهِدٌ والجَحْدَرِيُّ وأبُو عَمْرٍو وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ: خاشِعًا بِالإفْرادِ. وقَرَأ أُبَيٌّ وابْنُ مَسْعُودٍ: خاشِعَةً، وجَمْعُ التَّكْسِيرِ أكْثَرُ في كَلامِ العَرَبِ. وقالَ الفَرّاءُ وأبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّهُ جائِزٌ. انْتَهى، ومِثالُ جَمْعِ التَّكْسِيرِ قَوْلُ الشّاعِرِ:
بِمُطَّرِدٍ لَدْنٍ صِحاحٍ كُعُوبُهُ ∗∗∗ وذِي رَوْنَقٍ عَضْبٍ يَقُدُّ القَوانِسا
ومِثالُ الإفْرادِ قَوْلُهُ:
ورِجالٌ حَسَنٌ أوْجُهُهم ∗∗∗ مِن أيادِ بْنِ نِزارِ بْنِ مَعَدِّ
وقالَ آخَرُ:
تَرْمِي الفِجاجَ بِهِ الرُّكْبانُ مُعْتَرِضًا ∗∗∗ أعْناقَ بُزَّلِها مُرْخًى لَها الجُدْلُ
وانْتُصِبَ خُشَّعًا وخاشِعًا وخاشِعَةً عَلى الحالِ مِن ضَمِيرِ يَخْرُجُونَ، والعامِلُ فِيهِ يَخْرُجُونَ، لِأنَّهُ فِعْلٌ مُتَصَرِّفٌ، وفي هَذا دَلِيلٌ عَلى بُطْلانِ مَذْهَبِ الجَرْمِيِّ، لِأنَّهُ لا يَجُوزُ تَقَدُّمُ الحالِ عَلى الفِعْلِ وإنْ كانَ مُتَصَرِّفًا. وقَدْ قالَتِ العَرَبُ: شَتّى تَؤُبُّ الحَلْبَةُ، فَشَتّى حالٌ، وقَدْ تَقَدَّمَتْ عَلى عامِلِها وهو تَؤُبُّ، لِأنَّهُ فِعْلٌ مُتَصَرِّفٌ، وقالَ الشّاعِرُ:
سَرِيعًا يَهُونُ الصَّعْبُ عِنْدَ أُولِي ∗∗∗ النُّهى إذا بِرَجاءٍ صادِقٍ قابَلُوهُ البَأْسا
فَسَرِيعًا حالٌ، وقَدْ تَقَدَّمَتْ عَلى عامِلِها، وهو يَهُونُ. وقِيلَ: هو حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ المَجْرُورِ في عَنْهم مِن قَوْلِهِ:
﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ [القمر: ٦] وقِيلَ: هو مَفْعُولٌ بِـ يَدْعُو، أيْ قَوْمًا خُشَّعًا، أوْ فَرِيقًا خُشَّعًا، وفِيهِ بُعْدٌ. ومَن أفْرَدَ خاشِعًا وذَكَّرَ، فَعَلى تَقْدِيرِ تَخْشَعُ أبْصارُهم؛ ومَن قَرَأ خاشِعَةً وأنَّثَ، فَعَلى تَقْدِيرِ تَخْشَعُ؛ ومَن قَرَأ خُشَّعًا جَمْعَ تَكْسِيرٍ، فَلِأنَّ الجَمْعَ مُوافِقٌ لِما بَعْدَهُ، وهو أبْصارُهم، ومُوافِقٌ لِلضَّمِيرِ الَّذِي هو صاحِبُ الحالِ في يَخْرُجُونَ، وهو نَظِيرُ قَوْلِهِمْ: مَرَرْتُ بِرِجالٍ كِرامٍ آباؤُهم. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وخُشَّعًا عَلى يَخْشَعْنَ أبْصارُهم، وهي لُغَةُ مَن يَقُولُ: أكَلُونِي البَراغِيثُ، وهم طَيِّئٌ. انْتَهى. ولا يُجْرى جَمْعُ التَّكْسِيرِ مَجْرى جَمْعِ السَّلامَةِ، فَيَكُونُ عَلى تِلْكَ اللُّغَةِ النّادِرَةِ القَلِيلَةِ.
وقَدْ نَصَّ سِيبَوَيْهِ عَلى أنَّ جَمْعَ التَّكْسِيرِ أكْثَرُ في كَلامِ العَرَبِ، فَكَيْفَ يَكُونُ أكْثَرَ، ويَكُونُ عَلى تِلْكَ اللُّغَةِ النّادِرَةِ القَلِيلَةِ ؟ وكَذا قالَ الفَرّاءُ حِينَ ذُكِرَ الإفْرادُ مُذَكَّرًا ومُؤَنَّثًا وجَمْعُ التَّكْسِيرِ، قالَ: لِأنَّ الصِّفَةَ مَتى تَقَدَّمَتْ عَلى الجَماعَةِ جازَ فِيها جَمِيعُ ذَلِكَ، والجَمْعُ مُوافِقٌ لِلَفْظِها، فَكانَ أشْبَهَ. انْتَهى. وإنَّما يُخَرَّجُ عَلى تِلْكَ اللُّغَةِ إذا كانَ الجَمْعُ مَجْمُوعًا بِالواوِ والنُّونِ نَحْوَ: مَرَرْتُ بِقَوْمٍ كَرِيمِينَ آباؤُهم. والزَّمَخْشَرِيُّ قاسَ جَمْعَ التَّكْسِيرِ عَلى هَذا الجَمْعِ السّالِمِ، وهو قِياسٌ فاسِدٌ، ويَرُدُّهُ النَّقْلُ عَنِ العَرَبِ أنَّ جَمْعَ التَّكْسِيرِ أجْوَدُ مِنَ الإفْرادِ، كَما ذَكَرْناهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وكَما دَلَّ عَلَيْهِ كَلامُ الفَرّاءِ؛ وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ في خُشَّعًا ضَمِيرٌ، وأبْصارُهم بَدَلٌ مِنهُ. وقُرِئَ: خُشَّعٌ أبْصارُهم، وهي جُمْلَةٌ في مَوْضِعِ الحالِ، وخُشَّعٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وخُشُوعُ الأبْصارِ كِنايَةٌ عَنِ الذِّلَّةِ، وهي في العُيُونِ أظْهَرُ مِنها في سائِرِ الجَوارِحِ؛ وكَذَلِكَ أفْعالُ النَّفْسِ مِن ذِلَّةٍ وعِزَّةٍ وحَياءٍ وصَلَفٍ وخَوْفٍ وغَيْرِ ذَلِكَ.
﴿كَأنَّهم جَرادٌ مُنْتَشِرٌ﴾: جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ أيْضًا، شَبَّهَهم بِالجَرادِ في الكَثْرَةِ والتَّمَوُّجِ، ويُقالُ: جاءُوا كالجَرادِ في الجَيْشِ الكَثِيرِ المُتَمَوِّجِ، ويُقالُ: كالذُّبابِ. وجاءَ تَشْبِيهُهم أيْضًا بِالفَراشِ المَبْثُوثِ، وكُلٌّ مِنَ الجَرادِ والفَراشِ في الخارِجِينَ يَوْمَ الحَشْرِ شَبَهٌ مِنهُما. وقِيلَ: يَكُونُونَ أوَّلًا كالفَراشِ حِينَ يَمُوجُونَ فَزِعِينَ لا يَهْتَدُونَ أيْنَ يَتَوَجَّهُونَ، لِأنَّ الفَراشَ لا جِهَةَ لَهُ يَقْصِدُها، ثُمَّ كالجَرادِ المُنْتَشِرِ إذا تَوَجَّهُوا إلى المَحْشَرِ والدّاعِي، فَهُما تَشْبِيهانِ بِاعْتِبارِ وقْتَيْنِ، قالَ مَعْناهُ مَكِّيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ.
﴿مُهْطِعِينَ﴾، قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: مُسْرِعِينَ، ومِنهُ قَوْلُهُ:
بِدِجْلَةَ دارُهم ولَقَدْ أراهم ∗∗∗ بِدِجْلَةَ مُهْطِعِينَ إلى السَّماعِ
زادَ غَيْرُهُ: مادِّيِ أعْناقِهِمْ، وزادَ غَيْرُهُ: مَعَ هَزٍّ ورَهَقٍ ومَدِّ بَصَرٍ نَحْوَ المَقْصِدِ، إمّا لِخَوْفٍ أوْ طَمَعٍ ونَحْوِهِ. وقالَ قَتادَةُ: عامِدِينَ. وقالَ الضَّحّاكُ: مُقْبِلِينَ. وقالَ عِكْرِمَةُ: فاتِحِينَ آذانَهم إلى الصَّوْتِ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ناظِرِينَ. ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
تَعَبَّدَنِي نِمْرُ بْنُ سَعْدٍ وقَدْ أُرى ∗∗∗ ونِمْرُ بْنُ سَعْدٍ لِي مُطِيعٌ ومُهْطِعُ
وقِيلَ: خافِضِينَ ما بَيْنَ أعْيُنِهِمْ. وقالَ سُفْيانُ: خاشِعَةً أبْصارُهم إلى السَّماءِ.
﴿يَوْمٌ عَسِرٌ﴾، لِما يُشاهِدُونَ مِن مَخايِلِ هَوْلِهِ، وما يَرْتَقِبُونَ مِن سُوءِ مُنْقَلَبِهِمْ فِيهِ.
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾: أيْ قَبْلَ قُرَيْشٍ،
﴿قَوْمُ نُوحٍ﴾ وفِيهِ وعِيدٌ لِقُرَيْشٍ وضَرْبُ مَثَلٍ لَهم. ومَفْعُولُ كَذَّبَتْ مَحْذُوفٌ، أيْ كَذَّبَتِ الرُّسُلُ، فَكَذَّبُوا نُوحًا عَلَيْهِ السَّلامُ. لَمّا كانُوا مُكَذِّبِينَ بِالرُّسُلِ جاحِدِينَ لِلنُّبُوَّةِ رَأْسًا، كَذَّبُوا نُوحًا لِأنَّهُ مِن جُمْلَةِ الرُّسُلِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَحْذُوفُ نُوحًا أوَّلَ مَجِيئِهِ إلَيْهِمْ، فَكَذَّبُوهُ تَكْذِيبًا يَعْقُبُهُ تَكْذِيبٌ. كُلَّما مَضى مِنهم قَرْنٌ مُكَذِّبٌ، تَبِعَهُ قَرْنٌ مُكَذِّبٌ. وفي لَفْظِ ”عَبْدَنا“ تَشْرِيفٌ وخُصُوصِيَّةٌ بِالعُبُودِيَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعالى:
﴿وما أنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الفُرْقانِ﴾ [الأنفال: ٤١]،
﴿سُبْحانَ الَّذِي أسْرى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١] .
﴿وقالُوا مَجْنُونٌ﴾: أيْ هو مَجْنُونٌ. لَمّا رَأوُا الآياتِ الدّالَّةَ عَلى صِدْقِهِ قالُوا: هو مُصابُ الجِنِّ، لَمْ يَقْنَعُوا بِتَكْذِيبِهِ حَتّى نَسَبُوهُ إلى الجُنُونِ، أيْ يَقُولُ ما لا يَقْبَلُهُ عاقِلٌ، وذَلِكَ مُبالَغَةٌ في تَكْذِيبِهِمْ.
﴿وازْدُجِرَ فَدَعا رَبَّهُ أنِّي مَغْلُوبٌ﴾، الظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ:
﴿وازْدُجِرَ﴾ مِن إخْبارِ اللَّهِ تَعالى، أيِ انْتَهَرُوهُ وزَجَرُوهُ بِالسَّبِّ والتَّخْوِيفِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وقَرَأ:
﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المَرْجُومِينَ﴾ [الشعراء: ١١٦] . قِيلَ: والمَعْنى أنَّهم فَعَلُوا بِهِ ما يُوجِبُ الِانْزِجارَ مِن دُعائِهِمْ حَتّى تَرَكَ دَعْوَتَهم إلى الإيمانِ وعَدَلَ إلى الدُّعاءِ عَلَيْهِمْ. وقالَ مُجاهِدٌ: وازْدُجِرَ مِن تَمامِ قَوْلِهِمْ، أيْ قالُوا وازْدُجِرَ: أيِ اسْتُطِيرَ جُنُونًا، أيِ ازْدَجَرَتْهُ الجِنُّ وذَهَبَتْ بِلُبِّهِ وتَخَبَّطَتْهُ. وقَرَأ ابْنُ إسْحاقَ وعِيسى والأعْمَشُ وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، ورُوِيَتْ عَنْ عاصِمٍ: إنِّي بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، عَلى إضْمارِ القَوْلِ عَلى مَذْهَبِ البَصْرِيِّينَ، أوْ عَلى إجْراءِ الدُّعاءِ مَجْرى القَوْلِ عَلى مَذْهَبِ الكُوفِيِّينَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: بِفَتْحِها، أيْ بِأنِّي مَغْلُوبٌ، أيْ غَلَبَنِي قَوْمِي، فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنِّي، ويَئِسْتُ مِن إجابَتِهِمْ لِي.
﴿فانْتَصِرْ﴾: أيْ فانْتَقِمْ بِعَذابٍ تَبْعَثُهُ عَلَيْهِمْ. وإنَّما دَعا عَلَيْهِمْ بَعْدَما يَئِسَ مِنهم وتَفاقَمَ أمْرُهم، وكانَ الواحِدُ مِن قَوْمِهِ يَخْنُقُهُ إلى أنْ يَخِرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وقَدْ كانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإنَّهم لا يَعْلَمُونَ، ومُتَعَلِّقُ
﴿فانْتَصِرْ﴾ مَحْذُوفٌ. وقِيلَ: التَّقْدِيرُ فانْتَصِرْ لِي مِنهم بِأنْ تُهْلِكَهم. وقِيلَ: فانْتَصِرْ لِنَفْسِكَ، إذْ كَذَّبُوا رَسُولَكَ فَوَقَعَتِ الإجابَةُ. ولِلْمُتَصَوِّفَةِ قَوْلٌ في
﴿مَغْلُوبٌ فانْتَصِرْ﴾ حَكاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، يُوقَفُ عَلَيْهِ في كِتابِهِ.
﴿فَفَتَحْنا﴾: بَيانٌ أنَّ اللَّهَ تَعالى انْتَصَرَ مِنهم وانْتَقَمَ. قِيلَ: ومِنَ العَجَبِ أنَّهم كانُوا يَطْلُبُونَ المَطَرَ سِنِينَ، فَأهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعالى بِمَطْلُوبِهِمْ.
﴿أبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ﴾: جَعَلَ الماءَ كَأنَّهُ آلَةٌ يُفْتَحُ بِها، كَما تَقُولُ: فَتَحْتُ البابَ بِالمِفْتاحِ، وكَأنَّ الماءَ جاءَ وفَتَحَ البابَ، فَجَعَلَ المَقْصُودَ، وهو الماءُ، مُقَدَّمًا في الوُجُودِ عَلى فَتْحِ البابِ المُغْلَقِ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ الباءُ لِلْحالِ، أيْ مُلْتَبِسَةً بِماءٍ مُنْهَمِرٍ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وأبُو جَعْفَرٍ والأعْرَجُ ويَعْقُوبُ: فَفَتَّحْنا مُشَدَّدًا؛ والجُمْهُورُ: مُخَفَّفًا،
﴿أبْوابَ السَّماءِ﴾، هَذا عِنْدَ الجُمْهُورِ مَجازٌ وتَشْبِيهٌ، لِأنَّ المَطَرَ كَثَّرَهُ كَأنَّهُ نازِلٌ مِن أبْوابٍ، كَما تَقُولُ: فُتِحَتْ أبْوابُ القِرَبِ، وجَرَتْ مَزارِيبُ السَّماءِ. وقالَ عَلِيٌّ وتَبِعَهُ النَّقّاشُ: يَعْنِي بِالأبْوابِ المَجَرَّةَ، وهي سَرْعُ السَّماءِ كَسَرْعِ العَيْبَةِ. وذَهَبَ قَوْمٌ إلى أنَّها حَقِيقَةٌ فُتِحَتْ في السَّماءِ أبْوابٌ جَرى مِنها الماءُ، ومِثْلُهُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: أبْوابُ السَّماءِ فُتِحَتْ مِن غَيْرِ سَحابٍ، لَمْ تُغْلَقْ أرْبَعِينَ يَوْمًا. قالَ السُّدِّيُّ:
﴿مُنْهَمِرٍ﴾: أيْ كَثِيرٍ. قالَ الشّاعِرُ:
أعَيْنَيَّ جُودا بِالدُّمُوعِ الهَوامِرِ ∗∗∗ عَلى خَيْرِ بادٍ مِن مَعَدٍّ وحاضِرِ
وقَرَأ الجُمْهُورُ:
﴿وفَجَّرْنا﴾ بِتَشْدِيدِ الجِيمِ؛ وعَبْدُ اللَّهِ وأصْحابُهُ وأبُو حَيْوَةَ والمُفَضَّلُ عَنْ عاصِمٍ: بِالتَّخْفِيفِ؛ والمَشْهُورُ أنَّ العَيْنَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ. والظّاهِرُ أنَّها حَقِيقَةٌ في العَيْنِ الباصِرَةِ، مَجازٌ في غَيْرِها، وهو في غَيْرِ الماءِ مَجازٌ مَشْهُورٌ غالِبٌ، وانْتَصَبَ عُيُونًا عَلى التَّمْيِيزِ، جُعِلَتِ الأرْضُ كُلُّها كَأنَّها عُيُونٌ تَتَفَجَّرُ، وهو أبْلَغُ مِن: وفَجَّرْنا عُيُونَ الأرْضِ، ومَن مَنَعَ مَجِيءَ التَّمْيِيزِ مِنَ المَفْعُولِ أعْرَبَهُ حالًا، ويَكُونُ حالًا مُقَدَّرَةً، وأعْرَبَهُ بَعْضُهم مَفْعُولًا ثانِيًا، كَأنَّهُ ضَمَّنَ
﴿وفَجَّرْنا﴾: صَيَّرْنا بِالتَّفْجِيرِ،
﴿الأرْضَ عُيُونًا﴾ . وقِيلَ: وفُجِّرَتْ أرْبَعِينَ يَوْمًا. وقَرَأ الجُمْهُورُ:
﴿فالتَقى الماءُ﴾، وهو اسْمُ جِنْسٍ، والمَعْنى: ماءُ السَّماءِ وماءُ الأرْضِ. وقَرَأ عَلِيٌّ والحَسَنُ ومُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ والجَحْدَرِيُّ: الماآنِ. وقَرَأ الحَسَنُ أيْضًا: الماوانِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وقَرَأ الحَسَنُ ماوانِ، بِقَلْبِ الهَمْزَةِ واوًا، كَقَوْلِهِمْ: عِلْباوانِ. انْتَهى. شَبَّهَ الهَمْزَةَ الَّتِي هي بَدَلٌ مِن هاءٍ في الماءِ بِهَمْزَةِ الإلْحاقِ في عِلْباءٍ. وعَنِ الحَسَنِ أيْضًا: المايانِ، بِقَلْبِ الهَمْزَةِ ياءً، وفي كِلْتا القِراءَتَيْنِ شُذُوذٌ.
﴿عَلى أمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾: أيْ عَلى حالَةٍ ورُتْبَةٍ قَدْ فُصِلَتْ في الأزَلِ. وقِيلَ: عَلى مَقادِيرَ قَدْ رُتِّبَتْ وقْتَ التِقائِهِ، فَرُوِيَ أنَّ ماءَ الأرْضِ كانَ عَلى سَبْعَةَ عَشَرَ ذِراعًا، ونَزَلَ ماءُ السَّماءِ عَلى تَكْمِلَةِ أرْبَعِينَ ذِراعًا. وقِيلَ: كانَ ماءُ الأرْضِ أكْثَرَ. وقِيلَ: كانا مُتَساوِيَيْنِ، نَزَلَ مِنَ السَّماءِ قَدْرُ ما خَرَجَ مِنَ الأرْضِ.
وقِيلَ:
﴿عَلى أمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾: في اللَّوْحِ أنَّهُ يَكُونُ، وهو هَلاكُ قَوْمِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالطُّوفانِ، وهَذا هو الرّاجِحُ، لِأنَّ كُلَّ قِصَّةٍ ذُكِرَتْ بَعْدَ هَذِهِ القِصَّةِ ذَكَرَ اللَّهُ هَلاكَ مُكَذِّبِي الرُّسُلِ فِيها، فَيَكُونُ هَذا كِنايَةً عَنْ هَلاكِ قَوْمِ نُوحٍ، ولِذَلِكَ ذَكَرَ نَجاةَ نُوحٍ بَعْدَها في قَوْلِهِ:
﴿وحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ ألْواحٍ ودُسُرٍ﴾ . وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ: قُدِّرَ بِشَدِّ الدّالِ؛ والجُمْهُورُ؛ بِتَخْفِيفِها، وذاتُ الألْواحِ والدُّسُرِ هي السَّفِينَةُ الَّتِي أنْشَأها نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ. ويُفْهَمُ مِن هَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ أنَّها السَّفِينَةُ، فَهي صِفَةٌ تَقُومُ مَقامَ المَوْصُوفِ وتَنُوبُ عَنْهُ، ونَحْوُهُ: قَمِيصِي مَسْرُودَةٌ مِن حَدِيدٍ، أيْ دِرْعٌ، وهَذا مِن فَصِيحِ الكَلامِ وبَدِيعِهِ. ولَوْ جَمَعْتَ بَيْنَ الصِّفَةِ والمَوْصُوفِ فِيهِ، لَمْ يَكُنْ بِالفَصِيحِ، والدُّسُرُ المَسامِيرُ، قالَهُ الجُمْهُورُ. وقالَ الحَسَنُ وابْنُ عَبّاسٍ: مَقادِيمُ السَّفِينَةِ لِأنَّها تَدْسُرُ الماءَ، أيْ تَدْفَعُهُ، والدَّسْرُ: الدَّفْعُ. وقالَ مُجاهِدٌ وغَيْرُهُ: بَطْنُ السَّفِينَةِ. وعَنْهُ أيْضًا: عَوارِضُ السَّفِينَةِ. وعَنْهُ أيْضًا: أضْلاعُ السَّفِينَةِ، تَجْرِي في ذَلِكَ الماءِ المُتَلاقِي بِحِفْظٍ مِنّا وكِلاءَةٍ، بِحَيْثُ نَجا مَن كانَ فِيها وغَرِقَ غَيْرُهم.
وقالَ مُقاتِلُ بْنُ سُلَيْمانَ:
﴿بِأعْيُنِنا﴾: بِوَحْيِنا. وقِيلَ: بِأمْرِنا. وقِيلَ: بِأوْلِيائِنا. يُقالُ: فُلانٌ عَيْنٌ مِن عُيُونِ اللَّهِ تَعالى: أيْ ولِيٌّ مِن أوْلِيائِهِ. وقِيلَ: بِأعْيُنِ الماءِ الَّتِي أنْبَعْناها. وقِيلَ: مَن حَفِظَها مِنَ المَلائِكَةِ سَمّاهم أعْيُنًا. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وأبُو السَّمّالِ: بِأعْيُنّا بِالإدْغامِ؛ والجُمْهُورُ: بِالفَكِّ.
﴿جَزاءً﴾: أيْ مُجازاةً،
﴿لِمَن كانَ كُفِرَ﴾: أيْ لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، إذْ كانَ نِعْمَةً أهْداها اللَّهُ إلى قَوْمِهِ لِأنْ يُؤْمِنُوا فَكَفَرُوها، المَعْنى: أنَّهُ حَمَلَهُ في السَّفِينَةِ ومَن آمَنَ مَعَهُ كانَ جَزاءً لَهُ عَلى صَبْرِهِ عَلى قَوْمِهِ المِئِينَ مِنَ السِّنِينَ، ومَن كِنايَةٌ عَنْ نُوحٍ. قِيلَ: يَعْنِي بِمَن كُفِرَ لِمَن جُحِدَتْ نُبُوَّتُهُ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ: مَن يُرادُ بِهِ اللَّهُ تَعالى، كَأنَّهُ قالَ: غَضَبًا وانْتِصارًا لِلَّهِ تَعالى، أيِ انْتَصَرَ لِنَفْسِهِ، فَأغْرَقَ الكافِرِينَ، وأنْجى المُؤْمِنِينَ، وهَذانِ التَّأْوِيلانِ في مَن عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ. كُفِرَ: مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وقَرَأ مَسْلَمَةُ بْنُ مُحارِبٍ: بِإسْكانِ الفاءِ خُفِّفَ فُعْلَ، كَما قالَ الشّاعِرُ:
لَوْ عُصْرَ مِنهُ البانُ والمِسْكُ انْعَصَرْ
يُرِيدُ: لَوْ عُصِرَ. وقَرَأ زَيْدُ بْنُ رُومانَ وقَتادَةُ وعِيسى: كَفَرَ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ، فَمَن يُرادُ بِهِ قَوْمُ نُوحٍ: أيْ إنَّ ما نَشَأ مِن تَفْتِيحِ أبْوابِ السَّماءِ بِالماءِ وتَفَجُّرِ عُيُونِ الأرْضِ، والتِقاءِ الماءَيْنِ مِن غَرَقِ قَوْمِ نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، كانَ جَزاءً لَهم عَلى كُفْرِهِمْ. وكُفِرَ: خَبَرٌ لِكانَ، وفي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى وُقُوعِ الماضِي بِغَيْرِ قَدْ خَبَرًا لِكانَ، وهو مَذْهَبُ البَصْرِيِّينَ وغَيْرِهِمْ. يَقُولُ: لا بُدَّ مِن قَدْ ظاهِرَةً أوْ مُقَدَّرَةً، عَلى أنَّهُ يَجُوزُ إنْ كانَ هُنا زائِدَةً، أيْ لِمَن كُفِرَ، والضَّمِيرُ في
﴿تَرَكْناها﴾ عائِدٌ عَلى الفِعْلَةِ والقِصَّةِ. وقالَ قَتادَةُ والنَّقّاشُ وغَيْرُهُما: عائِدٌ عَلى السَّفِينَةِ، وأنَّهُ تَعالى أبْقى خَشَبَها حَتّى رَآهُ بَعْضُ أوائِلِ هَذِهِ الأُمَّةِ. وقالَ قَتادَةُ: وكَمْ مِن سَفِينَةٍ بَعْدَها صارَتْ رَمادًا وقَرَأ الجُمْهُورُ:
﴿مُدَّكِرٍ﴾، بِإدْغامِ الذّالِ في الدّالِ المُبْدَلَةِ مِن تاءِ الِافْتِعالِ؛ وقَتادَةُ: فِيما نَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ بِالذّالِ، أدْغَمَهُ بَعْدَ قَلْبِ الثّانِي إلى الأوَّلِ. وقالَ صاحِبُ كِتابِ اللَّوامِحِ وقَتادَةُ: فَهَلْ مِن مُذَكِّرٍ، فاعِلٌ مِنَ التَّذْكِيرِ، أيْ مَن يُذَكِّرُ نَفْسَهُ أوْ غَيْرَهُ بِما مَضى مِنَ القِصَصِ. انْتَهى. وقُرِئَ: مُدْتَكِرٍ عَلى الأصْلِ.
﴿فَكَيْفَ كانَ عَذابِي ونُذُرِ﴾: تَهْوِيلٌ لِما حَلَّ بِقَوْمِ نُوحٍ مِنَ العَذابِ وإعْظامٌ لَهُ، إذْ قَدِ اسْتَأْصَلَ جَمِيعَهم وقَطَعَ دابِرَهم، فَلَمْ يَنْسُلْ مِنهم أحَدٌ؛ أيْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ إنْذارِي ؟ والنُّذُرُ: جَمْعُ نَذِيرٍ وهو الإنْذارُ، وفِيهِ تَوْقِيفٌ لِقُرَيْشٍ عَلى ما حَلَّ بِالمُكَذِّبِينَ أمْثالِهِمْ. وكانَ إنْ كانَتْ ناقِصَةً، كانَتْ كَيْفَ في مَوْضِعِ خَبَرِ كانَ؛ وإنْ كانَتْ تامَّةً، كانَتْ في مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلى الحالِ. والِاسْتِفْهامُ هُنا لا يُرادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ، بَلِ المَعْنى عَلى التَّذْكِيرِ بِما حَلَّ بِهِمْ.
﴿ولَقَدْ يَسَّرْنا﴾: أيْ سَهَّلْنا،
﴿القُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾: أيْ لِلْإذْكارِ والِاتِّعاظِ، لِما تَضَمَّنَهُ مِنَ الوَعْظِ والوَعْدِ والوَعِيدِ.
﴿فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ﴾، قالَ ابْنُ زَيْدٍ: مِن مُتَّعِظٍ. وقالَ قَتادَةُ: فَهَلْ مِن طالِبِ خَيْرٍ ؟ وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: فَهَلْ مِن مُزْدَجِرٍ عَنِ المَعاصِي ؟ وقِيلَ: لِلذِّكْرِ: لِلْحِفْظِ، أيْ سَهَّلْناهُ لِلْحِفْظِ، لِما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِن حُسْنِ النَّظْمِ وسَلامَةِ اللَّفْظِ، وعُرُوِّهِ عَنِ الحَشْوِ وشَرَفِ المَعانِي وصِحَّتِها، فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالقُلُوبِ.
﴿فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ﴾: أيْ مِن طالِبٍ لِحِفْظِهِ لِيُعانَ عَلَيْهِ، وتَكُونُ زَواجِرُهُ وعُلُومُهُ حاضِرَةً في النَّفْسِ. وقالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: لَمْ يُسْتَظْهَرْ شَيْءٌ مِنَ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ غَيْرَ القُرْآنِ. وقِيلَ: يَسَّرْنا: هَيَّأْنا
﴿القُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾، كَقَوْلِهِمْ: يَسَّرَ ناقَتَهُ لِلسَّفَرِ إذا رَحَّلَها، ويَسَّرَ فَرَسَهُ لِلْغَزْوِ إذا أسْرَجَهُ وألْجَمَهُ، قالَ الشّاعِرُ:
وقُمْتُ إلَيْهِ بِاللِّجامِ مُيَسَّرًا ∗∗∗ هُنالِكَ يَجْزِينِي الَّذِي كُنْتُ أصْنَعُ