الباحث القرآني

قال تعالى: ﴿والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ۝إلاَّ عَلى أزْواجِهِمْ أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ۝فَمَنِ ابْتَغى وراءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العادُونَ ۝﴾ [المؤمنون: ٥ ـ ٧]. في هذه الآيةِ: وجوبُ حِفْظِ الفَرْجِ مِن جميعِ الفواحشِ، وصيانتِهِ مِن الحرامِ، وهذا مِن أخَصِّ أوصافِ المؤمِنينَ، واستثنى اللهُ مِن حِفْظِ الفَرْجِ: الزوجاتِ وما ملَكَتِ الأَيْمانُ، فرفَعَ اللهُ اللومَ في ذلك ولو استكثَروا، فإنّ اللهَ لم يُحرِّمْ حرامًا إلاَّ وفي الحلالِ غُنْيَةٌ عنه. حُكْمُ الاستمناءِ: وبهذه الآيةِ استدَلَّ مالكٌ على منعِ الاستمناءِ، وتُسمِّيهِ العربُ: جَلْدَ عُمَيْرَةَ، وهي التي تُسمّى في اصطلاحِ أهلِ الاجتماعِ اليومَ بالعادةِ السِّرِّيَّةِ، وسُمِّيَتْ بذلك لقُبْحِها، لأنّ مَن فعَلَها يعتادُها ويستتِرُ بها عن الخَلْقِ حتى عن زوجِهِ وما مَلَكَتْ يمينُهُ، لأنّه مِن الفِعْلِ المكروهِ الذي يَحِيكُ في النَّفْسِ، وقد قال حَرْمَلةُ بنُ عبدِ العزيزِ: سألتُ مالكًا عن الرجُلِ يَجْلِدُ عُمَيْرَةَ؟ فتلا هذه الآيةَ: ﴿والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ۝إلاَّ عَلى أزْواجِهِمْ أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ۝فَمَنِ ابْتَغى وراءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العادُونَ ۝﴾ [[«تفسير القرطبي» (١٥ /١١).]]. ولا يختلِفُ العلماءُ على أنّ مَن خَشِيَ على نفسِهِ الزِّنى، لقُرْبِهِ منه، وانفتاحِ أبوابِهِ عليه: أنّ ذلك الفعلَ لا يحرُمُ عليه، وكذلك فإنّه يُباحُ فعلُهُ ببدَنِ الزوجةِ، ومنهم مَن حكى الاتِّفاقَ على هذا، وقد كَرِهَ فِعْلَهُ بها بعضُ الفقهاءِ مِن الشافعيَّةِ والحنفيَّةِ. وأمّا أصلُ الفعلِ، فقد اختُلِفَ فيه على قولَيْنِ، وهما روايتانِ في مذهبِ أحمدَ. وجماهيرُ العلماءِ على المنعِ منه، ومنهم مَن نصَّ على تحريمِه، وهو الأظهَرُ، لأنّه يُزهِّدُ في النكاحِ المشروعِ، ويَدفعُ صاحِبَهُ في كثيرٍ مِن الأحيانِ إلى الحرامِ ويُرغِّبُهُ فيه أكثَرَ مِن صَرْفِهِ عنه، ويذكُرُ أهلُ الطبِّ ضرَرَهُ على فاعلِهِ في بَدَنِهِ ونَفْسِه. والأحاديثُ الواردةُ في الاستمناءِ لا يصحُّ منها شيءٌ، وقد كَرِهَهُ عطاءٌ، وقال: «مكروهٌ، سمِعتُ أنّ قومًا يُحشَرونَ وأيدِيهِم حُبالى، فأظُنُّ أنّهم هؤلاءِ»[[«تفسير البغوي» (٥ /٤١٠).]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب