الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا في السِّلْمِ كافَّةً﴾، ”كافَّةً“، بِمَعْنى الجَمْعِ والإحاطَةِ، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْناهُ: ”اُدْخُلُوا جَمِيعًا“، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْناهُ: ”اُدْخُلُوا في السِّلْمِ كُلِّهِ“، أيْ: في جَمِيعِ شَرائِعِهِ، ويُقالُ: ”اَلسِّلْمُ“، و”اَلسَّلْمُ“، جَمِيعًا، ويُعْنى بِهِ الإسْلامُ، والصُّلْحُ، وفِيهِ ثَلاثُ لُغاتٍ: يُقالُ: ”اَلسِّلْمُ“، و”اَلسَّلَمُ“، و”اَلسَّلْمُ“، وقَدْ قُرِئَ بِهِ: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَن ألْقى إلَيْكُمُ السَّلامَ﴾ [النساء: ٩٤]، ومَعْنى ”كافَّةً“، في اشْتِقاقِ اللُّغَةِ: ما يَكُفُّ الشَّيْءَ مِن آخِرِهِ، مِن ذَلِكَ ”كُفَّةُ القَمِيصِ“، يُقالُ لِحاشِيَةِ القَمِيصِ: ”كُفَّةٌ“، وكُلُّ مُسْتَطِيلٍ فَحَرْفُهُ ”كُفَّةٌ“، ويُقالُ في كُلِّ مُسْتَدِيرٍ: ”كِفَّةٌ“، وذَلِكَ نَحْوَ: ”كِفَّةُ المِيزانِ“، ويُقالُ: إنَّما سُمِّيَتْ ”كُفَّةُ الثَّوْبِ“، لِأنَّها تَمْنَعُهُ أنْ يَنْتَشِرَ، وأصْلُ ”اَلْكَفُّ“: اَلْمَنعُ، ومِن هَذا قِيلَ لِطَرْفِ اليَدِ ”كَفٌّ“، لِأنَّها يُكَفُّ بِها عَنْ سائِرِ البَدَنِ، وهي الرّاحَةُ، مَعَ الأصابِعِ، ومِن هَذا قِيلَ: ”رَجُلٌ مَكْفُوفٌ“، أيْ: قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ مِن أنْ يَنْظُرَ، فَمَعْنى الآيَةِ: اُبْلُغُوا في الإسْلامِ إلى حَيْثُ تَنْتَهِي شَرائِعُهُ، فَكُفُّوا مِن أنْ تَعْدُوا شَرائِعَهُ، أوْ: اُدْخُلُوا كُلُّكم حَتّى يُكَفَّ عَنْ عَدَدٍ وأحَدٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ، وقِيلَ في مَعْنى الآيَةِ أنَّ قَوْمًا مِنَ اليَهُودِ أسْلَمُوا، فَأقامُوا عَلى تَحْرِيمِ السَّبْتَ، وتَحْرِيمِ أكْلِ لُحُومِ الإبِلِ، فَأمَرَهُمُ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنْ يَدْخُلُوا في جَمِيعِ شَرائِعِ الإسْلامِ، وقالَ بَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ: جائِزٌ أنْ يَكُونَ أمَرَهم - وهم مُؤْمِنُونَ - أنْ يَدْخُلُوا في الإيمانِ، أيْ: بِأنْ يُقِيمُوا عَلى الإيمانِ، ويَكُونُوا فِيما يَسْتَقْبِلُونَ عَلَيْهِ، كَما قالَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ والكِتابِ الَّذِي نَـزَّلَ عَلى رَسُولِهِ والكِتابِ الَّذِي أنْـزَلَ مِن قَبْلُ﴾ [النساء: ١٣٦]، وكِلا القَوْلَيْنِ (p-٢٨٠)جائِزٌ، لِأنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ -، قَدْ أمَرَ بِالإقامَةِ عَلى الإسْلامِ، فَقالَ: ﴿وَلا تَمُوتُنَّ إلا وأنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢] وقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ﴾، أيْ: لا تَقْتَفُوا آثارَهُ، لِأنَّ تَرْكَكم شَيْئًا مِن شَرائِعِ الإسْلامِ اتِّباعٌ لِلشَّيْطانِ، ”خُطُواتٌ“: جَمْعُ ”خُطْوَةٌ“، وفِيها ثَلاثُ لُغاتٍ: ”خُطُواتٌ“، و”خُطَواتٌ“، و”خُطْواتٌ“، وقَدْ بَيَّنّا العِلَّةَ في هَذا الجَمْعِ فِيما سَلَفَ مِنَ الكِتابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب