الباحث القرآني

وقوله سبحانه: وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ... الآية: أخبر تعَالَى عَنْ الذين أوتوا العلم والمعرفةَ باللهِ وبِحَقِّ طاعتِه أَنَّهُمْ زَجَرُوا الأَغْمَارَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا حَالَ قَارُوْنَ وَحَمَلُوهُمْ عَلَى الطَّرِيقَةِ المُثْلَى مِنْ أَنَّ النَّظَرَ والتَّمَنِّي إنَّما يَنْبَغِى أنْ يَكونَ في أمورِ الآخرةِ، وأنَّ حالةَ المؤمنِ العاملِ الذي ينتظرُ ثوابَ اللهِ تعالى خيرٌ مِن حالِ كلِّ ذِي دُنيا. ثم أخبر تعالى عن هذه النَّزْعَةِ وهذه القوَّةِ في الخير والدينِ أَنَّها [[في ج: أنهما.]] لاَ يُلَقَّاها أي: لا يُمَكَّنُ فيها ويُخَوَّلُها إلا الصَّابِرُ عَلى طَاعَةِ الله وعن شهواتِ نفسه وهذا هو جماع الخير كله. وقال الطبري [[ينظر: «الطبريّ» (10/ 109) .]] : الضمير عائد على الكلمة وهي قوله: ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً، أي: لا يُلَقَّنُ هذه الكلمة إلا الصابرون وعنهم تصدر، ورُوِيَ في الخسف بقارونَ ودارِه أن موسى عليه السلام لما أمَضَّه فعلُ قارونَ به وتعدّيه عليه استجارَ بالله تعالى وطلب النصرة فأوحى الله إليه، أَني قد أمرتُ الأرض أَنْ تطيعكَ في قارونَ وأتباعه، فقال موسى: يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الركب، فاستغاثوا: يا موسى يا 60 ب موسى فقال: خذيهم، فأخذتهم شيئاً فشيئاً إلى أن تم الخسفُ بهم/، فأوحى الله إليه: يا موسى لَوْ بِيَ استغاثوا وإليَّ تابوا لرحمتِهُم. قال قتادةُ وغيره: رُوِيَ أَنه يخسفُ به كل يوم قامةً فهو يتجلجل إلى يوم [[أخرجه الطبريّ (10/ 112) رقم (27644) ، وذكره البغوي (3/ 457) ، وابن عطية (4/ 301) ، وابن كثير (3/ 401) ، والسيوطي (5/ 457) .]] القيامة. ت: وفي الترمذي عن معاذ بن أنس الجهنيّ، أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ تَرَكَ اللَّبَاسَ تَوَاضُعاً لِلَّهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، دَعَاهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ على رُؤُوسِ الخَلاَئِقِ حتى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا» [[أخرجه الترمذيّ (4/ 650) كتاب صفة القيامة باب (39) حديث (2481) ، وأحمد (3/ 439) ، والحاكم (4/ 183) ، وأبو نعيم في «الحلية» (8/ 84) من طريق أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه مرفوعا. وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن. وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.]] . وروى الترمذيُّ عن عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: كان لنا قِرَامُ سِتْرٍ فيه تماثيلُ على بابي فرآه رسول الله ﷺ فقال: «انْزَعِيهِ فَإنَّهُ يُذَكِّرُنِي الدُّنْيَا» [[أخرجه الترمذيّ (4/ 643- 644) كتاب صفة القيامة: باب (32) حديث (2468) ، والنسائي (8/ 213) . كتاب الزينة: باب التصاوير، وأحمد (6/ 226) ، والبيهقي (7/ 267) من طريق سعد بن هشام عن عائشة. وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.]] ، الحديثَ وروى الترمذيّ عن كعب بن عياض قال: سمعت النبيّ ﷺ يقول: «إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي: المَالُ» [[أخرجه الترمذيّ (4/ 569) كتاب الزهد: باب ما جاء أن فتنة هذه الأمة في المال، حديث (2336) ، والبخاري في «التاريخ الكبير» (7/ 222) ، وأحمد (4/ 160) ، والحاكم (4/ 318) ، وابن حبان (2470- موارد) ، والطبراني في «الكبير» (19/ 179) رقم (404) ، والقضاعي في «مسند الشهاب» (2/ 124) رقم (1022) من حديث كعب بن عياض وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وصححه ابن حبان.]] قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وفيه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «لَيْسَ لاِبْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سوى هذه الْخِصَالِ: بَيْتٍ يَسْكُنُهُ، وَثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ، وجلف الْخَبَزِ والمَاءِ» [[أخرجه الترمذيّ (4/ 571- 572) كتاب الزهد: باب (30) حديث (2341) من طريق حريث بن السائب، قال: سمعت الحسن يقول: حدثني حمران بن أبان عن عثمان بن عفان به. وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم (4/ 312) ووافقه الذهبي.]] . قال النضر بن شميلٍ: «جِلْفُ الخبز» يعني: ليس معه إدام. انتهى. فهذه الأحاديث وأشباهها تزهِّد في زينةِ الدنيا وغضارة [[الغضارة: النعمة والسعة في العيش. ينظر: «لسان العرب» (3264) .]] عيشها الفاني. وقوله: وَيْكَأَنَّ مذهبُ الخليلِ وسيبويه: أن «وي» حرف تنبيه منفصلة من (كأن) ، لكنْ أُضيفت لكثرة الاستعمال. وقال أبو حاتم وجماعة: ويْكَ: هي (وَيْلَكَ) حذفتِ اللامُ منها لكثرةِ الاستعمال. وقالت فرقة: «ويكأن» بجملتها كلمة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب