الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا في السِّلْمِ كافَّةً﴾ أخْرَجَ غَيْرُ واحِدٍ «عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما - أنَّها نَزَلَتْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وأصْحابِهِ، وذَلِكَ أنَّهم حِينَ آمَنُوا بِالنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ -وآمَنُوا بِشَرائِعِهِ وشَرائِعِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَعَظَّمُوا السَّبْتَ وكَرِهُوا لَحْمانَ الإبِلِ وألْبانِها بَعْدَ ما أسْلَمُوا، فَأنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمُ المُسْلِمُونَ، فَقالُوا: إنّا نَقْوى عَلى هَذا وهَذا، وقالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: إنَّ التَّوْراةَ كِتابُ اللَّهِ - تَعالى - فَدَعْنا فَلْنَعْمَلْ بِها، فَأنْزَلَ اللَّهُ - تَعالى - هَذِهِ الآيَةَ،» فالخِطابُ لِمُؤْمِنِي أهْلِ الكِتابِ، والسُّلَّم بِمَعْنى الإسْلامِ، وكافَّة في الأصْلِ صِفَةٌ مِن كَفَّ بِمَعْنى مَنَعَ، اسْتُعْمِلَ بِمَعْنى الجُمْلَةِ بِعَلاقَةِ أنَّها مانِعَةً لِلْأجْزاءِ عَنِ التَّفَرُّقِ، والتّاءُ فِيهِ لِلتَّأْنِيثِ أوْ لِلنَّقْلِ مِنَ الوَصْفِيَّةِ إلى الِاسْمِيَّةِ كَعامَّةٍ وخاصَّةٍ وقاطِبَةٍ أوْ لِلْمُبالَغَةِ، واخْتارَ الطِّيبِيُّ الأوَّلَ مُدَّعِيًا أنَّ القَوْلَ بِالأخِيرَيْنِ خُرُوجٌ عَنِ الأصْلِ مِن غَيْرِ ضَرُورَةٍ، والشُّمُولُ المُسْتَفادُ مِنهُ شُمُولُ الكُلِّ لِلْأجْزاءِ لا الكُلِّيِّ لِجُزْئِيّاتِهِ ولا الأعَمِّ مِنهُما، ولا يَخْتَصُّ بِمَن يَعْقِلُ، ولا بِكَوْنِهِ حالًا ولا نَكِرَةً خِلافًا لِابْنِ هِشامٍ - ولَيْسَ لَهُ في ذَلِكَ ثَبْتٌ - وهو هُنا حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في ( ادْخَلُوا ) والمَعْنى ادْخُلُوا في الإسْلامِ بِكُلِّيَّتِكُمْ، ولا تَدَعُوا شَيْئًا مِن ظاهِرِكم وباطِنِكم إلّا والإسْلامُ يَسْتَوْعِبُهُ، بِحَيْثُ لا يَبْقى مَكانٌ لِغَيْرِهِ مِن شَرِيعَةِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ -، وقِيلَ: الخِطابُ لِلْمُنافِقِينَ، والسِّلْم بِمَعْنى الِاسْتِسْلامِ والطّاعَةِ عَلى ما هو الأصْلُ فِيهِ، وكافَّة حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ أيْضًا؛ أيِ: اسْتَسْلِمُوا لِلَّهِ - تَعالى - وأطِيعُوهُ جُمْلَةً واتْرُكُوا النِّفاقَ وآمِنُوا ظاهِرًا وباطِنًا، وقِيلَ: الخِطابُ لِكُفّارِ أهْلِ الكِتابِ الَّذِينَ زَعَمُوا الإيمانَ بِشَرِيعَتِهِمْ، والمُرادُ مِنَ السِّلْمِ جَمِيعُ الشَّرائِعِ بِذِكْرِ الخاصِّ وإرادَةِ العامِّ بِناءً عَلى القَوْلِ بِأنَّ الإسْلامَ شَرِيعَةُ نَبِيِّنا - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ -، وحَمْلُ ( اللّامِ ) عَلى الِاسْتِغْراقِ، وكافَّة حالٌ مِنَ السُّلَّمِ والمَعْنى: ادْخُلُوا أيُّها المُؤْمِنُونَ بِشَرِيعَةٍ واحِدَةٍ في الشَّرائِعِ كُلِّها، ولا تُفَرِّقُوا بَيْنَها، وقِيلَ: الخِطابُ لِلْمُسْلِمِينَ الخُلَّصِ، والمُرادُ مِنَ السُّلَّمِ شُعَبُ الإسْلامِ، وكافَّة حالٌ مِنهُ، والمَعْنى: ادْخَلُوا أيُّها المُسْلِمُونَ المُؤْمِنُونَ بِمُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ - في شُعَبِ الإيمانِ كُلِّها، ولا تَخَلَّوْا بِشَيْءٍ مِن أحْكامِهِ. وقالَ الزَّجّاجُ في هَذا الوَجْهِ: المُرادُ مِنَ ( السِّلْمِ ) الإسْلامُ، والمَقْصُودُ أمْرُ المُؤْمِنِينَ بِالثَّباتِ عَلَيْهِ، وفِيهِ: أنَّ التَّعْبِيرَ عَنِ الثَّباتِ عَلى الإسْلامِ بِالدُّخُولِ فِيهِ بَعِيدٌ غايَةَ البُعْدِ، وهَذا ما اخْتارَهُ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ مِن سِتَّةَ عَشَرَ احْتِمالًا في الآيَةِ حاصِلَةٌ مِن ضَرْبِ (p-98)احْتِمالَيِ السُّلَّم في احْتِمالَيْ كافَّة وضَرْبِ المَجْمُوعِ في احْتِمالاتِ الخِطابِ، ومَبْنى ذَلِكَ عَلى أمْرَيْنِ؛ أحَدُهُما أنَّ كافَّةً لِإحاطَةِ الأجْزاءِ، والثّانِي أنَّ مَحَطَّ الفائِدَةِ في الكَلامِ القَيْدُ كَما هو المُقَرَّرُ عِنْدَ البُلَغاءِ، ونَصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ في دَلائِلِ الإعْجازِ، وإذا اعْتُبِرَتِ احْتِمالُ الحالِيَّةِ مِنَ الضَّمِيرِ والظّاهِرِ مَعًا، كَما في قَوْلِهِ: خَرَجْتُ بِها نَمْشِي تَجُرُّ وراءَنا عَلى أثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ بَلَغَتْ الِاحْتِمالاتُ أرْبَعَةً وعِشْرِينَ، ولا يَخْفى ما هو الأوْفَقُ مِنها بِسَبَبِ النُّزُولِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ ونافِعٌ والكِسائِيُّ: ( السَّلْمِ ) بِفَتْحِ السِّينِ، والباقُونَ بِكَسْرِها، وهُما لُغَتانِ مَشْهُورَتانِ فِيهِ، وقَرَأ الأعْمَشُ بِفَتْحِ السِّينِ واللّامِ.
﴿ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ﴾ بِمُخالَفَةِ ما أُمِرْتُمْ بِهِ، أوْ بِالتَّفَرُّقِ في جُمْلَتِكُمْ، أوْ بِالتَّفْرِيقِ بِالشَّرائِعِ أوِ الشُّعَبِ ﴿إنَّهُ لَكم عَدُوٌّ مُبِينٌ 208﴾ ظاهِرُ العَداوَةِ أوْ مَظْهَرٌ لَها، وهو تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ والِانْتِهاءِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱدۡخُلُوا۟ فِی ٱلسِّلۡمِ كَاۤفَّةࣰ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَ ٰتِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق