قوله تعالى: ﴿فإن حاجُّوكَ فَقُلْ أَسلمْتُ وَجْهِيَ لِلَّه﴾:
(ذكر) بعضُ العلماء أنه منسوخٌ بقوله: ﴿وَجادِلْهُم بالتِي هِيَ أحْسَن﴾ [النحل: 125].
قال أبو محمد: وهذا إنّما يجوز على قول من قال: إن مِنْ قوله تعالى: ﴿ثم إنَّ رَبَّك لِلذَّينَ هَاجَروا﴾ - في النحل - ألى آخرها مدنيّاً وهو قول قتادة.
[وأكثر العلماء على أن السورة مكية] إلا ثلاث آيات نزلَتْ بين أُحُد والمدينة وهي قوله تعالى: ﴿وإن عاقبتم﴾ إلى آخر السورة، فعلى قول الجماعة: لا يجوز أن تَنْسَخَ ﴿وَجَادِلْهُم بالتِي هِيَ أَحسن﴾ قَوْلَه: ﴿فإن حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّه﴾ لأنَّ المكيَّ لا ينسخُ المدنيَّ [البتَّةَ، ولا يجوز، كيف يَنْسَخُ الشَّيْءَ ما لم ينزل بَعدُ؟!
وهو يجوزُ على قول قتادة؛ لأن المدنيَّ يَنْسَخُ المدنيَّ].
قال أبو محمد: والذي أقولُه إن هذا لا نسخَ فيه؛ لأنَّ قولَه: ﴿فَقُلْ أسلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّه﴾ هو مِن المجادَلة بالتي هي أحسن. فالآيتان مُحْكَمتان.
{"ayah":"فَإِنۡ حَاۤجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِیَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡأُمِّیِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُوا۟ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ۖ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا عَلَیۡكَ ٱلۡبَلَـٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ"}