الباحث القرآني

﴿وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾ أيْ بِأحْوالِ الدُّنْيا والآخِرَةِ كَما يَنْبَغِي ومِنهم يُوشَعُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وإنَّما لَمْ يُوصَفُوا بِإرادَةِ ثَوابِ الآخِرَةِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ العِلْمَ بِأحْوالِ النَّشْأتَيْنِ يَقْتَضِي الإعْراضَ عَنِ الأُولى والإقْبالَ عَلى الأُخْرى حَتْمًا، وأنَّ تَمَنِّيَ المُتَمَنِّينَ لَيْسَ إلّا لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِهِما كَما يَنْبَغِي. وقِيلَ: المُرادُ بِالعِلْمِ مَعْرِفَةُ الثَّوابِ والعِقابِ، وقِيلَ: مَعْرِفَةُ التَّوَكُّلِ، وقِيلَ: مَعْرِفَةُ الأخْبارِ، وما تَقَدَّمَ أوْلى ﴿ويْلَكُمْ﴾ دُعاءٌ بِالهَلاكِ بِحَسَبِ الأصْلِ ثُمَّ شاعَ اسْتِعْمالُهُ في الزَّجْرِ عَمّا لا يُرْتَضى، والمُرادُ بِهِ هُنا الزَّجْرُ عَنِ التَّمَنِّي وهو مَنصُوبٌ عَلى المَصْدَرِيَّةِ لِفِعْلٍ مِن مَعْناهُ ﴿ثَوابُ اللَّهِ﴾ في الآخِرَةِ ﴿خَيْرٌ﴾ مِمّا تَتَمَنَّوْنَهُ ﴿لِمَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا﴾ فَلا يَلِيقُ بِكم أنْ تَتَمَنَّوْهُ غَيْرَ مُكْتَفِينَ بِثَوابِهِ عَزَّ وجَلَّ، هَذا عَلى القَوْلِ بِأنَّ المُتَمَنِّينَ كانُوا مُؤْمِنِينَ أوْ فَآمِنُوا لِتَفُوزُوا بِثَوابِهِ تَعالى الَّذِي هو خَيْرٌ مِن ذَلِكَ، وتَقْدِيرُ المُفَضَّلِ عَلَيْهِ ما تَتَمَنَّوْهُ لِاقْتِضاءِ المَقامِ إيّاهُ، ويَجُوزُ أنْ يُقَدَّرَ عامًّا ويَدْخُلَ فِيهِ ما ذُكِرَ دُخُولًا أوَّلِيًّا أيْ خَيْرٌ مِنِ الدُّنْيا وما فِيها ﴿ولا يُلَقّاها﴾ أيْ هَذِهِ المَقالَةَ أوِ الكَلِمَةَ الَّتِي تَكَلَّمَ بِها العُلَماءُ، والمُرادُ بِها المَعْنى اللُّغَوِيُّ أوِ الثَّوابُ، والتَّأْنِيثُ بِاعْتِبارِ أنَّهُ بِمَعْنى المَثُوبَةِ أوِ الجَنَّةِ المَفْهُومَةِ مِنَ الثَّوابِ، وقِيلَ: الإيمانُ والعَمَلُ الصّالِحُ، والتَّأْنِيثُ والإفْرادُ بِاعْتِبارِ أنَّهُما بِمَعْنى السِّيرَةِ أوِ الطَّرِيقَةِ، ومَعْنى تَلَقِّيها إمّا فَهْمُها أوِ التَّوْفِيقُ لِلْعَمَلِ بِها ﴿إلا الصّابِرُونَ﴾ عَلى الطّاعاتِ وعَنِ المَعاصِي والشَّهَواتِ، ولَعَلَّ المُرادَ بِالصّابِرِينَ عَلى القَوْلِ الأخِيرِ في مَرْجِعِ الضَّمِيرِ المُتَّصِفُونَ بِالصَّبْرِ في عِلْمِ اللَّهِ تَعالى فَتَدَبَّرْ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب