الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: وَمَنْ أَظْلَمُ يعني: من أشد في كفره مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ يعني:
اختلق على الله الْكَذِبَ وهم اليهود. وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ يعني: إلى دين محمد ﷺ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يعني: لا يرشدهم. ويقال: لا يرحمهم ما داموا على كفرهم. ثم قال عز وجل: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ يعني: ليبطلوا دين الله بقولهم: وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ يعني: مظهر توحيده وكتابه، وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ يعني: وإن كره اليهود والنصارى. قرأ حمزة، والكسائي، وابن عامر، وعاصم في رواية حفص: وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ على معنى الإضافة، والباقون مُتِمُّ بالتنوين نُورِهِ بالنصب. فمتم فاعل ونصب نوره، لأنه مفعول به.
ثم قال عز وجل: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى يعني: بالتوحيد وَدِينِ الْحَقِّ يعني: الشهادة لا إله إلا الله. لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ يعني: على الأديان كلها. قال مقاتل:
وقد فعل، ويقال: إنه يكون في آخر الزمان، لا يبقى أحد إلا مسلم أو ذمة للمسلم. وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ يعني: وإن كرهوا ذلك.
ثم قال عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ، يعني: من عذاب دائم. قرأ ابن عامر تُنْجِيكُمْ بالتشديد، والباقون بالتخفيف، وهما لغتان.
أنجاه ونجاه بمعنى واحد. ثم بيَّن لهم تلك التجارة، فقال عز وجل: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ يعني:
تصدقون بتوحيد الله وَرَسُولِهِ يعني: وتصدقون برسوله، وبما جاء به من عنده.
وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ، فقدم ذكر المال، لأن الإنسان ربما يضر بماله ما لا يضر بنفسه، ولأنه إذا كان له مال، فإنه يؤخذ به النفس ليغزو. ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ يعني:
التصديق والجهاد خير لكم من تركهما. إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يعني: تعلمون ثواب الله تعالى، ويقال: يعلمون يعني: يصدقون.
ثم بين ثواب ذلك العمل. فقال: يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ يعني: إن فعلتم ذلك العمل، يغفر لكم ذنوبكم. وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً يعني: يدخلكم منازل الجنة فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يعني: النجاة الوافرة. ثم قال عز وجل:
وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ يعني: تجارة أخرى تحبونها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ يعني: ولكم سوى الجنة أيضاً عدة أخرى في الدنيا تحبونها، ويقال: معناه ونجاة أخرى تحبونها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ يعني: هي النصرة من الله تعالى على عدوكم، وَفَتْحٌ قَرِيبٌ يعني: ظفراً سريعاً عاجلاً في الدنيا والجنة في الآخرة.
ثم قال: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يعني: بشرهم بالجنة. ثم قال عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ، قرأ ابن كثير، ونافع وأبو عمرو أنصارا لله بالتنوين، والباقون أَنْصارَ اللَّهِ بالإضافة، ومعناهما واحد يعني: كونوا أعوان الله بالسيف على أعدائه، ومعناه:
انصروا الله، وانصروا دين الله، وانصروا محمدا ﷺ، كما نصر الحواريون عيسى ابن مريم.
وهو قوله تعالى: كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ يعني: من أعواني إلى الله، ويقال: إنما سموا الحواريون لبياض ثيابهم، ويقال: كانوا قصارين، ويقال:
خلصاؤه وصفوته. كما قال النبيّ ﷺ: «الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي وَحَوارِيَّ مِنْ أُمَّتِي» . وتأويل الحواريين في اللغة، الذين أخلصوا وتبرؤوا من كل عيب وكذلك الدقيق الحواري، لأنه ينتقى من لباب البرّ. وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إنما سموا الحواريين لبياض ثيابهم، وكانوا صيادين. وروى عبد الرزاق، عن معمر قال: تلا قتادة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ قال: وقد كان ذلك بحمد الله جاءه السبعون، فبايعوه عند العقبة فنصروه وآووه، حتى أظهر الله دينه.
قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ يعني: نحن أعوانك مع الله، فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ يعني: بعيسى- عليه السلام- ويقال: فآمنت طائفة من بني إسرائيل بمحمد ﷺ، وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ يعني: جماعة منهم. فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ يعني: قوينا الذين آمنوا على عدوهم من الكفار، فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ، فصاروا غالبين بالنصرة، والحجة والله أعلم بالصواب.
{"ayahs_start":7,"ayahs":["وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُوَ یُدۡعَىٰۤ إِلَى ٱلۡإِسۡلَـٰمِۚ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ","یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ","هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَـٰرَةࣲ تُنجِیكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِیمࣲ","تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَ ٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ","یَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡ وَیُدۡخِلۡكُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ وَمَسَـٰكِنَ طَیِّبَةࣰ فِی جَنَّـٰتِ عَدۡنࣲۚ ذَ ٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ","وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحࣱ قَرِیبࣱۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُونُوۤا۟ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَ لِلۡحَوَارِیِّـۧنَ مَنۡ أَنصَارِیۤ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِۖ فَـَٔامَنَت طَّاۤىِٕفَةࣱ مِّنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ وَكَفَرَت طَّاۤىِٕفَةࣱۖ فَأَیَّدۡنَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ عَلَىٰ عَدُوِّهِمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ ظَـٰهِرِینَ"],"ayah":"هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق