الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: ٢٠٨].
ذكَرَ اللهُ صفاتِ الناسِ ومَراتِبَهم، منهم: مَن يُريدُ الدُّنْيا، ومنهم: مَن يُرِيدُ حَسَنةَ الدُّنْيا والآخِرةِ، ومنهم: مَن يَشْرِي نفسَهُ ابتغاءَ مَرْضاةِ اللهِ، ومنهم: مَن يُضمِرُ الشَّرَّ للناسِ والإفسادَ لهم، ويُقسِمُ على خلافِ ذلك، ثمَّ خاطَبَ اللهُ بندائِهِ أهلَ الإيمانِ أنْ يدخُلُوا في السِّلْمِ كافَّةً، والسِّلْمُ: بكسرِ السينِ وفتحِها، مع سكونِ اللامِ، قرَأَ نافعٌ وابنُ كَثِيرٍ والكِسائيُّ وأبو جعفرٍ: بفتحِ السينِ، والباقونَ مِن العشرةِ: يَقرؤونَها بكسرِ السينِ، وهو مشتقٌّ مِن السَّلامةِ، وهو الاستسلامُ والانقيادُ لِما أُمِرَ به الإنسانُ أو ألْزَمَ به نفسَهُ.
و«السِّلْمُ» في كلامِ المفسِّرينَ مِن السلفِ والخلفِ محمولٌ على مَعانٍ، جِماعُها مَعْنَيانِ:
أوَّلُهما: الاستسلامُ للهِ والانقيادُ له، بالدخولِ في دِينِهِ وامتثالِ أمرِهِ ونهيِهِ:
ويُطلَقُ السِّلْمُ في كلامِ العربِ، ويرادُ به: الانقيادُ لله والاستسلامُ له بدين الإسلام، قال امْرُؤُ القَيْسِ بنُ عابسٍ الكِنْدِيُّ، حينَما ارتَدَّ قومُهُ عن الإسلامِ:
دَعَوْتُ عَشِيرَتِي لِلسِّلْمِ لَمّا
رَأَيْتُهُمُ تَوَلَّوْا مُدْبِرِينا
فَلَسْتُ مُبَدِّلًا بِاللَّهِ رَبًّا
ولا مُسْتَبْدِلًا بِالسِّلْمِ دِينا
وهذا الذي عليه المفسِّرونَ مِن السلفِ، رواهُ ابنُ جريرٍ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: «السِّلْمُ: الإسلامُ»[[«تفسير الطبري» (٣/٥٩٥).]].
ورواهُ العَوْفِيُّ عن ابنِ عباسٍ.
وجاء عن قتادةَ والسُّدِّيِّ والضحّاكِ والربيعِ[[«تفسير الطبري» (٣/٥٩٥ ـ ٥٩٦)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٢/٣٧٠).]].
وروى ابنُ جريرٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن عِكْرِمةَ، قولَهُ: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً﴾، قال: نزَلَتْ في ثَعْلَبةَ، وعبدِ اللهِ بنِ سَلامٍ، وابنِ يامِينَ، وأَسَدٍ وأُسَيْدٍ ابنَيْ كعبٍ، وسَعْيَةَ بنِ عمرٍو، وقيسِ بنِ زَيْدٍ ـ كلُّهم مِن يَهُودَ ـ قالوا: يا رَسُولَ اللهِ، يومُ السبتِ يومٌ كُنّا نُعَظِّمُهُ، فَدَعْنا فَلْنُسْبِتْ فيه! وإنّ التَّوْراةَ كتابُ اللهِ، فدَعْنا فلْنَقُمْ بها بالليلِ! فنزَلَتْ: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ﴾ [[«تفسير الطبري» (٣/٥٩٩ ـ ٦٠٠).]].
وهذا المعنى في الآيةِ هو كمعنى الآياتِ الدالَّةِ على وجوبِ دخولِ الناسِ في الإسلامِ وحدَهُ لا سواهُ، كقولِهِ تعالى: ﴿ومَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنهُ﴾ [آل عمران: ٨٥]، وقولِ اللهِ تعالى: ﴿وما أرْسَلْناكَ إلاَّ كافَّةً لِلنّاسِ بَشِيرًا ونَذِيرًا﴾ [سبأ: ٢٨]، وما في البخاريِّ، قال النبيُّ ﷺ: (وكانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى النّاسِ كافَّةً، وأُعْطِيتُ الشَّفاعَةَ) [[أخرجه البخاري (٤٣٨) (١/٩٥).]].
وما في «صحيحِ مسلمٍ»، عن أبي هريرةَ، عن رسولِ اللهِ ﷺ، قال: (والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أحَدٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ، يَهُودِيٌّ ولا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِن بِالذي أُرْسِلْتُ بِهِ، إلاَّ كانَ مِن أصْحابِ النّارِ) [[أخرجه مسلم (١٥٣) (١/١٣٤).]].
ومعنى الآيةِ هذا: هو الصحيحُ، والذي عليه المفسِّرونَ مِن السلفِ، وهو الأرجحُ.
وأمّا قولُه في الخِطابِ: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا﴾، فالمرادُ: مَن آمَنَ بمَن قبلَهُ مِن إخوانِهِ وآبائِهِ الأنبياءِ.
وقيلَ: أُرِيدَ بالذين آمَنُوا الذين أظهَرُوا الإيمانَ نفاقًا، وذلك لأنّ الآيةَ جاءت بعدَ قولِهِ: ﴿ومِنَ النّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَياةِ الدُّنْيا﴾ [البقرة: ٢٠٤]، وهم مُنافِقونَ، وهو نوعُ تهكُّمٍ بإيمانِهِمُ الظاهرِ الذي يكذِّبُونَ به باطنًا، كما في قولِهِ: ﴿وقالُوا ياأَيُّها الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾ [الحجر: ٦]، وهذا تهكُّمٌ باطلٌ مِن المشرِكِينَ بنبيِّ اللهِ ﷺ.
ثانيهما: السِّلْمُ بمعنى تركِ الحربِ والقتالِ، قال زُهَيْرُ بنُ أبي سُلْمى:
وقَدْ قُلْتُما إنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ واسِعًا
بِمالٍ ومَعْرُوفٍ مِنَ الأَمْرِ نَسْلَمِ
الفرقُ بين السَّلْمِ والسِّلْمِ:
وفرَّقَ بعضُهم بينَ السَّلْمِ بفتحِ السينِ، والسِّلْمِ بكسرِها، وهو قولُ أبي عمرِو بنِ العلاءِ، فجعَلَ السِّلْمَ بكسرِ السينِ: الإسلامَ، والسَّلْمَ بالفتحِ: المسالَمةَ، ولذلك قرَأَ الآيةَ في هذا الموضعِ بكسرِ السينِ: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ﴾ فقطْ، وقرَأَ التي في سورةِ الأنفالِ، والتي في سورةِ محمدٍ ﷺ: بفتحِ السينِ، وفتحُ السينِ عندَهُ مِن السلامةِ، وهي تركُ الحربِ.
والمعنيانِ في الإسلامِ صحيحانِ، ولكنْ في هذه الآيةِ: فالأولُ هو الصحيحُ، وذلك أنّ اللهَ لم يأمُرِ النبيَّ ﷺ في موضعٍ بالدخولِ في المسالَمَةِ مع كلِّ أحدٍ بإطلاقٍ، لأنّ الأمرَ بالمسالَمَةِ بإطلاقٍ بلا تفريقٍ بينَ قوةٍ وضعفٍ، ومصلحةٍ ومفسدةٍ: يقتضي المحافظةَ على نِدِّيَّةِ الكفرِ للإسلامِ، وتساوِي الهيمنةِ بينَهما، وهذا يُخالِفُ الأصولَ والمقصدَ مِن دعوةِ التوحيدِ وأحكامِ الدِّينِ وحدودِه وفريضةِ الجهادِ.
ولذا قال ابنُ جَرِيرٍ: «أمّا دُعاؤُهُمْ إلى الصُّلْحِ ابتداءً، فغيرُ موجودٍ في القرآنِ»[[«تفسير الطبري» (٣/٥٩٨).]].
وقد نُهِيَ النبيُّ ﷺ عن الدعوةِ إلى الصلحِ في بعضِ الأحوالِ، وذلك في قولِهِ تعالى: ﴿فَلا تَهِنُوا وتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ واللَّهُ مَعَكُمْ﴾ [محمد: ٣٥]، وهذا يُنافي إطلاقَ الآيةِ في قولِه: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً﴾.
وحَمْلُ الآيةِ على معنى المصالَحةِ والمسالَمةِ في الحربِ: لا أعلمُ مَن قالَهُ مِن الصحابةِ والتابعينَ، وإنّما هو قولٌ لبعضِ مَن جاء بعدَهم، فقد أشارَ إليه ابن جريرٍ، ولم يَنْسُبْهُ إلى أحدٍ، وقال به بعضُ المتأخِّرين.
مهادنةُ العدوِّ ومسالَمَتُهُ:
وعلى هذا المعنى ـ لو صَحَّ ـ: فليس المرادُ به الإطلاقَ قطعًا، فقد كان بينَ المؤمِنِينَ والمشرِكِينَ عهدُ سلامٍ في الحُدَيْبِيَةِ، واللهُ أمَرَ بقتالِهم عندَ عدمِ وفائِهم وعندَ نَقْضِهم للعهدِ وتربُّصِهم بالمؤمنينَ، ولكنْ لمّا دخَلَ المؤمنونَ مكةَ مُعتَمِرِينَ، بَقِيَ عهدُ الحُدَيْبِيَةِ على ما هو عليه، فوجَبَ على المؤمِنِينَ الالتزامُ به والدخولُ فيه كافَّةً عامَّتُهم وخاصَّتُهم، لأنّهم يدٌ واحدةٌ على مَن سِواهُم.
وعلى هذا المعنى أيضًا ـ«السلمُ»، أيِ: المسالَمَةُ ـ: ففي الأمرِ بالعهدِ للجميعِ خاصَّةً وعامَّةً: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً﴾، أيْ: كلُّ مؤمنٍ ـ دليلٌ على أنّ العهدَ يُنقَضُ ولو مِن فئةٍ قليلةٍ مِن الطرَفَيْنِ ولو لم يَقَعْ مِن جميعِهم، ويَقَعُ مِن الواحدِ منهم النقضُ لو سكَتَ الباقونَ، أو ظهَرَ ما يبدو معه رضاهُمْ عليه أو إعانتُهُمْ له، أو نقَضَ وهو بين ظَهْرانَيْهِمْ وترَكُوهُ وآوَوْهُ أو مدَحُوهُ أو لم يُعاقِبُوهُ مع القُدْرةِ على ذلك.
تلازُمُ عهدُ الحليف يُلزِمُ جميعَ حلفائه:
وإذا انتقَضَ عهدُ جماعةٍ، انتقَضَ عهدُ حُلَفائِهم، إنْ لم يكن للحلفاءِ عهدٌ خاصٌّ لم ينقُضُوهُ، فقد ثبَتَ في «الصحيحِ»، عن عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ، قال: «كانت ثَقِيفُ حُلَفاءَ لِبَنِي عُقَيْلٍ، فَأَسَرَتْ ثَقِيف رَجُلَيْنِ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وأَسَرَ أصْحابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجُلًا مِن بَنِي عُقَيْلٍ، وأَصابُوا مَعَهُ العَضْباءَ، فَأَتى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وهُوَ فِي الوَثاقِ، قالَ: يا مُحَمَّدُ! فَأَتاهُ فَقالَ: (ما شَأْنُكَ؟)، فَقالَ: بِمَ أخَذْتَنِي وبِمَ أخَذْتَ سابِقَةَ الحاجِّ؟ فَقالَ إعْظامًا لِذلك: (أخَذْتُكَ بِجريرَةِ حُلَفائِكَ ثَقِيف)، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَناداهُ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ يا مُحَمَّدُ! وكانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَحِيمًا رَقِيقًا، فَرَجَعَ إلَيْهِ فَقالَ: (ما شَأْنُكَ؟)، قالَ: إنِّي مُسْلِمٌ، قالَ: (لَوْ قُلْتَها وأَنْتَ تَمْلِكُ أمْرَكَ، أفْلَحْتَ كُلَّ الفَلاحِ)، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَناداهُ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، يا مُحَمَّدُ...»، الحديثَ[[أخرجه مسلم (١٦٤١) (٣/١٢٦٢).]].
وأَكَّدَ اللهُ لزومَ الوفاءِ بالعهدِ والسلمِ بقولِه: ﴿ادْخُلُوا﴾، لأنّ الدخولَ انغماسٌ داخلَ الشيءِ، لا مجاوَرَةٌ له.
أحوالُ طلبِ المسالَمَةِ:
وطلبُ السلامِ بينَ المؤمنينَ والمشرِكِينَ على حالتَيْنِ:
الحالةُ الأُولى: في حالِ ضعفِ المؤمنينَ وقِلَّتِهم، وقوةِ الكافرينَ قوةً ظاهرةً غالبةً، فهُنا: يَجْنَحُ المؤمنونَ للسَّلْمِ.
قال تعالى: ﴿وإنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فاجْنَحْ لَها﴾ [الأنفال: ٦١]، وكما في قولِه: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً﴾ على التفسيرِ المتأخِّرِ لها، فهم سالَمُوا المشرِكِينَ لمصلحةِ دخولِهم المسجدَ الحرامَ، لا سلمًا يدفَعُونَ به شَرًّا عامًّا، ولكنْ لمّا أرادَ المسلِمُونَ القُرْبَ مِن دارِهم وقرارِهِمْ، ودخولَ بلدِهِمْ مكةَ، كانتِ المصلحةُ قائمةً بالمسالَمةِ، لِيَضْمَنُوا سلامةَ أنفُسِهم.
ولم يأمُرِ اللهُ نبيَّهُ أنْ يطلُبَ المشرِكِينَ إلى المسالَمَةِ ابتداءً، لأنّ طلَبَها نوعُ ضعفٍ، ويُورِثُ المسلِمِينَ ركونًا ودَعَةً وخِذْلانًا، وهذه الآيةُ على ضَعْفِ كونِها في سلمِ الحربِ، فهي وقعَتِ ابتداءً مِن المشرِكِينَ في الحُدَيْبِيَةِ.
وبقاءُ المسلِمِينَ في حالةِ حربٍ مع عدوِّهم يجعلُهُمْ يُعِدُّونَ العُدَّةَ ويتقوَّوْنَ ويتهيَّبونَ عدوَّهم ويرقُبُونَ منه سُوءًا، وهذا يَزيدُ مِن لُحْمَتِهم في داخِلِهم وتآلُفِهم على دِينِهم، فوجودُ العدوِّ الخارجيِّ يحصِّنُ الأُمَّةَ مِن داخِلِها، وإنْ عُطِّلَ الجهادُ، انشغَلَ المسلِمُونَ فيما بينَهم بالخلافِ على الجزئيّاتِ، واقتَتَلُوا على التفاهاتِ.
ولأنّ إطالةَ السلمِ يعني شِدَّةَ المخالَطةِ للمشرِكِينَ ودوامَها، فتذوبُ الفِطَرُ، ويُعجَبُ المؤمِنُ بالكافرِ، ويجسُرُ المسلِمُونَ على مساكَنَةِ المشرِكِينَ في بُلْدانِهم، وتظهَرُ الرِّدَّةُ ويظهرُ النِّفاقُ، وفي كلِّ زمنٍ يغيبُ فيه الجهادُ يضعُفُ الإيمانُ، وتظهرُ الردةُ، ويكثُرُ الوهنُ والاختلافُ في الفروعِ والجزئيّاتِ، لأنّ الإنسانَ جُبِلَ على الجدالِ والمنازَعةِ، ﴿وكانَ الإنْسانُ أكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴾ [الكهف: ٥٤]، فإذا غاب الجَدَلُ في الأصولِ، انشغَلُوا بما دُونَهُ.
والحالةُ الثانيةُ: في حالِ قوةِ المؤمنينَ قوةً تمكِّنُهُمْ مِن تحصينِ أنفسِهِمْ ومدافَعَةِ المشرِكِينَ وصَدِّهم ولو لم يَغلِبُوهم، فهذا سلمٌ لا يجوزُ، قال تعالى: ﴿فَلا تَهِنُوا وتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ واللَّهُ مَعَكُمْ﴾ [محمد: ٣٥].
وحذَّر اللهُ مِن مخالَفَةِ أمرِهِ، وأنّ كلَّ خطواتٍ تخالِفُ دِينَهُ، فهي مِن مسالِكِ الشيطانِ ومَدارِجِهِ، وسمّاها اللهُ: خُطُواتٍ، لأنّ الشيطانَ يتدرَّجُ بِخُطاهُ في الإغواءِ فلا يَجْرِي ولا يُسرِعُ بل بخُطًا بطيئةٍ، ولذا قال: ﴿خُطُواتِ﴾، تقليلًا لها، لأنّ خُطا إبليسَ منفِّرةٌ ومخالِفةٌ للفِطْرةِ، فتحتاجُ إلى تدرُّجٍ وإيناسٍ كإيناسِ الخائفِ النافِرِ بإدخالِهِ إلى ما يَخافُهُ، وكخُطا الداخِلِ مِن الظُّلْمَةِ إلى النورِ فيتدرَّجُ بالدخولِ، ولا يَعْجَلُ حتى يأنَسَ بنفسِهِ.
واللهُ وصَفَ الشيطانَ بالعداوةِ للإنسانِ، والعداوةُ للإنسانِ على مَراتِبَ، أعلاها وأَبْيَنُها وضوحًا العداوةُ التي لا ينتفِعُ منها المعتدِي، وإنّما يفعلُها كيدًا ومَكْرًا بالعدوِّ، وهذه عداوةُ إبليسَ، فليس له انتفاعٌ مِن عداوةِ الإنسانِ، ولذا وصَفَ اللهُ عداوتَهُ بالمُبِينةِ: ﴿إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾.
وقد تقدَّم الكلامُ على عداوةِ إبليسَ عند قولِهِ تعالى: ﴿ياأَيُّها النّاسُ كُلُوا مِمّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: ١٦٨].
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱدۡخُلُوا۟ فِی ٱلسِّلۡمِ كَاۤفَّةࣰ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَ ٰتِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق