الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿فَإنْ حاجُّوكَ فَقُلْ أسْلَمْتُ وجْهِيَ لِلَّهِ ومَنِ اتَّبَعَنِ وقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ والأُمِّيِّينَ أأسْلَمْتُمْ فَإنْ أسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وإنْ تَوَلَّوْا فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ واللهُ بَصِيرٌ بِالعِبادِ﴾
"حاجُّوكَ" فاعَلُوكَ مِنَ الحُجَّةِ، والضَمِيرُ في حاجُّوكَ لِلْيَهُودِ ولِنَصارى نَجْرانَ، والمَعْنى: إنْ جادَلُوكَ وتَعَنَّتُوا بِالأقاوِيلِ المُزَوَّرَةِ، والمُغالَطاتِ، فَأسْنِدْ إلى ما كُلِّفْتَ مِنَ الإيمانِ والتَبْلِيغِ، وعَلى اللهِ نَصْرُكَ.
وقَوْلُهُ "وَجْهِيَ" يُحْتَمَلُ أنْ يُرادَ بِهِ المَقْصِدُ كَما تَقُولُ: خَرَجَ فُلانٌ في وجْهِ كَذا، فَيَكُونَ مَعْنى الآيَةِ: جَعَلْتُ مَقْصِدِي لِلَّهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَعْنى الآيَةِ: أسْلَمْتُ شَخْصِي وذاتِي وكُلِّيَّتِي؛ وجَعَلْتُ ذَلِكَ لِلَّهِ. وعَبَّرَ بِالوَجْهِ إذِ الوَجْهُ أشْرَفُ أعْضاءِ الشَخْصِ وأجْمَعُها لِلْحَواسِّ. وقَدْ قالَ حُذّاقُ المُتَكَلِّمِينَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَيَبْقى وجْهُ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٢٧] أنَّها عِبارَةٌ عَنِ الذاتِ. (p-١٨٢)"أسْلَمْتُ" في هَذا المَوْضِعِ بِمَعْنى دَفَعْتُ وأمْضَيْتُ، ولَيْسَتْ بِمَعْنى دَخَلْتُ في السَلْمِ لِأنَّ تِلْكَ لا تَتَعَدّى. وقَوْلُهُ: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ في مَوْضِعِ رَفْعٍ، عُطِفَ عَلى الضَمِيرِ في "أسْلَمْتُ"، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، أىْ: ومَنِ اتَّبَعَنِ أسْلَمَ وجْهَهُ. وقالَ بَعْضُهُمْ: يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا عَلى اسْمِ اللهِ تَعالى كَأنَّهُ يَقُولُ: جَعَلْتُ مَقْصِدِي لِلَّهِ بِالإيمانِ بِهِ والطاعَةِ لَهُ، ولِمَنِ اتَّبَعَنِ بِالحِفْظِ لَهُ والتَحَفِّي بِتَعْلِيمِهِ وصُحْبَتِهِ. ولَكَ في "اتَّبَعَنِ" حَذْفُ الياءِ وإثْباتُها، وحَذْفُها أحْسَنُ اتِّباعًا لِخَطِّ المُصْحَفِ. وهَذِهِ النُونُ إنَّما هي لِتَسْلَمَ فَتْحَةُ لامِ الفِعْلِ، فَهي مَعَ الكَسْرَةِ تُغْنِي عَنِ الياءِ لا سِيَّما إذا كانَتْ رَأْسَ آيَةٍ، فَإنَّها تُشَبَّهُ بِقَوافِي الشِعْرِ، كَما قالَ الأعْشى:
؎ وهَلْ يَمْنَعُنَّ ارْتِيادِي البِلادَ ∗∗∗ مِن حَذَرِ المَوْتِ أنْ يَأْتِيَنْ
ومِن ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿رَبِّي أكْرَمَنِ﴾ [الفجر: ١٥]، فَإذا لَمْ تَكُنْ نُونٌ فَإثْباتُ الياءِ أحْسَنُ، لَكِنَّهم قَدْ قالُوا: هَذا غُلامِ قَدْ جاءَ، فاكْتَفَوْا بِالكَسْرَةِ دَلالَةً عَلى الياءِ.
و( الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ ) في هَذا المَوْضِعِ يَجْمَعُ اليَهُودَ والنَصارى بِاتِّفاقٍ. والأُمِّيُّونَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَكْتُبُونَ، وهُمُالعَرَبُ في هَذِهِ الآيَةِ، وهَذِهِ النِسْبَةُ هي إلى الأُمِّ أو إلى الأُمَّةِ أيْ كَما هي الأُمُّ، أو عَلى حالِ خُرُوجِ الإنْسانِ عَنِ الأُمِّ، أو عَلى حالِ الأُمَّةِ الساذَجَةِ قَبْلَ التَعَلُّمِ والتَحَذُّقِ.
وقَوْلُهُ: "أأسْلَمْتُمْ" تَقْرِيرٌ في ضِمْنِهِ الأمْرُ، كَذا قالَ الطَبَرِيُّ وغَيْرُهُ، "وَذَلِكَ بَيِّنٌ"، وقالَ الزَجّاجُ "أأسْلَمْتُمْ" تَهَدُّدٌ، وهَذا حَسَنٌ، لِأنَّ المَعْنى: أأسْلَمْتُمْ أمْ لا؟ (p-١٨٣)وَقَوْلُهُ: ﴿فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ [البقرة: ١٣٧] جاءَتِ العِبارَةُ بِالماضِي مُبالَغَةً في الإخْبارِ بِوُقُوعِ الهُدى لَهم وتَحَصُّلِهِ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ﴾، ذَكَرَ بَعْضُ الناسِ أنَّها آيَةُ مُوادَعَةٍ، وأنَّها مِمّا نَسَخَتْهُ آيَةُ السَيْفِ. وهَذا يَحْتاجُ أنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مَعْرِفَةُ تارِيخِ نُزُولِها، وأمّا عَلى ظاهِرِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ في وقْتِ وفْدِ نَجْرانَ فَإنَّما المَعْنى: ﴿فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ﴾ بِما فِيهِ قِتالٌ وغَيْرُهُ، والبَلاغُ مَصْدَرُ بَلَغَ بِتَخْفِيفِ عَيْنِ الفِعْلِ. وفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واللهُ بَصِيرٌ بِالعِبادِ﴾ وعْدٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، ووَعِيدٌ لِلْكافِرِينَ..
{"ayah":"فَإِنۡ حَاۤجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِیَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡأُمِّیِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُوا۟ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ۖ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا عَلَیۡكَ ٱلۡبَلَـٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق