الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٢٨) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩) ﴾
يعني تعالى ذكره بقوله ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ الذي أرسل رسوله محمدا ﷺ بالبيان الواضح، وَدِين الحَق، وهو الإسلام؛ الذي أرسله داعيا خلقه إليه ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ يقول: ليبطل به الملل كلها، حتى لا يكون دين سواه، وذلك كان كذلك حتى ينزل عيسى ابن مريم، فيقتل الدجال، فحينئذ تبطل الأديان كلها، غير دين الله الذي بعث به محمدا ﷺ، ويظهر الإسلام على الأديان كلها.
* * *
وقوله ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾
يقول جلّ ثناؤه لنبيه ﷺ: أشهدك يا محمد ربك على نفسه، أنه سيظهر الدين الذي بعثك به ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ يقول: وحسبك به شاهدا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا ابن حُمَيد، قال. ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو بكر الهُذَليّ، عن الحسن ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ يقول: أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الدين كله، وهذا إعلام من الله تعالى نبيه ﷺ، والذين كرهوا الصلح يوم الحديبية من أصحابه، أن الله فاتح عليهم مكة وغيرها من البلدان، مسليهم بذلك عما نالهم من الكآبة والحزن، بانصرافهم عن مكة قبل دخولهموها، وقبل طوافهم بالبيت.
* * *
وقوله ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾
يقول تعالى ذكره: محمد رسول الله وأتباعه من أصحابه الذين هم معه على دينه، ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ ، غليظة عليهم قلوبهم، قليلة بهم رحمتهم ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ يقول: رقيقة قلوب بعضهم لبعض، لينة أنفسهم لهم، هينة عليهم لهم.
كما:-
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ ألقى الله في قلوبهم الرحمة، بعضهم لبعض ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا﴾ يقول: تراهم ركعا أحيانا لله في صلاتهم سجدا أحيانا ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ﴾ يقول: يلتمسون بركوعهم وسجودهم وشدّتهم على الكفار ورحمة بعضهم بعضا، فضلا من الله، وذلك رحمته إياهم، بأن يتفضل عليهم، فيُدخلهم جنته ﴿وَرِضْوَانًا﴾ يقول: وأن يرضى عنهم ربهم.
* * *
وقوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾
يقول: علامتهم في وجوههم من أثر السجود في صلاتهم.
ثم اختلف أهل التأويل في السيما الذي عناه الله في هذا الموضع، فقال بعضهم: ذلك علامة يجعلها الله في وجوه المؤمنين يوم القيامة، يعرفون بها لما كان من سجودهم له في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة.
⁕ حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله العتكي، عن خالد الحنفي، قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: يعرف ذلك يوم القيامة في وجوههم من أثر سجودهم في الدنيا، وهو كقوله ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ .
⁕ حدثني عبيد بن أسباط بن محمد، قال: ثنا أبي، عن فضيل بن مروزق، عن عطية، في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: مواضع السجود من وجوههم يوم القيامة أشد وجوههم بياضا.
⁕ حدثنا محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا ابن فضيل، عن فضيل، عن عطية، بنحوه.
⁕ حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيل، عن فضيل، عن عطية، بنحوه.
⁕ حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: أخبرنا فضيل، عن عطية، مثله.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت شبيبا يقول عن مقاتل بن حيان، قال: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: النور يوم القيامة.
⁕ حدثنا ابن سنان القزاز، قال: ثنا هارون بن إسماعيل، قال: قال عليّ بن المبارك: سمعت غير واحد عن الحسن، في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: بياضا في وجوههم يوم القيامة.
وقال آخرون: بل ذلك سيما الإسلام وَسمْته وخشوعه، وعنى بذلك أنه يرى من ذلك عليهم في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ قال: السَّمْت الحَسَن.
⁕ قال: ثنا مجاهد، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا الحسن بن معاوية، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: أما إنه ليس بالذي ترون، ولكنه سيما الإسلام وسَحْنته وسَمته وخشوعه.
⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: الخشوع والتواضع.
⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، مثله.
⁕ قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: الخشوع.
⁕ حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، في هذه الآية ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: السَّحْنة.
⁕ حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: هو الخشوع، فقلت: هو أثر السجود، فقال: إنه يكون بين عينيه مثل ركبة العنز وهو كما شاء الله.
وقال آخرون: ذلك أثر يكون في وجوه المصلين، مثل أثر السهر، الذي يظهر في الوجه مثل الكلف والتهيج والصفرة، وأشبه ذلك مما يظهره السهر والتعب في الوجه، ووجهوا التأويل في ذلك إلى أنه سيما في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن رجل، عن الحسن ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: الصفرة.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، قال: زعم الشيخ الذي كان يقصّ في عُسر، وقرأ ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ فزعم أنه السهر يرى في وجوههم.
⁕ حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يعقوب القمِّيُّ، عن حفص، عن شَمِر بن عَطية، في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ قال: تهيج في الوجه من سهر الليل.
وقال آخرون: ذلك آثار ترى في الوجه من ثرى الأرض، أو نَدَى الطَّهُور.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا حوثرة بن محمد المنقري، قال: ثنا حماد بن مسعدة؛ وحدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا حرير جميعا عن ثعلبة بن سهيل، عن جعفر بن أبي المُغيرة، عن سعيد بن جُبير، في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: ثرى الأرض، وندى الطَّهُور.
⁕ حدثنا ابن سنان القزّاز، قال: ثنا هارون بن إسماعيل، قال: ثناء عليّ بن المبارك، قال: ثنا مالك بن دينار، قال: سمعت عكرِمة يقول ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال: هو أثر التراب.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبرنا أن سيما هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في وجوههم من أثر السجود، ولم يخصّ ذلك على وقت دون وقت. وإذ كان ذلك كذلك، فذلك على كلّ الأوقات، فكان سيماهم الذي كانوا يعرفون به في الدنيا أثر الإسلام، وذلك خشوعه وهديه وزهده وسمته، وآثار أداء فرائضه وتطوّعِه، وفي الآخرة ما أخبر أنهم يعرفون به، وذلك الغرّة في الوجه والتحجيل في الأيدي والأرجل من أثر الوضوء، وبياض الوجوه من أثر السجود.
وبنحو الذي قلنا في معنى السيما قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ يقول: علامتهم أو أعلمتهم الصلاة.
* * *
وقوله ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾
يقول: هذه الصفة التي وصفت لكم من صفة أتباع محمد ﷺ الذين معه صفتهم في التوراة.
* * *
وقوله ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾
يقول: وصفتهم في إنجيل عيسى صفة زرع أخرج شطأه، وهو فراخه، يقال منه: قد أشطأ الزرع: إذا فرَّخ فهو يشطّي إشطاء، وإنما مثلهم بالزرع المشطئ، لأنهم ابتدءوا في الدخول في الإسلام، وهم عدد قليلون، ثم جعلوا يتزايدون، ويدخل فيه الجماعة بعدهم، ثم الجماعة بعد الجماعة، حتى كثر عددهم، كما يحدث في أصل الزرع الفرخ منه، ثم الفرخ بعده حتى يكثر وينمي.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ أصحابه مثلهم، يعني نعتهم مكتوبا في التوراة والإنجيل قبل أن يخلق السموات والأرض.
⁕ حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قالة: ثنا عبيد، عن الضحاك ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ ... إلى قوله ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾ ثم قال ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ ... الآية.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ذلك ﴿مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾ : أي هذا المثل في التوراة ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ فهذا مثل أصحاب رسول الله ﷺ في الإنجيل.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ قال ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ .
⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾ يعني السيما في الوجوه مثلهم في التوراة، وليس بمثلهم في الإنجيل، ثم قال عزّ وجلّ: ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ ... الآية، هذا مثلهم في الإنجيل.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ .
⁕ حدثني عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن جُويبر، عن الضحاك في قول الله: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ ... الآية، قال: هذا مثلهم في التوراة، ومثل آخر في الإنجيل ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ﴾ الآية.
وقال آخرون: هذان المَثَلان في التوراة والإنجيل مثلهم.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾ والإنجيل واحد.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: مثلهم في التوراة، غير مثَلهم في الإنجيل، وإن الخبر عن مثلهم في التوراة متناه عند قوله ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾ وذلك أن القول لو كان كما قال مجاهد من أن مثلهم في التوراة والإنجيل واحد، لكان التنزيل: ومثلهم في الإنجيل، وكزرع أخرج شطأه، فكان تمثيلهم بالزرع معطوفا على قوله ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ حتى يكون ذلك خبرا عن أن ذلك مَثلهم في التوراة والإنجيل، وفي مجيء الكلام بغير واو في قوله ﴿كَزَرْعٍ﴾ دليل بَيِّن على صحة ما قُلْنا، وأن قولهم ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ﴾ خبر مبتدأ عن صفتهم التي هي في الإنجيل دون ما في التوراة منها.
وبنحو الذي قلنا في قوله ﴿أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: بينا عبد الله يقرئ رجلا عند غروب الشمس، إذ مرّ بهذه الآية ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ قال: أنتم الزرع، وقد دنا حصادكم.
⁕ قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن حُمَيد الطويل، قال: قرأ أنس بن مالك: ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ﴾ قال: تدرون ما شطأه؟ قال: نباته.
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ قال: سنبله حين يتسلع نباته عن حباته.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ قال: هذا مثل أصحاب محمد ﷺ في الإنجيل، قيل لهم: إنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، منهم قوم يأمرون بالمعروف، وينهوْن عن المنكر.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة والزهريّ ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ قالا أخرج نباته.
⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ يعني: أصحاب محمد ﷺ، يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون ويستغلظون.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ أولاده، ثم كثرت أولاده.
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ قال: ما يخرج بجنب الحقلة فيتمّ وينمي.
* * *
وقوله ﴿فَآزَرَهُ﴾
يقول: فقوّاه: أي قوى الزرعَ شطأه وأعانه، وهو من الموازرة التي بمعنى المعاونة ﴿فَاسْتَغْلَظَ﴾ يقول: فغلظ الزرع ﴿فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾ والسوق: جمع ساق، وساق الزرع والشجر: حاملته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﴿فآزَرَهُ﴾ يقول: نباته مع التفافه حين يسنبل ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ﴾ فهو مثل ضربه لأهل الكتاب إذا خرج قوم ينبتون كما ينبت الزرع فيبلغ فيهم رجال يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ثم يغلظون، فهم أولئك الذين كانوا معهم. وهو مَثل ضربه الله لمحمد ﷺ يقول: بعث الله النبيّ وحده، ثم اجتمع إليه ناس قليل يؤمنون به، ثم يكون القليل كثيرا، ويستغلظون، ويغيظ الله بهم الكفار.
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ﴿فَآزَرَهُ﴾ قال: فشدّه وأعانه.
* * *
وقوله ﴿عَلَى سُوقِهِ﴾
قال: أصوله.
⁕ حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة والزهري ﴿فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾ يقول: فتلاحق.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿فَآزَرَهُ﴾ اجتمع ذلك فالتفتّ؛ قال: وكذلك المؤمنون خرجوا وهم قليل ضعفاء، فلم يزل الله يزيد فيهم، ويؤيدهم بالإسلام، كما أيَّد هذا الزرع بأولاده، فآزره، فكان مثلا للمؤمنين.
⁕ حدثني عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن جُوَيبر، عن الضحاك ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾ يقول: حبّ برّ نثر متفرّقا، فتنبت كلّ حبة واحدة، ثم أنبتت كل واحدة منها، حتى استغلظ فاستوى على سوقه؛ قال: يقول: كان أصحاب محمد ﷺ قليلا ثم كثروا، ثم استغلظوا ﴿لِيَغِيظَ﴾ الله ﴿بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ .
* * *
وقوله ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾
يقول تعالى ذكره: يعجب هذا الزرعُ الذي استغلظ فاستوى على سوقه في تمامه وحُسن نباته، وبلوغه وانتهائه الذين زرعوه ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ يقول: فكذلك مثل محمد ﷺ وأصحابه، واجتماع عددهم حتى كثروا ونموا، وغلظ أمرهم كهذا الزرع الذي وصف جلّ ثناؤه صفته، ثم قال ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ فدلّ ذلك على متروك من الكلام، وهو أن الله تعالى فعل ذلك بمحمد ﷺ وأصحابه ليغيظ بهم الكفار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ يقول الله: مثلهم كمثل زرع أخرج شطأه فآزَره، فاستغلظ، فاستوى على سوقه، حتى بلغ أحسن النبات، يُعْجِب الزرّاع من كثرته، وحُسن نباته.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾ قال: يعجب الزرّاع حُسنه ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ بالمؤمنين، لكثرتهم، فهذا مثلهم في الإنجيل.
* * *
وقوله ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾
يقول تعالى ذكره: وعد الله الذين صدّقوا الله ورسوله ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ يقول: وعملوا بما أمرهم الله به من فرائضه التي أوجبها عليهم.
* * *
وقوله ﴿مِنْهُمْ﴾
يعني: من الشطء الذي أخرجه الزرع، وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع الذي وصف ربنا تبارك وتعالى صفته. والهاء والميم في قوله ﴿مِنْهُمْ﴾ عائد على معنى الشطء لا على لفظه، ولذلك جمع فقيل: "منهم"، ولم يقل "منه". وإنما جمع الشطء لأنه أريد به من يدخل في دين محمد ﷺ إلى يوم القيامة بعد الجماعة الذين وصف الله صفتهم بقوله ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا﴾ .
* * *
وقوله ﴿وَمَغْفِرَةً﴾
يعني: عفوا عما مضى من ذنوبهم، وسيئ أعمالهم بحسنها.
* * *
وقوله ﴿وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾
يعني: وثوابا جزيلا وذلك الجنة.
آخر تفسير سورة الفتح
{"ayahs_start":28,"ayahs":["هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدࣰا","مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّاۤءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَاۤءُ بَیۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعࣰا سُجَّدࣰا یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰنࣰاۖ سِیمَاهُمۡ فِی وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَ ٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِی ٱلۡإِنجِیلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ یُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِیَغِیظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمَۢا"],"ayah":"هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق