الباحث القرآني

﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ الْفَرْجُ: اسْمٌ يَجْمَعُ سَوْأَةَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَحِفْظُ الْفَرْجِ: التَّعَفُّفُ عَنِ الْحَرَامِ. ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ﴾ أَيْ: مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَ"عَلَى" بِمَعْنَى "مِنْ". ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ ﴿مَا﴾ فِي مَحَلِّ الْخَفْضِ، يَعْنِي أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ، وَالْآيَةُ فِي الرِّجَالِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: "أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ" وَالْمَرْأَةُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَسْتَمْتِعَ بِفَرْجِ مَمْلُوكِهَا. ﴿فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ يَعْنِي يَحْفَظُ فَرْجَهُ إِلَّا مِنَ امْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُلَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَا يُلَامُ فِيهِمَا إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ أَذِنَ فِيهِ الشَّرْعُ دُونَ الْإِتْيَانِ فِي غَيْرِ الْمَأْتَى، وَفِي حَالِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، فَإِنَّهُ مَحْظُورٌ وَهُوَ عَلَى فِعْلِهِ مَلُومٌ. ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾ أَيِ: الْتَمَسَ وَطَلَبَ سِوَى الْأَزْوَاجِ وَالْوَلَائِدِ الْمَمْلُوكَةِ، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ الظَّالِمُونَ الْمُتَجَاوِزُونَ مِنَ الْحَلَالِ إلى الحرام ٣٠/ب وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِمْنَاءَ بِالْيَدِ حَرَامٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنْهُ فَقَالَ: مَكْرُوهٌ، سَمِعْتُ أَنَّ قَوْمًا يُحْشَرُونَ وَأَيْدِيهُمْ حُبَالَى فَأَظُنُّ أَنَّهُمْ هَؤُلَاءِ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: عَذَّبَ اللَّهُ أُمَّةً كَانُوا يَعْبَثُونَ بِمَذَاكِيرِهِمْ. ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ "لِأَمَانَتِهِمْ" عَلَى التَّوْحِيدِ هَاهُنَا وَفِي سُورَةِ الْمَعَارِجِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَهْدِهِمْ﴾ وَالْبَاقُونَ بِالْجَمْعِ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء: ٥٧] ، ﴿وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ حَافِظُونَ، أَيْ: يَحْفَظُونَ مَا ائْتُمِنُوا عَلَيْهِ، وَالْعُقُودُ الَّتِي عَاقَدُوا النَّاسَ عَلَيْهَا، يَقُومُونَ بِالْوَفَاءِ بِهَا، وَالْأَمَانَاتُ تَخْتَلِفُ فَتَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ الْعَبْدِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْعِبَادَاتِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، وَتَكُونُ بَيْنَ الْعَبِيدِ كَالْوَدَائِعِ وَالصَّنَائِعِ فَعَلَى الْعَبْدِ الْوَفَاءُ بِجَمِيعِهَا. ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ "صَلَاتِهِمْ" عَلَى التَّوْحِيدِ، وَالْآخَرُونَ صَلَوَاتِهِمْ عَلَى الْجَمْعِ. ﴿يُحَافِظُونَ﴾ أَيْ: يُدَاوِمُونَ عَلَى حِفْظِهَا وَيُرَاعُونَ أَوْقَاتَهَا، كَرَّرَ ذِكْرَ الصَّلَاةِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا وَاجِبَةٌ كَمَا أَنَّ الْخُشُوعَ فِيهَا وَاجِبٌ. ﴿أُولَئِكَ﴾ أَهْلُ هَذِهِ الصِّفَةِ، ﴿هُمُ الْوَارِثُونَ﴾ يَرِثُونَ مَنَازِلَ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْجَنَّةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإِنْ مَاتَ وَدَخَلَ النَّارَ وِرْثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ" [[أخرجه ابن ماجه في الزهد، باب: صفة الجنة: ٢ / ١٤٥٣ برقم (٤٣٤١) وقال: في الزوائد، هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.]] وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ﴾ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَبْنِي مَنْزِلَهُ الَّذِي لَهُ فِي الْجَنَّةِ وَيَهْدِمُ مَنْزِلَهُ الَّذِي لَهُ فِي النَّارِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَهْدِمُ مَنْزِلَهُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ وَيَبْنِي مَنْزِلَهُ الَّذِي فِي النَّارِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى الْوِرَاثَةِ هُوَ أَنَّهُ يَئُولُ أَمْرُهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَنَالُونَهَا، كَمَا يَئُولُ أَمْرُ الْمِيرَاثِ إِلَى الْوَارِثِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب