الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢٨] ﴿هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ وكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ . ﴿هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى﴾ أيِ: البَيانِ الواضِحِ: ﴿ودِينِ الحَقِّ﴾ أيِ: الإسْلامِ. (p-٥٤٣١)وقالَ المَهايِمِيُّ: " بِالهُدى " أيِ: الدَّلائِلِ القَطْعِيَّةِ: " ودِينِ الحَقِّ " أيْ: الِاعْتِقاداتِ الصّائِبَةِ المُطابِقَةِ لِما هو الواقِعُ أشَدَّ مُطابَقَةً. وقالَ ابْنُ كَثِيرٍ: أيْ: بِالعِلْمِ النّافِعِ، والعَمَلِ الصّالِحِ، فَإنَّ الشَّرِيعَةَ تَشْتَمِلُ عَلى شَيْئَيْنِ: عِلْمٍ وعَمَلٍ. فالعِلْمُ الشَّرْعِيُّ صَحِيحٌ، والعَمَلُ الشَّرْعِيُّ مَقْبُولٌ، فَإخْباراتُها حَقٌّ، وإنْشاءاتُها عَدْلٌ ﴿لِيُظْهِرَهُ﴾ أيْ: لِيُعْلِيَهُ: ﴿عَلى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أيْ: لِيُبْطِلَ بِهِ المِلَلَ كُلَّها، حَتّى لا يَكُونَ دِينٌ سِواهُ. وذَلِكَ حِينَ يَنْزِلُ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ، فَيَقْتُلُ الدَّجّالَ، فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ الأدْيانُ كُلُّها، غَيْرَ دِينِ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ مُحَمَّدًا ﷺ، ويُظْهِرُ الإسْلامَ عَلى الأدْيانِ كُلِّها. انْتَهى. وقالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ: قَدْ أظْهَرَهُ اللَّهُ عِلْمًا، وحُجَّةً، وبَيانًا عَلى كُلِّ دِينٍ، كَما أظْهَرَهُ قُوَّةً ونَصْرًا وتَأْيِيدًا، وقَدِ امْتَلَأتِ الأرْضُ مِنهُ، ومِن أُمَّتِهِ في مَشارِقِ الأرْضِ، ومَغارِبِها، وسُلْطانُهم دائِمٌ لا يَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يُزِيلَهُ، كَما زالَ مُلْكُ اليَهُودِ، وزالَ مُلْكُ مَن بَعْدَهم عَنْ خِيارِ الأرْضِ، وأوْسَطِها. انْتَهى. ﴿وكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ أيْ: عَلى أنَّ ما وعَدَهُ مِن إظْهارِ دِينِهِ عَلى جَمِيعِ الأدْيانِ، أوِ الفَتْحِ أوِ المَغانِمِ كائِنٌ. قالَ الحَسَنُ: شَهِدَ لَكَ عَلى نَفْسِهِ أنَّهُ سَيُظْهِرُ دِينَكَ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وهَذا إعْلامٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى نَبِيَّهُ ﷺ، والَّذِينَ كَرِهُوا الصُّلْحَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ مِن أصْحابِهِ أنَّ اللَّهَ فاتِحٌ عَلَيْهِمْ مَكَّةَ، وغَيْرَها مِنَ البُلْدانِ، مُسَلِّيهِمْ بِذَلِكَ عَمّا نالَهم مِنَ الكَآبَةِ والحُزْنِ، بِانْصِرافِهِمْ عَنْ مَكَّةَ قَبْلَ دُخُولِها، وقَبْلَ طَوافِهِمْ بِالبَيْتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب