الباحث القرآني

﴿والَّذِينَ هم لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ﴾ مُمْسِكُونَ لَها، فالِاسْتِثْناءُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إلا عَلى أزْواجِهِمْ﴾ مِن نَفْيِ الإرْسالِ الَّذِي يُنْبِئُ عَنْهُ الحِفْظُ، أيْ: لا يُرْسِلُونَها عَلى أحَدٍ إلّا عَلى أزْواجِهِمْ، وفِيهِ إيذانٌ بِأنَّ قُوَّتَهُمُ الشَّهَوَيَّةِ داعِيَةٌ لَهم إلى ما لا يَخْفى وأنَّهم حافِظُونَ لَها مِنِ اسْتِيفاءِ مُقْتَضاها، وبِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ كَمالُ العِفَّةِ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ "عَلى" بِمَعْنى "مِن" وإلَيْهِ ذَهَبَ الفَرّاءُ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذا اكْتالُوا عَلى النّاسِ﴾ . أيْ: حافِظُونَ لَها مِن كُلِّ أحَدٍ إلّا مِن أزْواجِهِمْ، وقِيلَ: هي مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن ضَمِيرِ "حافِظُونَ"، أيْ: حافِظُونَ لَها في جَمِيعِ الأحْوالِ إلّا حالَ كَوْنِهِمْ والِينَ أوْ قَوّامِينَ عَلى أزْواجِهِمْ، وقِيلَ: بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ﴿غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ كَأنَّهُ قِيلَ: يُلامُونَ عَلى كُلِّ مُباشِرٍ إلّا عَلى ما أُطْلِقَ لَهم فَإنَّهم غَيْرُ مَلُومِينَ، وحَمْلُ الحِفْظِ عَلى القَصْرِ عَلَيْهِنَّ لَيَكُونَ المَعْنى: حافِظُونَ فُرُوجَهم عَلى الأزْواجِ لا يَتَعَدّاهُنَّ، ثُمَّ يُقالُ: غَيْرُ حافِظِينَ إلّا عَلَيْهِنَّ تَأْكِيدًا عَلى تَأْكِيدِ تَكَلُّفٍ عَلى تَكَلُّفٍ. ﴿أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُمْ﴾ أيْ: سَرارِيهِمْ، عَبَّرَ عَنْهُنَّ بِـ "ما" إجْراءً لَهُنَّ لِمَمْلُوكِيَّتِهِنَّ مُجْرى غَيْرِ العُقَلاءِ أوْ لِأُنُوثَتِهِنَّ المُنْبِئَةِ عَنِ المَقْصُودِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنَّهم غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ تَعْلِيلٌ لِما يُفِيدُهُ الِاسْتِثْناءُ مِن عَدَمِ حِفْظِ فُرُوجِهِمْ مِنهُنَّ، أيْ: فَإنَّهم غَيْرُ مَلُومِينَ عَلى عَدَمِ حِفْظِها مِنهُنَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب