الباحث القرآني
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَإنْ حاجُّوكَ فَقُلْ أسْلَمْتُ وجْهِيَ لِلَّهِ﴾، إنْ شِئْتَ أسْكَنْتَ الياءَ مِن ”وَجْهِي“، وإنْ شِئْتَ فَتَحْتَها، فَقُلْتَ: ”أسْلَمْتُ وجْهِي لِلَّهِ“، وقَدْ فَسَّرْنا أمْرَ هَذِهِ الياءِ فِيما سَلَفَ، والمَعْنى أنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - أمَرَ النَّبِيَّ ﷺ أنْ يَحْتَجَّ عَلى أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ بِأنَّهُ اتَّبَعَ أمْرَ اللَّهِ الَّذِي هم أجْمَعُونَ مُقِرُّونَ بِأنَّهُ خالِقُهُمْ، فَدَعاهم إلى ما أقَرُّوا بِهِ، وأراهُمُ الدَّلالاتِ، والآياتِ الَّتِي قَدْ شَرَحْنا ذِكْرَها، بِأنَّهُ رَسُولُهُ ﷺ، ومَعْنى ”أسْلَمْتُ وجْهِيَ لِلَّهِ“، أيْ: قَصَدْتُ بِعِبادَتِي إلى اللَّهِ - جَلَّ ثَناؤُهُ - وأقْرَرْتُ أنَّهُ لا إلَهَ غَيْرُهُ، وكَذَلِكَ مَنِ اتَّبَعَنِي، ويَجُوزُ في اللُّغَةِ: ”أسْلَمْتُ وجْهِيَ“، أيْ: أسْلَمْتُ نَفَسِي، قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - ﴿كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إلا وجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]، (p-٣٨٩)وَقالَ: ﴿وَيَبْقى وجْهُ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٢٧]، اَلْمَعْنى: ويَبْقى رَبُّكَ، والمَعْنى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إلّا اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ.
﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾، لَكَ حَذْفُ الياءِ، وإثْباتُها، والأحَبُّ إلَيَّ في هَذا اتِّباعُ المُصْحَفِ، لِأنَّ اتِّباعَهُ سُنَّةٌ، ومُخالَفَتَهُ بِدْعَةٌ، وما حُذِفَ مِن هَذِهِ الياءاتِ - نَحْوَ: ”وَمَنِ اتَّبَعَنِ“، ”لَئِنْ أخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ“، ونَحْوَ: ”فَيَقُولُ رَبِّي أكْرَمَنِ“، ”فَيَقُولُ: رَبِّي أهانَنِ“ - فَهو عَلى ضَرْبَيْنِ مَعَ النُّونِ، فَإذا كانَ رَأْسَ آيَةٍ، فَأهْلُ اللُّغَةِ يُسَمُّونَ أواخِرَ الآيِ ”اَلْفَواصِلَ“، فَيُجِيزُونَ حَذْفَ الياءاتِ، كَما يُجِيزُونَهُ في قَوافِي الشِّعْرِ، كَما قالَ الأعْشى:
؎وَمِن شانِئٍ كاسِفٍ وجْهُهُ ∗∗∗ إذا ما انْتَسَبْتُ لَهُ أنْكَرَنْ
؎وَهَلْ يَمْنَعَنِّي ارْتِيادِي البِلا ∗∗∗ دَ مِن حَذَرِ المَوْتِ أنْ يَأْتِيَنْ
اَلْمَعْنى: ”أنْ يَأْتِيَنِي“، و”أنْكَرَنِي“، فَإذا لَمْ يَكُنْ آخِرَ قافِيَةٍ، أوْ آخِرَ آيَةٍ، فالأكْثَرُ إثْباتُ الياءِ، وحَذْفُها جَيِّدٌ بالِغٌ أيْضًا، بِخاصَّةٍ مَعَ النُّوناتِ، إلّا أنَّ أصْلَ ”اِتَّبَعَنِي“: ”اِتَّبَعَيِ“، ولَكِنَّ النُّونَ زِيدَتْ لِتَسْلَمَ فَتْحَةُ العَيْنِ، فالكَسْرَةُ مَعَ النُّونِ تَنُوبُ عَنِ الياءِ، فَإذا لَمْ تَكُنِ النُّونُ - نَحْوَ ”غُلامِي“، و”صاحِبِي“ - فالأجْوَدُ إثْباتُها، وحَذْفُها مَعَ غَيْرِ النُّونِ أقَلُّ مِنهُ مَعَ النُّونِ، إلّا أنَّهُ جائِزٌ، نَقُولُ: ”هَذا غُلامِ قَدْ جاءَ“، والأجْوَدُ: ”هَذا غُلامِي قَدْ جاءَ“، و”غُلامِيَ قَدْ جاءَ“، بِفَتْحِ الياءِ، وإسْكانِها، وحَذْفُها جائِزٌ، لِأنَّ الكَسْرَةَ دالَّةٌ عَلَيْها.
(p-٣٩٠)وَقَوْلُهُ - تَبارَكَ اسْمُهُ -: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ والأُمِّيِّينَ أأسْلَمْتُمْ﴾، ”اَلَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ“: اَلْيَهُودُ والنَّصارى، والأُمِّيُّونَ: مُشْرِكُو العَرَبِ، لِأنَّهم إنَّما نُسِبُوا إلى ما عَلَيْهِ الأُمَّةُ في الخِلْقَةِ، لِأنَّ الإنْسانَ يُخْلَقُ غَيْرَ كاتِبٍ، فَهَذا مَعْنى ”اَلْأُمِّيِّينَ“، وقالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: مَعْنى ”أأسْلَمْتُمُ الأمْرَ“، مَعْناهُ عِنْدَهُمْ: أسْلِمُوا، وحَقِيقَةُ هَذا الكَلامِ أنَّهُ لَفْظُ اسْتِفْهامٍ مَعْناهُ التَّوْقِيفُ والتَّهْدِيدُ، كَما تَقُولُ لِلرَّجُلِ بَعْدَ أنْ تَأْمُرَهُ وتُؤَكِّدَ عَلَيْهِ: ”أقَبِلْتَ، وإلّا فَأنْتَ أعْلَمُ“، فَأنْتَ إنَّما تَسْألُهُ مُتَوَعِّدًا في مَسْألَتِكَ، لَعَمْرِي هَذا دَلِيلٌ أنَّكَ تَأْمُرُهُ بِأنْ يَفْعَلَ، ومَعْنى ﴿وَإنْ تَوَلَّوْا فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ﴾، أيْ: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ، إنَّما عَلَيْكَ إقامَةُ البُرْهانِ لَهُمْ، فَإذا بَلَّغْتَ فَقَدْ أدَّيْتَ ما عَلَيْكَ.
وَقَوْلُهُ - جَلَّ وعَزَّ -: ﴿واللَّهُ بَصِيرٌ بِالعِبادِ﴾، أيْ: بَصِيرٌ بِما يَقْطَعُ عُذْرَهم فِيما دَلَّهم بِهِ عَلى وحْدانِيَّتِهِ، وتَثْبِيتِ رُسُلِهِ.
{"ayah":"فَإِنۡ حَاۤجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِیَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡأُمِّیِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُوا۟ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ۖ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا عَلَیۡكَ ٱلۡبَلَـٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق