الباحث القرآني
(p-١٣١)﴿ويَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ ﴿ونَزَعْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكم فَعَلِمُوا أنَّ الحَقَّ لِلَّهِ وضَلَّ عَنْهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ ﴿إنَّ قارُونَ كانَ مِن قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وآتَيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالعُصْبَةِ أُولِي القُوَّةِ إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ﴾ ﴿وابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدّارَ الآخِرَةَ ولا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وأحْسِنْ كَما أحْسَنَ اللَّهُ إلَيْكَ ولا تَبْغِ الفَسادَ في الأرْضِ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ﴾ ﴿قالَ إنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أوَلَمْ يَعْلَمْ أنَّ اللَّهَ قَدْ أهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَن هو أشَدُّ مِنهُ قُوَّةً وأكْثَرُ جَمْعًا ولا يُسْألُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ المُجْرِمُونَ﴾ ﴿فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ في زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَياةَ الدُّنْيا يالَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ ﴿وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ويْلَكم ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا ولا يُلَقّاها إلّا الصّابِرُونَ﴾ ﴿فَخَسَفْنا بِهِ وبِدارِهِ الأرْضَ فَما كانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ﴾ ﴿وأصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالأمْسِ يَقُولُونَ ويْكَأنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ ويَقْدِرُ لَوْلا أنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا ويْكَأنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافِرُونَ﴾ .
تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى قَوْلِهِ: (ويَوْمَ يُنادِيهِمْ) وكُرِّرَ هُنا عَلى جِهَةِ الإبْلاغِ والتَّأْكِيدِ. (ونَزَعْنا) أيْ: مَيَّزْنا وأخْرَجْنا بِسُرْعَةٍ مِن كُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ. (شَهِيدًا) وهو نَبِيُّ تِلْكَ الأُمَّةِ؛ لِأنَّهُ هو الشَّهِيدُ عَلَيْها، كَما قالَ: ﴿فَكَيْفَ إذا جِئْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وجِئْنا بِكَ عَلى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] . وقِيلَ: عَدُولًا وخِيارًا. والشَّهِيدُ عَلى هَذا اسْمُ الجِنْسِ، والشَّهِيدُ يَشْهَدُ عَلى تِلْكَ الأُمَّةِ بِما صَدَرَ مِنها، وما أجابَتْ بِهِ؛ لَمّا دُعِيَتْ إلى التَّوْحِيدِ، وأنَّهُ قَدْ بَلَّغَهم رِسالَةَ رَبِّهِمْ. (فَقُلْنا) أيْ: لِلْمَلَأِ ﴿هاتُوا بُرْهانَكُمْ﴾ أيْ: حُجَّتَكم فِيما كُنْتُمْ عَلَيْهِ في الدُّنْيا مِنَ الكُفْرِ ومُخالَفَةِ هَذا الشَّهِيدِ ﴿فَعَلِمُوا أنَّ الحَقَّ لِلَّهِ﴾ لا لِأصْنامِهِمْ وما عَبَدُوا مِن دُونِ اللَّهِ. (وضَلَّ عَنْهم) أيْ: وغابَ عَنْهم غَيْبَةَ الشَّيْءِ الضّائِعِ ﴿ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ مِنَ الكَذِبِ والباطِلِ.
وقارُونُ أعْجَمِيٌّ: مُنِعَ الصَّرْفَ لِلْعُجْمَةِ والعَلَمِيَّةِ. وقِيلَ: ومَعْنى كانَ مِن قَوْمِهِ أيْ: مِمَّنْ آمَنَ بِهِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهو إسْرائِيلِيٌّ بِإجْماعٍ. انْتَهى. واخْتُلِفَ في قَرابَتِهِ مِن مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، اخْتِلافًا مُضْطَرِبًا مُتَكاذِبًا، وأوْلاها ما قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ أنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ، وهو قارُونُ بْنُ يَصْهُرَ بْنِ قاهِثَ، جَدِّ مُوسى؛ لِأنَّ النَّسّابِينَ ذَكَرُوا نَسَبَهُ كَذَلِكَ، وكانَ يُسَمّى المُنَوَّرَ لِحُسْنِ صُورَتِهِ، وكانَ أحْفَظَ بَنِي إسْرائِيلَ لِلتَّوْراةِ وأقْرَأهم، فَنافَقَ كَما نافَقَ السّامِرِيُّ.
﴿فَبَغى عَلَيْهِمْ﴾ ذَكَرُوا مِن أنْواعِ بَغْيِهِ الكُفْرَ، والكِبْرَ، وحَسَدَهُ لِمُوسى عَلى النُّبُوَّةِ، ولِهارُونَ عَلى الذَّبْحِ والقُرْبانِ، وظُلْمَهُ لِبَنِي إسْرائِيلَ حِينَ مَلَّكَهُ فِرْعَوْنُ عَلَيْهِمْ، ودَسَّهُ بَغِيًّا تَكْذِبُ عَلى مُوسى أنَّهُ تَعَرَّضَ لَها، وتَفْضَحُهُ بِذَلِكَ في مَلَأٍ مِن بَنِي إسْرائِيلَ. ومِن تَكَبُّرِهِ أنْ زادَ في ثِيابِهِ شِبْرًا.
﴿وآتَيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ﴾ قِيلَ: أظْفَرَهُ اللَّهُ بِكَنْزٍ مِن كُنُوزِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ. وقِيلَ: سُمِّيَتْ أمْوالُهُ كُنُوزًا، إذْ كانَ مُمْتَنِعًا مِن أداءِ الزَّكاةِ، وبِسَبَبِ ذَلِكَ عادى مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ أوَّلَ عَداوَتِهِ. و(ما) مَوْصُولَةٌ، صِلَتُها ”إنَّ“ ومَعْمُولاها. وقالَ النَّحّاسُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمانَ، يَعْنِي الأخْفَشَ الصَّغِيرَ، يَقُولُ: ما أقْبَحَ ما يَقُولُهُ الكُوفِيُّونَ في الصِّلاتِ، أنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ تَكُونَ صِلَةُ ”الَّذِي“ ”إنَّ“ وما عَمِلَتْ (p-١٣٢)فِيهِ، وفي القُرْآنِ: ﴿ما إنَّ مَفاتِحَهُ﴾ . انْتَهى. وتَقَدَّمَ الكَلامُ في ”مَفاتِحَ“ في سُورَةِ الأنْعامِ، وقالُوا هُنا: مَقالِيدُ خَزائِنِهِ. وقالَ السُّدِّيُّ: هي الخَزائِنُ نَفْسُها. وقالَ الضَّحّاكُ: ظُرُوفُهُ وأوْعِيَتُهُ. وقَرَأ الأعْمَشُ: ”مَفاتِيحَهُ“، بِياءٍ، جَمْعُ مِفْتاحٍ، وذَكَرُوا مِن كَثْرَةِ مَفاتِحِهِ ما هو كَذِبٌ، أوْ يُقارِبُ الكَذِبَ، فَلَمْ أكْتُبْهُ. قالَ أبُو زَيْدٍ: نُؤْتُ بِالعَمَلِ، إذا نَهَضْتَ بِهِ. قالَ الشّاعِرُ:
؎إذا وجَدْنا خَلَفًا بِئْسَ الخَلَفْ عَبْدًا إذا ما ناءَ بِالحِمْلِ وقَفْ
ويَقُولُ: ناءَ يَنُوءُ، إذا نَهَضَ بِثِقَلٍ. قالَ الشّاعِرُ:
؎تَنُوءُ بِأُخْراها فَلَأْيًا قِيامُها ∗∗∗ وتَمْشِي الهُوَيْنى عَنْ قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: هو مَقْلُوبٌ وأصْلُهُ: لَتَنُوءُ بِها العُصْبَةُ، أيْ: تَنْهَضُ، والقَلْبُ عِنْدَ أصْحابِنا بابُهُ الشِّعْرُ. والصَّحِيحُ أنَّ الباءَ لِلتَّعْدِيَةِ، أيْ: لَتُنِيءُ العُصْبَةَ، كَما تَقُولُ: ذَهَبْتُ بِهِ وأذْهَبْتُهُ، وجِئْتُ بِهِ وأجَأْتُهُ. ونُقِلَ هَذا عَنِ الخَلِيلِ وسِيبَوَيْهِ والفَرّاءِ، واخْتارَهُ النَّحّاسُ، ورُوِيَ مَعْناهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وأبِي صالِحٍ والسُّدِّيِّ، وتَقُولُ العَرَبُ: ناءَ الحِمْلُ بِالبَعِيرِ إذا أثْقَلَهُ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويُمْكِنُ أنْ يُسْنَدَ ”تَنُوءُ“ إلى المَفاتِحِ؛ لِأنَّها تَنْهَضُ بِتَحامُلٍ إذا فَعَلَ ذَلِكَ الَّذِي يَنْهَضُ بِها، وذا مُطَّرِدٌ في ناءَ الحِمْلُ بِالبَعِيرِ ونَحْوِهِ، فَتَأمَّلْهُ. وقَرَأ بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ: ”لَيَنُوءُ“ بِالياءِ وتَذْكِيرِهِ، راعى المُضافَ المَحْذُوفَ، التَّقْدِيرُ: ما إنَّ حَمْلَ مَفاتِحِهِ، أوْ مِقْدارِها، أوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ووَجْهُهُ أنْ يُفَسَّرَ المَفاتِحُ بِالخَزائِنِ، ويُعْطِيَها حُكْمَ ما أُضِيفَ إلَيْهِ لِلْمُلابَسَةِ والإيصالِ، كَقَوْلِهِ: ذَهَبَتْ أهْلُ اليَمامَةِ. انْتَهى. يَعْنِي: أنَّهُ اكْتَسَبَ المَفاتِحُ التَّذْكِيرَ مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي لِقارُونَ، كَما اكْتَسَبَ أهْلٌ التَّأْنِيثَ مِن إضافَتِهِ إلى اليَمامَةِ، فَقِيلَ فِيهِ: ذَهَبَتْ. وذَكَرَ أبُو عَمْرٍو الدّانِيُّ أنَّ بُدَيْلَ بْنَ مَيْسَرَةَ قَرَأ: ”ما إنَّ مِفْتاحَهُ“ عَلى الإفْرادِ، فَلا تَحْتاجُ قِراءَتُهُ ”لَيَنُوءُ“ بِالياءِ إلى تَأْوِيلٍ. وتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ العُصْبَةِ في سُورَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ. وتَقَدَّمَ قَبْلَ تَفْسِيرِ المَفاتِحِ، أهِيَ المَقالِيدُ، أوِ الخَزائِنُ نَفْسُها، أوِ الظُّرُوفُ والأوْعِيَةُ، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ: أنَّ المَفاتِحَ هي الأمْوالُ.
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كانَتْ خَزائِنُهُ تَحْمِلُها أرْبَعُونَ أقْوِياءُ، وكانَتْ أرْبَعَمِائَةِ ألْفٍ، يَحْمِلُ كُلُّ رَجُلٍ عَشَرَةَ آلافٍ. وقالَ أبُو مُسْلِمٍ: المُرادُ مِنَ المَفاتِحِ: العِلْمُ والإحاطَةُ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ﴾ [الأنعام: ٥٩] والمُرادُ: وآتَيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ، ما إنَّ حِفْظَها والِاطِّلاعَ عَلَيْها لَيَثْقُلُ عَلى العُصْبَةِ، أيْ: هَذِهِ الكُنُوزُ لِكَثْرَتِها واخْتِلافِ أصْنافِها، يُتْعِبُ حِفْظُها القائِمِينَ عَلى حِفْظِها.
﴿إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ﴾ نَهَوْهُ عَنِ الفَرَحِ المُطْغِي الَّذِي هو انْهِماكٌ وانْحِلالُ نَفْسٍ وأشَرٌ وإعْجابٌ، وإنَّما يَفْرَحُ بِإقْبالِ الدُّنْيا عَلَيْهِ مَنِ اطْمَأنَّ إلَيْها وغَفَلَ عَنْ أمْرِ الآخِرَةِ، ومَن جَعَلَ أنَّهُ مُفارِقُ زَهْرَةِ الدُّنْيا عَنْ قَرِيبٍ، فَلا يَفْرَحُ بِها. وقالَ أبُو الطَّيِّبِ:
؎أشَدُّ الغَمِّ عِنْدِي في سُرُورٍ ∗∗∗ تَيَقَّنَ عَنْهُ صاحِبُهُ انْتِقالًا
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ومَحَلٌّ ”إذْ“ مَنصُوبٌ بِـ: ”تُنُوءُ“ . انْتَهى، وهَذا ضَعِيفٌ جِدًّا؛ لِأنَّ إثْقالَ المَفاتِحِ العُصْبَةَ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِوَقْتِ قَوْلِ قَوْمِهِ لَهُ: ﴿لا تَفْرَحْ﴾ . وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ﴿فَبَغى عَلَيْهِمْ﴾ وهو ضَعِيفٌ أيْضًا؛ لِأنَّ بَغْيَهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ مُقَيَّدًا بِذَلِكَ الوَقْتِ. وقالَ الحَوْفِيُّ: النّاصِبُ لَهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: اذْكُرْ. وقالَ أبُو البَقاءِ: (إذْ قالَ لَهُ) ظَرْفٌ لِـ: ”آتَيْناهُ“، وهو ضَعِيفٌ أيْضًا؛ لِأنَّ الإيتاءَ لَمْ يَكُنْ وقْتَ ذَلِكَ القَوْلِ. وقالَ أيْضًا: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الكَلامُ، أيْ: بَغى عَلَيْهِمْ ﴿إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ﴾ . انْتَهى. ويَظْهَرُ أنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ: فَأظْهَرَ التَّفاخُرَ والفَرَحَ بِما أُوتِيَ مِنَ الكُنُوزِ ﴿إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ﴾ . وقالَ تَعالى: ﴿ولا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ﴾ [الحديد: ٢٣] والعَرَبُ تَمْدَحُ بِتَرْكِ الفَرَحِ عِنْدَ إقْبالِ الخَيْرِ. وقالَ الشّاعِرُ:
؎ولَسْتُ بِمِفْراحٍ إذا الدَّهْرُ سَرَّنِي ∗∗∗ ولا جازِعٍ مِن صَرْفِهِ المُتَحَوِّلِ
(p-١٣٣)وقالَ الآخَرُ:
؎إنْ نُلاقِ مُنْفِسًا لا تُلْفِنا ∗∗∗ فُرُحَ الخَيْرِ ولا نَكْبُو لِضُرِّ
وقُرِئَ: الفارِحِينَ، حَكاهُ عِيسى بْنُ سُلَيْمانَ الحِجازِيُّ. و(لا يُحِبُّ) صِفَةُ فِعْلٍ، لا صِفَةُ ذاتٍ، بِمَعْنى الإرادَةِ؛ لِأنَّ الفَرَحَ أمْرٌ قَدْ وقَعَ، فالمَعْنى: لا يُظْهِرُ عَلَيْهِمْ بَرَكَتَهُ، ولا يَعُمُّهم رَحْمَتُهُ. ولَمّا نَهَوْهُ عَنِ الفَرَحِ المُطْغِي أمَرُوهُ بِأنْ يَطْلُبَ فِيما آتاهُ اللَّهُ مِنَ الكُنُوزِ وسَعَةِ الرِّزْقِ ثَوابَ الدّارِ الآخِرَةِ، بِأنْ يَفْعَلَ فِيهِ أفْعالَ البِرِّ، وتَجْعَلَهُ زادَكَ إلى الآخِرَةِ.
﴿ولا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ والجُمْهُورُ: مَعْناهُ: ولا تُضَيِّعْ عُمُرَكَ في أنْ لا تَعْمَلَ صالِحًا في دُنْياكَ، إذِ الآخِرَةُ إنَّما يُعْمَلُ لَها في الدُّنْيا، فَنَصِيبُ الإنْسانِ عُمُرُهُ وعَمَلُهُ الصّالِحُ فِيها، وهَذا التَّأْوِيلُ فِيهِ عِظَةٌ. وقالَ الحَسَنُ وقَتادَةُ مَعْناهُ: لا تُضَيِّعْ حَظَّكَ مِنَ الدُّنْيا في تَمَتُّعِكَ بِالحَلالِ وطَلَبِكَ، أيْ: إيّاهُ، ونَظَرِكَ لِعاقِبَةِ دُنْياكَ، وفي هَذا التَّأْوِيلِ بَعْضُ رِفْقٍ. وقالَ الحَسَنُ: مَعْناهُ: قَدِّمِ الفَضْلَ وأمْسِكْ ما تَبْلُغُ بِهِ. وقالَ مالِكٌ: هو الأكْلُ والشُّرْبُ بِلا سَرَفٍ. وقِيلَ: أرادُوا بِنَصِيبِهِ الكَفَنَ، وهَذا وعْظٌ مُتَّصِلٌ، كَأنَّهم قالُوا: تَتْرُكُ جَمِيعَ مالِكَ، لا يَكُونُ نَصِيبُكَ مِنهُ إلّا الكَفَنَ؛ كَما قالَ الشّاعِرُ:
؎نَصِيبُكَ مِمّا تَجْمَعُ الدَّهْرَ كُلَّهُ ∗∗∗ رِداءانِ تَأْوِي فِيهِما وحَنُوطُ
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أنْ تَأْخُذَ مِنهُ ما يَكْفِيكَ ويُصْلِحُكَ، وهَذا قَرِيبٌ مِن قَوْلِ الحَسَنِ (وأحْسِنْ) إلى عِبادِ اللَّهِ، أوْ بِشُكْرِكَ وطاعَتِكَ لِلَّهِ.
﴿كَما أحْسَنَ اللَّهُ إلَيْكَ﴾ بِتِلْكَ النِّعَمِ الَّتِي خَوَّلَكَها، والكافُ لِلتَّشْبِيهِ، وهو يَكُونُ في بَعْضِ الأوْصافِ؛ لِأنَّ مُماثَلَةَ إحْسانِ العَبْدِ لِإحْسانِ اللَّهِ مِن جَمِيعِ الصِّفاتِ يَمْتَنِعُ أنْ تَكُونَ، فالتَّشْبِيهُ وقَعَ في مُطْلَقِ الإحْسانِ، أوْ تَكُونُ الكافُ لِلتَّعْلِيلِ، أيْ: أحْسِنْ لِأجْلِ إحْسانِ اللَّهِ إلَيْكَ.
﴿ولا تَبْغِ الفَسادَ﴾ أيْ: ما أنْتَ عَلَيْهِ مِنَ البَغْيِ والظُّلْمِ. (عَلى عِلْمٍ) عِلْمٍ: مَصْدَرٌ، يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مُضافًا إلَيْهِ ومُضافًا إلى اللَّهِ. فَقالَ الجُمْهُورُ: ادَّعى أنَّ عِنْدَهُ عِلْمًا اسْتَوْجَبَ بِهِ أنْ يَكُونَ صاحِبَ تِلْكَ الكُنُوزِ. فَقِيلَ: عِلْمُ التَّوْراةِ وحِفْظُها، وكانَ أحَدَ السَّبْعِينَ الَّذِينَ اخْتارَهم مُوسى لِلْمِيقاتِ، وكانَتْ هَذِهِ مُغالَطَةً. وقالَ أبُو سُلَيْمانَ الدّانِيُّ: أيْ عِلْمُ التِّجارَةِ ووُجُوهِ المَكاسِبِ، أيْ: أُوتِيتُهُ بِإدْراكِي وسَعْيِي. وقالَ ابْنُ المُسَيَّبِ: عِلْمُ الكِيمْياءِ، قالَ ابْنُ المُسَيَّبِ: وكانَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ يَعْلَمُ الكِيمْياءَ، وهي جَعْلُ الرَّصاصِ والنُّحاسِ ذَهَبًا. وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: عَلى عِلْمٍ لِصَنْعَةِ الذَّهَبِ، ولَعَلَّ ذَلِكَ لا يَصِحُّ عَنْهُ ولا عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ. وأنْكَرَ الزَّجّاجُ عِلْمَ الكِيمْياءِ وقالَ: باطِلٌ لا حَقِيقَةَ لَهُ. انْتَهى.
وكَثِيرًا ما تُولَعُ أهْلُ مِصْرَ بِطَلَبِ أشْياءَ مِنَ المُسْتَحِيلاتِ والخُرافاتِ؛ مِن ذَلِكَ: تَغْوِيرُ الماءِ، وخِدْمَةُ الصُّوَرِ المُمَثَّلَةِ في الجُدُرِ خُطُوطًا، وادِّعاؤُهم أنَّ تِلْكَ الخُطُوطَ تَتَحَرَّكُ إذا خُدِمَتْ بِأنْواعٍ مِنَ الخَدَمِ لَهم والكِيمْياءِ حَتّى أنَّ مَشايِخَ العِلْمِ عِنْدَهم، الَّذِينَ هم عِنْدَهم بِصُورَةِ الوِلايَةِ، يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ مِن أجْهَلِ وارِدٍ مِنَ المَغارِبَةِ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ وغَيْرُهُ: أرادَ ﴿أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ﴾ مِنَ اللَّهِ وتَخْصِيصٍ مِن لَدُنْهُ قَصَدَنِي بِهِ، أيْ: فَلا يَلْزَمُنِي فِيهِ شَيْءٌ مِمّا قُلْتُمْ، ثُمَّ جَعَلَ قَوْلَهُ: (عِنْدِي) كَما يَقُولُ: في مُعْتَقَدِي وعَلى ما أراهُ. وقالَ مُقاتِلٌ: (عَلى عِلْمٍ) أيْ: عَلى خَيْرٍ عَلِمَهُ اللَّهُ عِنْدِي. والظّاهِرُ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿أوَلَمْ يَعْلَمْ﴾ تَقْرِيرٌ لِعِلْمِهِ ذَلِكَ، وتَنْبِيهٌ عَلى خَطَئِهِ في اغْتِرارِهِ أيْ: قَدْ عَلِمَ أنَّ اللَّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنَ القُرُونِ قَبْلَهُ مَن هو أقْوى مِنهُ وأغْنى؛ لِأنَّهُ قَدْ قَرَأهُ في التَّوْراةِ، وأخْبَرَ بِهِ مُوسى، وسَمِعَهُ في التَّوارِيخِ، كَأنَّهُ قِيلَ: أوَلَمْ يَعْلَمْ في جُمْلَةِ ما عِنْدَهُ مِنَ العِلْمِ ؟ هَذا حَتّى لا يَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ مالِهِ وقُوَّتِهِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ نَعْتًا لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ؛ لِأنَّهُ لَمّا قالَ: ﴿أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ فَتَنَفَّحَ بِالعِلْمِ وتَعَظَّمَ بِهِ، قِيلَ: أعِنْدَهُ مِثْلُ ذَلِكَ العِلْمِ الَّذِي ادَّعاهُ ؟ وأُرِيَ نَفْسَهُ بِهِ مُسْتَوْجِبَةً لِكُلِّ نِعْمَةٍ، ولَمْ يَعْلَمْ هَذا العِلْمَ النّافِعَ حَتّى يَقِيَ نَفْسَهُ مَصارِعَ الهالِكِينَ. انْتَهى.
﴿وأكْثَرُ جَمْعًا﴾ إمّا لِلْمالِ، أوْ جَماعَةٍ يَحُوطُونَهُ ويَخْدِمُونَهُ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ﴿أوَلَمْ يَعْلَمْ﴾ بِرُجْحِ أنَّ (p-١٣٤)قارُونَ تَشَبَّعَ بِعِلْمِ نَفْسِهِ عَلى زَعْمِهِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: (ولا يُسْألُ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ و(المُجْرِمُونَ) رُفِعَ بِهِ، وهو مُتَّصِلٌ بِما قَبْلَهُ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ. والضَّمِيرُ في (ذُنُوبِهِمْ) عائِدٌ عَلى مَن أُهْلِكَ مِنَ القُرُونِ، أيْ: لا يُسْألُ غَيْرُهم مِمَّنْ أجْرَمَ، ولا مِمَّنْ لَمْ يُجْرِمْ عَمَّنْ أهْلَكَهُ اللَّهُ بَلْ: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: ٣٨] . وقِيلَ: أهْلَكَ مَن أهْلَكَ مِنَ القُرُونِ، عَنْ عِلْمٍ مِنهُ بِذُنُوبِهِمْ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلى مَسْألَتِهِمْ عَنْها. وقِيلَ: هو مُسْتَأْنَفٌ عَنْ حالِ يَوْمِ القِيامَةِ. قالَ قَتادَةُ: لا يُسْألُونَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ لِظُهُورِها وكَثْرَتِها؛ لِأنَّهم يَدْخُلُونَ النّارَ بِغَيْرِ حِسابٍ. وقالَ قَتادَةُ أيْضًا ومُجاهِدٌ: لا تَسْألُهُمُ المَلائِكَةُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ؛ لِأنَّهم يَعْرِفُونَهم بِسِيماهم مِنَ السَّوادِ والتَّشْوِيهِ، كَقَوْلِهِ: ﴿يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ﴾ [الرحمن: ٤١] . وقِيلَ: لا يُسْألُونَ سُؤالَ تَوْبِيخٍ وتَقْرِيعٍ. وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ في رِوايَتِهِ: ”ولا تَسْألْ“، بِالتّاءِ والجَزْمِ، ”المُجْرِمِينَ“: نُصِبَ. وقَرَأ ابْنُ سِيرِينَ، وأبُو العالِيَةِ كَذَلِكَ في ”ولا تَسْألْ“ عَلى النَّهْيِ لِلْمُخاطَبِ، وكانَ ابْنُ أبِي إسْحاقَ لا يُجَوِّزُ ذَلِكَ إلّا أنْ يَكُونَ ”المُجْرِمِينَ“ بِالياءِ في مَحَلِّ النَّصْبِ، بِوُقُوعِ الفِعْلِ عَلَيْهِ. قالَ صاحِبُ اللَّوامِحِ: فالظّاهِرُ ما قالَهُ، ولَمْ يَبْلُغْنِي في نَصْبِ المُجْرِمِينَ شَيْءٌ، فَإنْ تَرَكاهُ عَلى رَفْعِهِ، فَلَهُ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنْ تَكُونَ الهاءُ والمِيمُ في ﴿عَنْ ذُنُوبِهِمْ﴾ راجِعَةً إلى ما تَقَدَّمَ مِنَ القُرُونِ، وارْتِفاعُ ”المُجْرِمِينَ“ بِإضْمارِ المُبْتَدَأِ، وتَقْدِيرُهُ: هُمُ المُجْرِمُونَ، أوْ: أُولَئِكَ المُجْرِمُونَ، ومِثْلُهُ ﴿التّائِبُونَ العابِدُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] في التَّوْبَةِ. والثّانِي: أنْ يَكُونَ بَدَلًا مِن أصْلِ الهاءِ والمِيمِ في (ذُنُوبِهِمْ)؛ لِأنَّها - وإنْ كانَتْ في مَحَلِّ الجَرِّ بِالإضافَةِ إلَيْها - فَإنَّ أصْلَها الرَّفْعُ؛ لِأنَّ الإضافَةَ إلَيْها بِمَنزِلَةِ إضافَةِ المَصْدَرِ إلى اسْمِ الفاعِلِ؛ فَعَلى ذَلِكَ (المُجْرِمُونَ) مَحْمُولٌ عَلى الأصْلِ، عَلى ما تَقَدَّمَ لَنا مِن أنَّ بَعْضَهم قَرَأ: ﴿أنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً﴾ [البقرة: ٢٦] بِالجَرِّ، عَلى أنَّها بَدَلٌ مِن أصْلِ المَثَلِ، و(ما) زائِدَةٌ فِيهِ، وتَقْدِيرُهُ: لا يَسْتَحِي بِضَرْبِ مَثَلِ بَعُوضَةٍ، أيْ: بِضَرْبِ بَعُوضَةٍ. في ذَلِكَ فَسَّرَ أنَّ مَعَ الفَصْلِ بِالمَصْدَرِ ناصِبٌ إلى المَفْعُولِ بِهِ، ثُمَّ أبْدَلَ مِنهُ البَعُوضَةَ مِن غَيْرِ أنْ أعْرِفَ فِيها أثَرًا لِحالٍ. فَأمّا قَوْلُهُ: مِن ذُنُوبِهِمْ، فَذُنُوبٌ جَمْعٌ، فَإنْ كانَ جَمْعَ مَصْدَرٍ فَفي إعْمالِهِ خِلافٌ. وأمّا قَوْلُهُ عَلى ما تَقَدَّمَ لَنا مِن أنَّ بَعْضَهم قَرَأ، فَقَدْ ذَكَرَ في البَقَرَةِ أنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ، ولا نَعْرِفُ فِيها أثَرًا، فَيَنْبَغِي أنْ لا يَجْعَلَها قِراءَةً.
ولَمّا ذَكَرَ تَعالى قارُونَ ونَعَتَهُ، وما آتاهُ مِنَ الكُنُوزِ، وفَرَحَهُ بِذَلِكَ فَرَحَ البَطِرِينَ، وادِّعاءَهُ أنَّ ما أُوتِيَ مِن ذَلِكَ إنَّما أُوتِيَهُ عَلى عِلْمٍ، ذَكَرَ ما هو ناشِئٌ عَنِ التَّكَبُّرِ والسُّرُورِ بِما أُوتِيَ، فَقالَ: ﴿فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ في زِينَتِهِ﴾ وكانَ يَوْمَ السَّبْتِ: أيْ: أظْهَرَ ما يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ المَلابِسِ والمَراكِبِ وزِينَةِ الدُّنْيا. قالَ جابِرٌ، ومُجاهِدٌ: في ثِيابٍ حُمْرٍ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: هو وحَشَمُهُ في ثِيابٍ مُعَصْفَرَةٍ. وقِيلَ: في ثِيابِ الأُرْجُوانِ. وقِيلَ: عَلى بَغْلَةٍ شَهْباءَ عَلَيْها الأُرْجُوانُ، وعَلَيْها سَرْجٌ مِن ذَهَبٍ، ومَعَهُ أرْبَعَةُ آلافٍ عَلى زِيِّهِ. وقِيلَ: عَلَيْهِمْ وعَلى خُيُولِهِمُ الدِّيباجُ الأحْمَرُ، وعَلى يَمِينِهِ ثَلاثُمِائَةِ غُلامٍ، وعَلى يَسارِهِ ثَلاثُمِائَةِ جارِيَةٍ بِيضٍ عَلَيْهِمُ الحُلِيُّ والدِّيباجُ. وقِيلَ: في تِسْعِينَ ألْفًا عَلَيْهِمُ المُعَصْفَراتُ، وهو أوَّلُ يَوْمٍ رُؤِيَ فِيهِ المُعَصْفَرُ. وقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الكَيْفِيّاتِ.
﴿قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ قِيلَ: كانُوا مُؤْمِنِينَ. وقالَ قَتادَةُ: تَمَنَّوْهُ لِيَتَقَرَّبُوا بِهِ إلى اللَّهِ. وقِيلَ: رَغْبَةً في اليَسارَةِ والثَّرْوَةِ. وقِيلَ: كانُوا كُفّارًا، وتَمَنَّوْا ﴿مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ﴾ ولَمْ يَذْكُرُوا زَوالَ نِعْمَتِهِ، وهَذا مِنَ الغِبْطَةِ.
﴿إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ أيْ: دَرَجَةٍ عَظِيمَةٍ، قالَهُ الضَّحّاكُ. وقِيلَ: نَصِيبٍ كَثِيرٍ مِنَ الدُّنْيا، والحَظُّ البَخْتُ والسَّعْدُ، يُقالُ: فُلانٌ ذُو حَظٍّ وحَظِيظٌ ومَحْظُوظٌ.
﴿وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾ مِنهم: يُوشَعُ، والعِلْمُ: مَعْرِفَةُ الثَّوابِ والعِقابِ، أوِ التَّوَكُّلُ، أوِ الإخْبارُ، أقْوالٌ. (ويْلَكم) دُعاءٌ بِالشَّرِّ.
﴿ثَوابُ اللَّهِ﴾ وهو ما أعَدَّهُ في الآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنِ (خَيْرٌ) مِمّا أُوتِيَ قارُونُ.
﴿ولا يُلَقّاها﴾ أيْ: هَذِهِ الحِكْمَةُ، وهي مَعْرِفَةُ ثَوابِ اللَّهِ، وقِيلَ: الجَنَّةُ ونَعِيمُها. وقِيلَ: هَذِهِ المَقالَةُ، وهي قَوْلُهم: ﴿ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا﴾ وبَّخَهم بِها.
﴿إلّا الصّابِرُونَ﴾ عَلى الطّاعاتِ وعَلى قَمْعِ أنْفُسِهِمْ عَنِ الشَّهَواتِ.
تَقَدَّمَ (p-١٣٥)طَرَفٌ مِن خَبَرِ قارُونَ وحَسَدِهِ لِمُوسى. ومِن حَسَدِهِ أنَّهُ جَعَلَ لِبَغِيٍّ جُعْلًا، عَلى أنْ تَرْمِيَ مُوسى بِطَلَبِها وبِزِنائِها، وأنَّها تابَتْ إلى اللَّهِ، وأقَرَّتْ أنَّ قارُونَ هو الَّذِي جَعَلَ لَها جُعْلًا عَلى رَمْيِ مُوسى بِذَلِكَ، فَأمَرَ اللَّهُ الأرْضَ أنْ تُطِيعَهُ، فَقالَ: يا أرْضُ، خُذِيهِ وأتْباعَهُ، فَخُسِفَ بِهِمْ في حِكايَةٍ طَوِيلَةٍ، اللَّهُ أعْلَمُ بِها. ولَمّا خُسِفَ بِقارُونَ ومَن مَعَهُ، فَقالَ بَنُو إسْرائِيلَ: إنَّما دَعا مُوسى عَلى قارُونَ لِيَسْتَبِدَّ بِدارِهِ وكُنُوزِهِ، فَدَعا اللَّهَ حَتّى خَسَفَ بِدارِهِ وأمْوالِهِ. و”مِن“ زائِدَةٌ، أيْ: مِن جَماعَةٍ تُفِيدُ اسْتِغْراقَ الفِئاتِ. وإذا انْتَفَتِ الجُمْلَةُ، ولَمْ يَقْدِرْ عَلى نَصْرِهِ، فانْتِفاءُ الواحِدِ عَنْ نُصْرَتِهِ أبْلَغُ.
﴿وما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ﴾ أيْ: لَمْ يَكُنْ في نَفْسِهِ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ مِن عَذابِ اللَّهِ.
﴿وأصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالأمْسِ﴾ بَدَلٌ، وأصْبَحَ، إذا حُمِلَ عَلى ظاهِرِهِ، أنَّ الخَسْفَ بِهِ وبِدارِهِ كانَ لَيْلًا، وهو أفْظَعُ العَذابِ، إذِ اللَّيْلُ مَقَرُّ الرّاحَةِ والسُّكُونِ، والأمْسُ يَحْتَمِلُ أنْ يُرادَ بِهِ الزَّمانُ الماضِي، ويَحْتَمِلُ أنْ يُرادَ بِهِ ما قَبْلَ يَوْمِ الخَسْفِ، وهو يَوْمُ التَّمَنِّي، ويَدُلُّ عَلَيْهِ العَطْفُ بِالفاءِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّعْقِيبَ في قَوْلِهِ: ﴿فَخَسَفْنا﴾ فَيَكُونُ فِيهِ اعْتِقابُ العَذابِ خُرُوجُهُ في زِينَتِهِ، وفي ذَلِكَ تَعْجِيلُ العَذابِ. ومَكانَهُ: مَنزِلَتَهُ في الدُّنْيا مِنَ الثَّرْوَةِ والحَشَمِ والأتْباعِ. و”ويْ“ عِنْدَ الخَلِيلِ وسِيبَوَيْهِ: اسْمُ فِعْلٍ مِثْلُ: صَهْ ومَهْ، ومَعْناها: أعْجَبُ. قالَ الخَلِيلُ: وذَلِكَ أنَّ القَوْمَ نَدِمُوا فَقالُوا: مُتَنَدِّمِينَ عَلى ما سَلَفَ مِنهم: ويْ، وكُلُّ مَن نَدِمَ فَأظْهَرَ نَدامَتَهُ قالَ: ويْ. وكَأنَّ: هي كافُ التَّشْبِيهِ الدّاخِلَةُ عَلى ”أنَّ“، وكُتِبَتْ مُتَّصِلَةً بِكافِ التَّشْبِيهِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمالِ، وأنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
؎ويْ كَأنَّ مَن يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْ ∗∗∗ بَبْ ومَن يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ
والبَيْتُ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. وحَكى الفَرّاءُ أنَّ امْرَأةً قالَتْ لِزَوْجِها: أيْنَ ابْنُكَ ؟ فَقالَ: ويْكَأنَّهُ وراءَ البَيْتِ، وعَلى هَذا المَذْهَبِ يَكُونُ الوَقْفُ عَلى ويْ. وقالالأخْفَشُ: هي ويْكَ، ويَنْبَغِي أنْ تَكُونَ الكافُ حَرْفَ خِطابٍ، ولا مَوْضِعَ لَهُ مِنَ الإعْرابِ، والوَقْفُ عَلَيْهِ ويْكَ، ومِنهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
؎ولَقَدْ شَفا نَفْسِي وأبْرَأ سُقْمَها ∗∗∗ قِيلُ الفَوارِسِ ويْكَ عَنْتَرَ أقْدِمِ
قالَ الأخْفَشُ: وأنَّ عِنْدَهُ مَفْتُوحٌ بِتَقْدِيرِ العِلْمِ، أيْ: أعْلَمُ أنَّ اللَّهَ، وقالَ الشّاعِرُ:
؎ألا ويْكَ المَضَرَّةَ لا تَدُومُ ∗∗∗ ولا يُبْقِي عَلى البُؤْسِ النَّعِيمُ
وذَهَبُ الكِسائِيُّ ويُونُسُ وأبُو حاتِمٍ وغَيْرُهم إلى أنَّ أصْلَهُ ويْلَكَ، فَحُذِفَتِ اللّامُ والكافُ في مَوْضِعِ جَرٍّ بِالإضافَةِ. فَعَلى المَذْهَبِ الأوَّلِ قِيلَ: تَكُونُ الكافُ خالِيَةً مِن مَعْنى التَّشْبِيهِ، كَما قِيلَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] . وعَلى المَذْهَبِ الثّانِي، فالمَعْنى: أعْجَبُ لِأنَّ اللَّهَ. وعَلى المَذْهَبِ الثّالِثِ تَكُونُ ويْلَكَ كَلِمَةَ تَحَزُّنٍ، والمَعْنى أيْضًا: لِأنَّ اللَّهَ. وقالَ أبُو زَيْدٍ وفِرْقَةٌ مَعَهُ: ويْكَأنَّ، حَرْفٌ واحِدٌ بِجُمْلَتِهِ، وهو بِمَعْنى: ألَمْ تَرَ. وبِمَعْنى: ألَمْ تَرَ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ والكِسائِيُّ وأبُو عُبَيْدٍ. وقالَ الفَرّاءُ: ويْكَ في كَلامِ العَرَبِ كَقَوْلِ الرَّجُلِ: أما تَرى إلى صُنْعِ اللَّهِ ؟ وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ أنَّهُ قالَ: مَعْنى ويْكَ: رَحْمَةً لَكَ، بِلُغَةِ حِمْيَرَ.
ولَمّا صَدَرَ مِنهم تَمَنِّي حالِ قارُونَ، وشاهَدُوا الخَسْفَ، كانَ ذَلِكَ زاجِرًا لَهم عَنْ حُبِّ الدُّنْيا، وداعِيًا إلى الرِّضا بِقَدَرِ اللَّهِ، فَتَنَبَّهُوا لِخَطَئِهِمْ فَقالُوا: ويْ، ثُمَّ قالُوا: ﴿كَأنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ﴾ بِحَسَبِ مَشِيئَتِهِ وحِكْمَتِهِ، لا لِكَرامَتِهِ عَلَيْهِ، ويُضَيِّقُ عَلى مَن يَشاءُ، لا لِهَوانِهِ، بَلْ لِحِكْمَتِهِ وقَضائِهِ ابْتِلاءً. وقَرَأ الأعْمَشُ: ”لَوْلا مَنَّ اللَّهُ“، بِحَذْفِ ”أنْ“، وهي مُزادَةٌ. ورُوِيَ عَنْهُ: ”مَنُّ اللَّهِ“ بِرَفْعِ النُّونِ والإضافَةِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (لَخُسِفَ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وحَفْصٌ، وعِصْمَةُ، وأبانٌ عَنْ عاصِمٍ، وابْنُ أبِي حَمّادٍ عَنْ أبِي بَكْرٍ: مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ. وابْنُ مَسْعُودٍ، وطَلْحَةُ، والأعْمَشُ: ”لانْخَسَفَ بِنا“، كَقَوْلِكَ: انْقَطَعَ بِنا، كَأنَّهُ فِعْلٌ مُطاوِعٌ، والمَقامُ مَقامُ الفاعِلِ هو (بِنا) . ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَصْدَرَ أيْ: لانْخَسَفَ الِانْخِسافُ، ومُطاوِعُ فَعَلَ لا يَتَعَدّى إلى مَفْعُولٍ بِهِ، فَلِذَلِكَ بُنِيَ (p-١٣٦)إمّا لِلْبِناءِ وإمّا لِلْمَصْدَرِ. وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أيْضًا: ”لَتُخُسِّفَ“، بِتاءٍ وشَدِّ السِّينِ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ.
{"ayahs_start":74,"ayahs":["وَیَوۡمَ یُنَادِیهِمۡ فَیَقُولُ أَیۡنَ شُرَكَاۤءِیَ ٱلَّذِینَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ","وَنَزَعۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةࣲ شَهِیدࣰا فَقُلۡنَا هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰنَكُمۡ فَعَلِمُوۤا۟ أَنَّ ٱلۡحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ","۞ إِنَّ قَـٰرُونَ كَانَ مِن قَوۡمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَیۡهِمۡۖ وَءَاتَیۡنَـٰهُ مِنَ ٱلۡكُنُوزِ مَاۤ إِنَّ مَفَاتِحَهُۥ لَتَنُوۤأُ بِٱلۡعُصۡبَةِ أُو۟لِی ٱلۡقُوَّةِ إِذۡ قَالَ لَهُۥ قَوۡمُهُۥ لَا تَفۡرَحۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡفَرِحِینَ","وَٱبۡتَغِ فِیمَاۤ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡـَٔاخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِیبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡیَاۖ وَأَحۡسِن كَمَاۤ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِی ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ","قَالَ إِنَّمَاۤ أُوتِیتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِیۤۚ أَوَلَمۡ یَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ قَدۡ أَهۡلَكَ مِن قَبۡلِهِۦ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مَنۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُ قُوَّةࣰ وَأَكۡثَرُ جَمۡعࣰاۚ وَلَا یُسۡـَٔلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ","فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِی زِینَتِهِۦۖ قَالَ ٱلَّذِینَ یُرِیدُونَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا یَـٰلَیۡتَ لَنَا مِثۡلَ مَاۤ أُوتِیَ قَـٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِیمࣲ","وَقَالَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ وَیۡلَكُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَیۡرࣱ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰاۚ وَلَا یُلَقَّىٰهَاۤ إِلَّا ٱلصَّـٰبِرُونَ","فَخَسَفۡنَا بِهِۦ وَبِدَارِهِ ٱلۡأَرۡضَ فَمَا كَانَ لَهُۥ مِن فِئَةࣲ یَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُنتَصِرِینَ","وَأَصۡبَحَ ٱلَّذِینَ تَمَنَّوۡا۟ مَكَانَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ یَقُولُونَ وَیۡكَأَنَّ ٱللَّهَ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَیَقۡدِرُۖ لَوۡلَاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَیۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ وَیۡكَأَنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ"],"ayah":"وَقَالَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ وَیۡلَكُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَیۡرࣱ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰاۚ وَلَا یُلَقَّىٰهَاۤ إِلَّا ٱلصَّـٰبِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق