الباحث القرآني
ولَمّا تَقَدَّمَ أمْرُهُ سُبْحانَهُ لِنَبِيِّهِ ﷺ بِالتَّوَلِّي عَنْهم (p-١٠٢)تَهْدِيدًا لَهُمْ، وصَرَّحَ بِما أرادَ مِن أمْرِ السّاعَةِ لِما دَعا إلى ذَلِكَ مِن تَقَدُّمِ ذِكْرِها، ولِأنَّها أشَدُّ هَوْلٍ يُهَدَّدُونَ بِهِ، وبَيانًا أنَّ الخَلْقَ ما خُلِقَ إلّا لِأجْلِها لِأنَّها مَحَطُّ الحِكْمَةِ، وخَتَمَ بِعُسْرِها عَلى الكافِرِينَ، تَمَّمَ ذَلِكَ التَّهْدِيدَ بِعَذابِ الدُّنْيا رَدْعًا لِأهْلِ الغِلْظَةِ المُوكَلِينَ بِالمَحْسُوساتِ، فَذَكَرَ عُسْرَ يَوْمٍ كانَ عَلى الكافِرِينَ فِيها، فَقالَ مُهَدِّدًا لِقُرَيْشٍ بِجَعْلِ القِصَّةِ مَثَلًا لَهم في إهْلاكِهِمْ وفي أمْرِ السّاعَةِ مِن حَيْثُ إنَّهُ كَما أهْلَكَ أهْلَ الأرْضِ في آنٍ واحِدٍ بِما أرْسَلَهُ مِنَ الماءِ فَهو قادِرٌ عَلى أنْ يُهْلِكَهم في آنٍ واحِدٍ بِالصَّيْحَةِ، وكَما صَرَّفَ هَذا التَّصْرِيفَ الَّذِي [ما] سُمِعَ بِمِثْلِهِ في الإهْلاكِ فَهو قادِرٌ عَلى أنْ يُصَرِّفَهُ في الإحْياءِ عِنْدَ البَعْثِ عَلى وجْهٍ ما عُهِدَ مِثْلُهُ تَنْبُتُ فِيهِ الأجْسادُ وتَحْيا فِيهِ العِبادُ، جَوابًا لِمَن كَأنَّهُ قالَ: هَذا ما يُوعَدُونَهُ بَعْدَ المَوْتِ، فَهَلْ لَهم عَذابٌ قَبْلَهُ دالٌّ عَلى كَمالِ القُدْرَةِ: ﴿كَذَّبَتْ﴾ أيْ: أوْقَعَتِ التَّكْذِيبَ العَظِيمَ الَّذِي عَمُّوا بِهِ جَمِيعَ الرِّسالاتِ وجَمِيعَ الرُّسُلِ، وأنَّثَ فِعْلَهم تَحْقِيرًا لَهم وتَهْوِينًا لِأمْرِهِمْ في جَنْبِ قُدْرَتِهِ.
ولَمّا كانَ ما كانَ مِن تَصْمِيمِهِمْ عَلَيْهِ وعَزْمِهِمْ عَلى عَدَمِ الِانْفِكاكِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ جِبِلَّةً مُسْتَغْرِقًا لِجَمِيعِ ما بَعْدَهم مِنَ الزَّمانِ، وكانُوا قَدْ سَنُّوا سُنَّةَ التَّكْذِيبِ فَكانَ عَلَيْهِمْ مَعَ وِزْرِهِمْ وِزْرُ مَن أتى بَعْدَهُمْ، وكانَ ما قَبْلَهم مِنَ الزَّمانِ يَسِيرًا في جَنْبِ ما بَعْدَهُ عَدَمًا، فَلِذَلِكَ ذَكَرَ الظَّرْفَ مِن غَيْرِ حَرْفِ [جَرٍّ] لِأنَّهُ مَعَ أنَّهُ الحَقُّ أعْظَمُ في التَّسْلِيَةِ فَقالَ: ﴿قَبْلَهُمْ﴾ أيْ: في جَمِيعِ ما سَلَفَ مِنَ الزَّمانِ ومَضى بَعْضُهُ بِالفِعْلِ وبَعْضُهُ بِالقُوَّةِ لِقُوَّةِ العَزْمِ: ﴿قَوْمُ نُوحٍ﴾ مَعَ ما كانَ بِهِمْ مِنَ القُوَّةِ ولَهم مِنَ الِانْتِشارِ (p-١٠٣)فِي جَمِيعِ الأقْطارِ.
ولَمّا ذَكَرَ تَكْذِيبَهم إشارَةً إلى أنَّهُ جِبِلَّةٌ لَهم جَحَدُوا بِها النُّبُوَّةَ رَأْسًا فَلا حَظَّ لَهم في التَّصْدِيقِ لِلْحَقِّ فَلا يَفْتَرِقُ حالُهم بِالنِّسْبَةِ إلى أحَدٍ مِنَ النّاسِ كانَ مَن كانَ، فَلِذَلِكَ سَبَّبَ عَنْ هَذا المُطْلَقِ قَوْلَهُ: ﴿فَكَذَّبُوا عَبْدَنا﴾ أيْ: عَلى ما لَهُ مِنَ العَظَمَةِ نِسْبَةً إلَيْنا لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَبَّدْ لِغَيْرِنا قَطُّ مَعَ تَشْرِيفِنا إيّاهُ بِالرِّسالَةِ، فَكانَ تَكْذِيبُهم فَرْعًا مِمّا دَخَلَ في تَكْذِيبِهِمُ المُطْلَقِ الشّامِلِ لِكُلِّ ما يُمْكِنُ تَكْذِيبُهُ وهو مَيْدٌ ﴿وقالُوا﴾ مَعَ التَّكْذِيبِ أيْضًا زِيادَةً عَلى تَغْطِيَةِ ما ظَهَرَ مِنهُ مِنَ الهِدايَةِ: ﴿مَجْنُونٌ﴾ أيْ فَهَذا الَّذِي يَظْهَرُ لَهُ مِنَ الخَوارِقِ مِن أمْرِ الجِنِّ.
ولَمّا كانَ إعْلاءُ الصَّوْتِ عَلى النَّبِيِّ كائِنًا مَن كانَ عَظِيمَ القَباحَةِ جِدًّا زائِدَ الفَظاظَةِ فَكَيْفَ إذا كانَ مُرْسَلًا فَكَيْفَ إذا كانَ مِن أُولِي العَزْمِ فَكَيْفَ إذا كانَ عَلى سَبِيلِ الإنْكارِ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ إذا كانَ عَلى صُورَةِ ما يُفْعَلُ مِمَّنْ لا خَطَرَ لَهُ بِوَجْهٍ، قالَ بانِيًا لِلْمَجْهُولِ إشارَةً إلى تَبْشِيعِهِ مِن غَيْرِ نَظَرٍ إلى قائِلٍ وإيذانًا بِأنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِن أكابِرِهِمْ فَقَطْ بَلْ مِن كَبِيرِهِمْ وصَغِيرِهِمْ: ﴿وازْدُجِرَ﴾ أيْ: أعْمَلُوا أنْفُسَهم في انْتِهارِهِ وتَوَعُّدِهِ وتَهْدِيدِهِ وانْتَشَرَ ذَلِكَ في جَمِيعِهِمْ بِغايَةِ ما يَكُونُ مِنَ الغِلْظَةِ كَفًّا لَهُ عَنِ الرِّسالَةِ ومَنعًا لَهُ عَنْها، والمَعْنى أنَّهم قالُوا: إنَّهُ اسْتَظْهَرَ عَلَيْهِمْ بِالجُنُونِ.
{"ayah":"۞ كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحࣲ فَكَذَّبُوا۟ عَبۡدَنَا وَقَالُوا۟ مَجۡنُونࣱ وَٱزۡدُجِرَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق